بشهادة مُحركات البحث، فإن اسم الفنان المصري محمد رمضان بات يرتبط بالنقد والجدل أكثر مما يرتبط بأعماله الفنية، والنقاشات الفنية المرتبطة بجودتها. ويبدو بنظرة مُجردة على تاريخ هذا الجدل أن وتيرة الانتقادات الحادة التي يتعرض لها رمضان لا تُثير غضبه، بقدر ما تُنعش دائرته الفنية التي يبدو أنها لا يمكن لها الصمود بعيداً عن فضاءات الجدل.
ففي أعقاب تصاعد الجدل الأخير بعد إعلان حصوله على الدكتوراه الفخرية في لبنان وحصوله على لقب «سفير الشباب العربي» من المركز الثقافي الألماني في لبنان، وحملة التبرؤ من منحه هذه الدرجة الرفيعة، لم يُبدِ رمضان أي تعليق إلا بأن قام بنشر صورة له على طائرته الخاصة بصحبة ابنه وهما يتناولان الإفطار، يلتفت فيها برأسه للخلف في مواجهة عدسة الكاميرا وكتب في نبرة ساخرة: «لا أنظر خلفي إلا لالتقاط صورة».
ويبدو هذا النهج «غير المكترث» بالانتقادات مألوفاً لدى رمضان، فيمكن هنا استدعاء ردود أفعاله التي واكبت أزمة فيديو «قمرة الطائرة» التي تسببت في إيقاف الطيار المصري أشرف أبو اليسر عن العمل، بما وصل بالقضية لأروقة القضاء، وبلوغها نفقاً درامياً محزناً بعد تدهور الحالة الصحية للطيار أبو اليسر وسط تعاطف كبير من الجمهور، فيما انساق رمضان في سخريته من تلك الأزمة وقام قبيل وفاة الطيار بنشر فيديو له وهو يقوم بإلقاء «دولارات» في مسبحه، في إشارة ضمنية لعدم اكتراثه بأموال التعويض المالي التي استحقها الطيار الراحل، ومع تصاعد نبرة الغضب من استخفافه بالأزمة الحادة التي تسبب فيها في حياة الطيار أبو اليسر، ادعى أن نشره لهذا المقطع كان مجرد مُصادفة وأنه مقطع من فيديو كليب جديد له.
ويقول الناقد الفني الدكتور شريف صالح لـ«الشرق الأوسط»، إن جوهر أزمة محمد رمضان هو «ركوب الترند»، مضيفاً: «الترند أصبح كوحش افتراضي عظيم يبتلع كل شيء، وما لم تكن في الضوء سوف تنتهي إلى النسيان بعد 24 ساعة».
ويعود هوس احتلال «الترند» في حالة محمد رمضان لأغنيته الشهيرة «نمبر وان» التي انتقلت من مجرد أغنية إلى لقب حليف مقترن باسمه، ومصطلح راسخ يتسرب في أعماله وصوره على صفحاته الشخصية على مواقع التواصل.
ووفق صالح، فإن «رمضان يريد أن يبقى اسمه صورة في (السوشيال ميديا) مثل الصيدليات المفتوحة على مدار الساعة، وغالباً ليس مطلوباً كي يتحدث عنك الناس أن تقدم للناس حقيقة، بل الأفضل لو كانت شائعة أو كذبة. فالناس لا تحب الثرثرة عن أعمال إبداعية جادة بل الأفضل لو كانت (حواديت) خفيفة عن الزواج والطلاق وقصص الحب السرية والسيارات الفارهة والتقاط صورة مع الأسد والثعبان».
ويضيف الناقد الفني أن «رمضان يدرك طبيعة الترند وشروطه الجمالية، ويعرف كيف يعود إلى (ركوبه) كل بضعة أيام، وإن لم يجد مغنياً إسرائيلياً لالتقاط صورة معه، فيقوم بتصوير نفسه بملابس غريبة أو عارية. وطالما أن محركات البحث تلهج باسمه، فهذا يعني عروضاً إعلانية من شركات، وحفلات غنائية، ومشاريع أفلام ومسلسلات، فهو (نجم) بشهادة (الترندات) التي لا تنتهي. ولذلك هو يدرك أهمية تغذية (الترند) ولا يتردد في دفع القليل من الأموال، لضمان تحريكه. وربما لديه (خلايا نائمة) لإثارة اللغط حوله، إذا نسيه الناس قليلاً، والدفاع عنه ضد مهاجميه. فعالم (الترند) له أدواته وحيله وجيوشه».
وتابع: تتشبع أعمال رمضان بصيغة يغلب عليها فكرة النجم الأوحد ذي الملامح الأسطورية، سواء في أغانيه أو أفلامه أو مسلسلاته، بداية من «نمبر وان» و«قلب الأسد» و«نسر الصعيد» و«الأسطورة» و«البرنس»، ويحيط تلك الأعمال عادة بأداء تمثيلي جامد يستمد قوامه من ثيمات القوة والانتقام، غير مكترث للنقد الذي يرى أنه يكرر نفسه ويسعى لعدم مغادرة مربع البطولة المطلقة لصالح تجربة أدوار بسمات إنسانية مختلفة.
«غالباً ينظر رمضان إلى مخالفيه باعتبارهم من عصر الديناصورات، لا يفهمون سر الخلطة. ويريدون منه أن يكون مطرباً بمعايير عبد الحليم حافظ أو ممثلاً على طريقة عمر الشريف»، حسب الناقد شريف صالح. ويضيف صالح: «هو لا هذا ولا ذاك، هو (ابن الترند) ومدين لنجاحه وظاهرته طوال عشر سنوات لهذا الاختراع. وما يكتب عنه من تعليقات وشتائم في العالم الافتراضي، يفوق مليون مرة ما يكتب عن مسلسلاته وأغانيه».
محمد رمضان... أسطورة «الترند» وعاشق الانتقادات
تبرؤ ألماني ـ لبناني من منحه «الدكتوراه الفخرية» ولقب «سفير الشباب»
محمد رمضان... أسطورة «الترند» وعاشق الانتقادات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة