محمد رمضان... أسطورة «الترند» وعاشق الانتقادات

تبرؤ ألماني ـ لبناني من منحه «الدكتوراه الفخرية» ولقب «سفير الشباب»

الصورة التي نشرها محمد رمضان في أعقاب جدل حصوله على الدكتوراه (صفحته على «فيسبوك»)
الصورة التي نشرها محمد رمضان في أعقاب جدل حصوله على الدكتوراه (صفحته على «فيسبوك»)
TT

محمد رمضان... أسطورة «الترند» وعاشق الانتقادات

الصورة التي نشرها محمد رمضان في أعقاب جدل حصوله على الدكتوراه (صفحته على «فيسبوك»)
الصورة التي نشرها محمد رمضان في أعقاب جدل حصوله على الدكتوراه (صفحته على «فيسبوك»)

بشهادة مُحركات البحث، فإن اسم الفنان المصري محمد رمضان بات يرتبط بالنقد والجدل أكثر مما يرتبط بأعماله الفنية، والنقاشات الفنية المرتبطة بجودتها. ويبدو بنظرة مُجردة على تاريخ هذا الجدل أن وتيرة الانتقادات الحادة التي يتعرض لها رمضان لا تُثير غضبه، بقدر ما تُنعش دائرته الفنية التي يبدو أنها لا يمكن لها الصمود بعيداً عن فضاءات الجدل.
ففي أعقاب تصاعد الجدل الأخير بعد إعلان حصوله على الدكتوراه الفخرية في لبنان وحصوله على لقب «سفير الشباب العربي» من المركز الثقافي الألماني في لبنان، وحملة التبرؤ من منحه هذه الدرجة الرفيعة، لم يُبدِ رمضان أي تعليق إلا بأن قام بنشر صورة له على طائرته الخاصة بصحبة ابنه وهما يتناولان الإفطار، يلتفت فيها برأسه للخلف في مواجهة عدسة الكاميرا وكتب في نبرة ساخرة: «لا أنظر خلفي إلا لالتقاط صورة».
ويبدو هذا النهج «غير المكترث» بالانتقادات مألوفاً لدى رمضان، فيمكن هنا استدعاء ردود أفعاله التي واكبت أزمة فيديو «قمرة الطائرة» التي تسببت في إيقاف الطيار المصري أشرف أبو اليسر عن العمل، بما وصل بالقضية لأروقة القضاء، وبلوغها نفقاً درامياً محزناً بعد تدهور الحالة الصحية للطيار أبو اليسر وسط تعاطف كبير من الجمهور، فيما انساق رمضان في سخريته من تلك الأزمة وقام قبيل وفاة الطيار بنشر فيديو له وهو يقوم بإلقاء «دولارات» في مسبحه، في إشارة ضمنية لعدم اكتراثه بأموال التعويض المالي التي استحقها الطيار الراحل، ومع تصاعد نبرة الغضب من استخفافه بالأزمة الحادة التي تسبب فيها في حياة الطيار أبو اليسر، ادعى أن نشره لهذا المقطع كان مجرد مُصادفة وأنه مقطع من فيديو كليب جديد له.
ويقول الناقد الفني الدكتور شريف صالح لـ«الشرق الأوسط»، إن جوهر أزمة محمد رمضان هو «ركوب الترند»، مضيفاً: «الترند أصبح كوحش افتراضي عظيم يبتلع كل شيء، وما لم تكن في الضوء سوف تنتهي إلى النسيان بعد 24 ساعة».
ويعود هوس احتلال «الترند» في حالة محمد رمضان لأغنيته الشهيرة «نمبر وان» التي انتقلت من مجرد أغنية إلى لقب حليف مقترن باسمه، ومصطلح راسخ يتسرب في أعماله وصوره على صفحاته الشخصية على مواقع التواصل.
ووفق صالح، فإن «رمضان يريد أن يبقى اسمه صورة في (السوشيال ميديا) مثل الصيدليات المفتوحة على مدار الساعة، وغالباً ليس مطلوباً كي يتحدث عنك الناس أن تقدم للناس حقيقة، بل الأفضل لو كانت شائعة أو كذبة. فالناس لا تحب الثرثرة عن أعمال إبداعية جادة بل الأفضل لو كانت (حواديت) خفيفة عن الزواج والطلاق وقصص الحب السرية والسيارات الفارهة والتقاط صورة مع الأسد والثعبان».
ويضيف الناقد الفني أن «رمضان يدرك طبيعة الترند وشروطه الجمالية، ويعرف كيف يعود إلى (ركوبه) كل بضعة أيام، وإن لم يجد مغنياً إسرائيلياً لالتقاط صورة معه، فيقوم بتصوير نفسه بملابس غريبة أو عارية. وطالما أن محركات البحث تلهج باسمه، فهذا يعني عروضاً إعلانية من شركات، وحفلات غنائية، ومشاريع أفلام ومسلسلات، فهو (نجم) بشهادة (الترندات) التي لا تنتهي. ولذلك هو يدرك أهمية تغذية (الترند) ولا يتردد في دفع القليل من الأموال، لضمان تحريكه. وربما لديه (خلايا نائمة) لإثارة اللغط حوله، إذا نسيه الناس قليلاً، والدفاع عنه ضد مهاجميه. فعالم (الترند) له أدواته وحيله وجيوشه».
وتابع: تتشبع أعمال رمضان بصيغة يغلب عليها فكرة النجم الأوحد ذي الملامح الأسطورية، سواء في أغانيه أو أفلامه أو مسلسلاته، بداية من «نمبر وان» و«قلب الأسد» و«نسر الصعيد» و«الأسطورة» و«البرنس»، ويحيط تلك الأعمال عادة بأداء تمثيلي جامد يستمد قوامه من ثيمات القوة والانتقام، غير مكترث للنقد الذي يرى أنه يكرر نفسه ويسعى لعدم مغادرة مربع البطولة المطلقة لصالح تجربة أدوار بسمات إنسانية مختلفة.
«غالباً ينظر رمضان إلى مخالفيه باعتبارهم من عصر الديناصورات، لا يفهمون سر الخلطة. ويريدون منه أن يكون مطرباً بمعايير عبد الحليم حافظ أو ممثلاً على طريقة عمر الشريف»، حسب الناقد شريف صالح. ويضيف صالح: «هو لا هذا ولا ذاك، هو (ابن الترند) ومدين لنجاحه وظاهرته طوال عشر سنوات لهذا الاختراع. وما يكتب عنه من تعليقات وشتائم في العالم الافتراضي، يفوق مليون مرة ما يكتب عن مسلسلاته وأغانيه».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».