إردوغان يرسم صورة متفائلة لاقتصاد تركيا والخزانة الأميركية تمحوها

المعارضة تضغط مجدداً لكشف مصير 128 مليار دولار من الاحتياطي

أكد تقرير لوزارة الخزانة الأميركية أن تركيا لا تزال تواجه إحدى أسوأ أزماتها المالية والاقتصادية (رويترز)
أكد تقرير لوزارة الخزانة الأميركية أن تركيا لا تزال تواجه إحدى أسوأ أزماتها المالية والاقتصادية (رويترز)
TT

إردوغان يرسم صورة متفائلة لاقتصاد تركيا والخزانة الأميركية تمحوها

أكد تقرير لوزارة الخزانة الأميركية أن تركيا لا تزال تواجه إحدى أسوأ أزماتها المالية والاقتصادية (رويترز)
أكد تقرير لوزارة الخزانة الأميركية أن تركيا لا تزال تواجه إحدى أسوأ أزماتها المالية والاقتصادية (رويترز)

رسم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان صورة متفائلة للاقتصاد في بلاده، في حين كشفت وزارة الخزانة الأميركية عن أزمة حقيقية يعيشها اقتصاد تركيا، وعن تراجع حاد مستمر في استثمارات تركيا في أدوات الدين الأميركية.
وعدد إردوغان، في سلسلة تغريدات على «تويتر»، الإنجازات التي حققتها حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة خلال 19 عاماً في مجالات الاقتصاد والصناعة والبيئة والتمدن العمراني والطاقة والزراعة والثقافة والسياحة والصناعات الدفاعية والتكنولوجيا.
وقال إردوغان إن حكومات العدالة والتنمية ساهمت في رفع متوسط نسبة النمو السنوية من أقل من 1 في المائة إلى 5.1 في المائة، مضيفاً: «رفعنا حجم استثماراتنا على أساس سنوي من 70 مليار ليرة تركية إلى 1.4 تريليون ليرة، وصادراتنا من 36 مليار دولار إلى 170 ملياراً عام 2020. واستطعنا تحويل عجز الحساب الجاري إلى فائض في عام 2019، وسنحقق ذلك مجددًا. كما وفرنا فرص عمل لـ9 ملايين شخص على مدار 19 عاماً».
وبالنسبة لاحتياطي النقد الأجنبي الذي يثير جدلاً كبيراً بين الحكومة والمعارضة، قال إردوغان: «يبلغ احتياطي البنك المركزي حالياً 109 مليارات دولار، وسيصل قريباً إلى أكثر من 115 مليار دولار، وكنا قد زدنا دخلنا القومي الذي كان 238 مليار دولار إلى 960 مليار دولار. وعلى الرغم من أنه شهد انخفاضاً في السنوات الأخيرة، فإننا سنزيده إلى أكثر من تريليون دولار في أقرب وقت ممكن».
واستدعى حديث إردوغان عن الاحتياطي رداً فورياً من حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، حيث أكد نائب الحزب عن مدينة إسطنبول، جورسال تكين، عبر «تويتر»، أن صافي احتياطي البنك المركزي سلبي، وقال: «لا فائدة من الكذب وأنت تنظر في أعين الناس... احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي يسجل حالياً سالب 45 مليار دولار، بعد اختفاء 128 مليار دولار منه في الفترة التي شغل فيها صهرك برات البيراق منصب وزير الخزانة والمالية (السابق)».
وعاشت تركيا جدلاً حاداً، في الأشهر الماضية، حول مصير 128 مليار دولار مفقودة من أموال البنك المركزي لم تستطع الحكومة أو البنك تحديده. وأطلق حزب الشعب الجمهوري حملة تركز على الإجابة عن سؤال: أين ذهب 128 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية المفقودة من البنك المركزي التركي؟
ويرفض حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس إردوغان بغضب سؤال حزب الشعب الجمهوري بشأن الأموال. وذهبت السلطات إلى حد إرسال الشرطة إلى مقرات حزب الشعب الجمهوري في جميع أنحاء البلاد لإزالة لافتات «أين الـ128 مليار دولار».
وتردد في الأروقة الاقتصادية أن وزارة الخزانة والمالية أنفقت ذلك المبلغ الضخم في محاولة يائسة لإنقاذ قيمة الليرة في فترة تولي صهر إردوغان، برات البيراق، حقيبة الخزانة والمالية في الفترة من 2018 حتى استقالته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتصاعدت الضغوط السياسية لتفسير خسائر الاحتياطي، بعد أن أقال إردوغان وزير المالية الأسبق ناجي أغبال من منصب رئيس البنك المركزي في مارس (آذار) الماضي، بعد نحو 5 أشهر من تعيينه، بسبب سعيه للتحقيق في نضوب الاحتياطي، مما أغضب إردوغان.
وفيما تحدث إردوغان بتفاؤل عن مستقبل الاقتصاد، رسم تقرير لوزارة الخزانة الأميركية صورة مغايرة، بتأكيده أن تركيا لا تزال تواجه إحدى أسوأ أزماتها المالية والاقتصادية، ممثلة بتراجع الليرة أمام الدولار، والتبعات المحلية الناجمة عن ذلك، من استنزاف لاحتياطي النقد الأجنبي وأي استثمارات أخرى.
وجاء في بيانات حديثة صدرت عن وزارة الخزانة الأميركية أن الاستثمارات التركية في سندات وأذون الخزانة الأميركية ظلت شحيحة منذ تعرض البلاد لأزمة تراجع في سعر عملتها المحلية بدأت في منتصف أغسطس (آب) 2018.
وشهد سعر صرف الليرة التركية تراجعاً حاداً من متوسط 4.9 ليرة للدولار إلى 8.63 ليرة للدولار، ووصل في بعض الأحيان إلى مستويات متدنية غير مسبوقة عند مستوى لامس 9 ليرات للدولار، بينما يبلغ سعرها حالياً 8.42 ليرة للدولار.
وأشارت أرقام وزارة الخزانة الأميركية إلى أن قيمة استثمارات تركيا في أدوات الدين التي تصدرها الولايات المتحدة بلغت 2.1 مليار دولار نهاية يونيو (حزيران) الماضي، مقارنة مع 2.37 مليار دولار في مايو (أيار)، و2.5 مليار دولار في يونيو (حزيران) من العام الماضي.
وتراجعت بشكل تدريجي استثمارات تركيا في السندات الأميركية، عبر تسجيلها وتحويل السيولة إلى البلاد، منذ الربع الأخير من 2018، وقت انهيار سعر صرف الليرة، لسد الاحتياجات الفعلية من النقد الأجنبي لدى البنوك.
وبالعودة للبيانات الأميركية، لم تنجح تركيا في الحفاظ على استثماراتها في السندات والأذون خلال السنوات التي أعقبت تولي الرئيس رجب طيب إردوغان رئاسة البلاد للمرة الأولى عام 2014.
وسجلت تركيا أكبر استثماراتها في السندات والأذون الأميركية حتى مطلع عام 2015، باستثمارات بلغت قيمتها 82.4 مليار دولار. لكن منذ ذلك التاريخ، بدأت استثمارات تركيا في أدوات الدين الأميركية تشهد ارتباكاً حاداً مستمراً، وتراجعات لأسباب اقتصادية في المقام الأول، وأخرى مرتبطة برغبة وزارة الخزانة المالية التركية في إحداث تنويع أكثر في الاستثمارات، بعيداً عن سوق السندات.
وحتى يوليو (تموز) 2018، بلغت استثمارات تركيا في السندات والأذون الأميركية 29.6 مليار دولار، ثم تراجعت في الشهر الأول لأزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة، في أغسطس (آب) من العام نفسه، إلى 18.4 مليار دولار، واستقرت عند 7.4 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
ومما زاد من أزمة تركيا مع النقد الأجنبي، تراجع الصادرات الخارجية، وارتفاع عجز الميزان التجاري، إلى جانب توقف عجلة السياحة منذ مارس (آذار) 2020 حتى مطلع العام الحالي بسبب جائحة كورونا، ما أفقدها أحد أهم مصادر النقد الأجنبي.
وزادت ديون تركيا بنسبة 109 في المائة خلال 3 سنوات منذ تطبيق نظام الحكم الرئاسي، عقب الانتخابات المبكرة التي شهدتها تركيا في 24 يونيو (حزيران) 2018، وهو الذي تطالب المعارضة بإلغائه، والعودة إلى النظام البرلماني، بسبب المشكلات التي نجمت عن تطبيق النظام الرئاسي، وأهمها الأزمة الاقتصادية، وغياب استقلالية القرار في المؤسسات المعنية بالاقتصاد، وفي مقدمتها البنك المركزي، ما أضعف ثقة المستثمرين الأجانب، وأثر سلباً على تصنيفات الوكالات الدولية للاقتصاد التركي.
وبحسب بيانات لوزارة الخزانة والمالية التركية، بلغ دين الحكومة المركزية الذي يشمل نفقات المؤسسات، مثل البرلمان والرئاسة والسلطة القضائية والوزارات، بنسبة 109 في المائة خلال 3 سنوات. وكان دين الحكومة المركزية عند مستوى 969 ملياراً و940 مليون ليرة تركية في يونيو (حزيران) 2018، تاريخ الانتقال إلى النظام الرئاسي.



الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

TT

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس)
ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس)

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025، التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بنفقات 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي، وانعكاساً على تغير ديناميكية وهيكلة الاقتصاد في المملكة، حيث تواصل البلاد المضي نحو رحلة «رؤية 2030»، وذلك من خلال تحقيق المستهدفات والمحافظة على المكتسبات.

وتتوقع السعودية إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، وبعجز 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) بانخفاض قدره 12 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن «المواطن السعودي هو المحرك الرئيس للتنمية وأداتها الفعالة، وشباب وشابات هذه البلاد هم عماد الإنجاز والمستقبل»، وذلك وفقاً لما جاء في مستهل البيان الختامي لميزانية عام 2025.

رحلة «رؤية 2030»

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وقال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة، ويُوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدّد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدين متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدين وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

ونوّه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

دعم النمو

وأوضح ولي العهد أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي، بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء (واس)

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل «رؤية 2030»؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام المقبل عند 4.6 في المائة، مدفوعةً باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية التي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال عام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني، وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الحالي، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

المملكة تسير على نهجٍ واضح

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة، بما يحقق مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها - بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين - في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله - عز وجل - ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

زيادة الإنفاق التحولي

وبحسب بيان الميزانية، تسعى الحكومة السعودية إلى مواصلة دعم النمو الاقتصادي وتعزيز مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين من خلال زيادة الإنفاق التحولي، مع الحفاظ على الاستدامة المالية.

وتشير التوقعات إلى استمرار الاقتصاد السعودي في تسجيل معدلات نمو إيجابية خلال عام 2024، وعلى المدى المتوسط، بفضل الإصلاحات الهيكلية المرتبطة بـ«رؤية السعودية 2030». هذه الإصلاحات أسهمت في تنويع القاعدة الاقتصادية، واستغلال فرص النمو المحتمل، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص ودعم نمو القطاعات الواعدة.

وبحسب ما ورد في البيان، فإنه على الرغم من التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي بسبب التشديد النقدي لكبح التضخم والتقلبات الجيوسياسية، أظهرت توقعات المنظمات الدولية تفاؤلاً بأداء الاقتصاد السعودي، حيث من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة 0.8 في المائة في عام 2024، مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.7 في المائة، ما يعزز هذا الأداء المؤشرات الإيجابية للنصف الأول من العام الحالي، خاصة تلك المرتبطة بالاستهلاك والاستثمار الخاص.

كما انعكس النمو غير النفطي بشكل واضح في سوق العمل، حيث ارتفع عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص بنسبة 4.1 في المائة بنهاية الربع الثاني من عام 2024، بإضافة نحو 92 ألف وظيفة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. هذا الأداء يعكس التزام المملكة بتنفيذ استراتيجياتها لتحقيق نمو مستدام على المدى المتوسط.

التوسع في الإنفاق الاستثماري

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية عام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية، وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج «رؤية المملكة 2030»، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وشدّد في مؤتمر صحافي، عقب إقرار ميزانية عام 2025، على أن الحكومة استمرت في الإنفاق التوسعي لما يحمل من أثر إيجابي للمواطن.

ولفت إلى أن اقتصاد المملكة وصل لمرحلة لا تؤثر فيه التقلبات التي تحدث في أسواق النفط كما كانت في السابق.

وزير المالية في مؤتمر صحافي عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية 2025 (الشرق الأوسط)

وقال إن 3.7 في المائة هو النمو المتوقع بالاقتصاد غير النفطي بنهاية 2024، موضحاً أن الأنشطة غير النفطية ساهمت في الناتج المحلي بنسبة 52 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وكاشفاً نمو الإيرادات غير النفطية بنسبة 154 في المائة منذ إطلاق «رؤية المملكة 2030».

وقال إن مساهمة النفط في الناتج المحلي اليوم هو 28 في المائة. وأضاف أن الناتج المحلي الاسمي وصل إلى 4.1 تريليون ريال.

وأفصح عن ارتفاع مساهمة الاستثمار الخاص في الناتج المحلي من 16 في المائة في عام 2016 إلى 24.7 في المائة حالياً، وأن قطاع الصناعة يستهدف جذب 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) استثمارات في عام 2025، وتقديم تسهيلات ائتمانية للمصدرين السعوديين بقيمة 12.3 مليار ريال (3.2 مليار دولار) في العام المقبل، مؤكداً أن السياحة تعدّ ثاني أكثر العوامل تأثيراً على ميزان المدفوعات بعد ‫النفط.

وشدّد على أن المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل. وقال: «هناك قفزة بعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بفضل الإنفاق الحكومي... نواصل الالتزام بالتحفظ عند إعداد الميزانية. وأرقام الإيرادات دليل على ذلك».

ولفت إلى أن تغيرات هيكلية في اقتصاد المملكة بدأت تظهر نتائجها، كاشفاً أن 33 في المائة هي نسبة ارتفاع في الإنفاق على الاستراتيجيات وبرامج تحقيق «رؤية 2030».