تلوث «كارثي» يضرب شواطئ ليبيا

الليبيون يسبحون في البحر الأبيض المتوسط على الواجهة البحرية للعاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
الليبيون يسبحون في البحر الأبيض المتوسط على الواجهة البحرية للعاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
TT

تلوث «كارثي» يضرب شواطئ ليبيا

الليبيون يسبحون في البحر الأبيض المتوسط على الواجهة البحرية للعاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
الليبيون يسبحون في البحر الأبيض المتوسط على الواجهة البحرية للعاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

يحرم تلوث شاطئ العاصمة الليبية طرابلس وضواحيها المطل على المتوسط السكان من الاستمتاع بموسم الصيف والتخفيف من وطأة تردي الخدمات، ولا سيما معاناة الليبيين المتكررة من انقطاع الكهرباء.
وكانت وزارة البيئة الليبية منعت الشهر الماضي المواطنين السباحة في عدد من الشواطئ نظراً لقربها من مصبات الصرف الصحي التي تنقل كميات ضخمة إلى البحر مباشرة من دون معالجة.
يصف عبد الباسط الميري، مسؤول مسح الشواطئ في وزارة البيئة الليبية تلوث الشواطئ بأنه «كارثي». ويوضح: «للأسف وضع شواطئ طرابلس كارثي وبحاجة إلى حلول سريعة تعالج هذا الملف، الذي يضر الإنسان والبيئة على حد سواء».

وتصب مياه الصرف الصحي في البحر منذ عقود، لكن هذه المياه المبتذلة كانت سابقاً تمر عبر محطة معالجة قديمة توقف العمل بها منذ سنوات من دون إيجاد بدائل، مع تداعي المنشآت في البلاد بسبب النزاع الدائر منذ عقد بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011.
تقول سارة النعمي العضو في مجلس بلدية طرابلس: «مشكلة تلوث شاطئ طرابلس هو توقف محطة معالجة مياه الصرف الصحي، وبالتالي التصريف يكون باتجاه الشاطئ للتخلص من كميات ضخمة يومياً». وتضيف: «قمنا بإجراء تحاليل لعينات من خمسة مواقع، تبين أن الشاطئ ملوث بالكامل لاحتوائه على نسب عالية من البكتيريا تتجاوز الـ500 في المائة».
وتوضح مسؤولة البيئة في البلدية: «تحدثنا مع الحكومة السابقة والجديدة أيضاً، بالحاجة إلى مشروع متكامل لمعالجة مياه الصرف الصحي». لكنها تقول: «يجب اعتماد حلول مؤقتة للتخفيف من حجم تلوث المياه والشواطئ، وهي ممكنة من خلال مرور المياه السوداء في أحواض خاصة لترسيب المخلفات لتصفيتها، قبل نقلها إلى البحر».
وبمجرد الاقتراب من الشاطئ، يلاحظ وجود بقع شديدة التلوث تمتد لمسافات كبيرة على سطح المياه، إلى جانب تراكم المخلفات الصلبة بمختلف أشكالها، الأمر الذي دفع السلطات إلى وضع لافتات تحذيرية من السباحة في مساحات شاطئية ذات معدلات التلوث الأعلى.
وتتكدس النفايات الصلبة من عبوات بلاستيكية ومعدنية وغيرها على الشاطئ، مما يساهم في تلوث شاطئ طرابلس التي يتجاوز عدد سكانها المليوني نسمة.

وتمتلك العاصمة الليبية ساحلاً بطول 30 كيلومتراً تقريباً يطل على البحر المتوسط، من إجمالي ساحل البلاد الذي يصل طوله إلى 1900 كيلومتر.
ورغم التوصل إلى هدنة وتشكيل حكومة قبل أشهر عدة وتحديد انتخابات في ديسمبر (كانون الأول) المقبل لا يزال الليبيون يعانون في حياتهم اليومية من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ومن أزمة سيولة وتضخم جامح.
وتشكل السباحة في بلد يفتقر إلى المرافق الترفيهية متنفساً لسكان البلاد البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة.
وينزل البعض إلى البحر رغم المخاطر.
يقول وليد المولدي (39 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية، وهو جالس على كرسي بلاستيكي على شاطئ البحر: «صارت المياه ملوثة بشكل كبير بمخلفات المجاري، خلال هذا الصيف لم أدخل البحر للسباحة في شاطئ طرابلس مطلقاً، فقط أجلس أمام الشاطئ ولفترة قصيرة وأسارع في المغادرة نظراً للرائحة النتنة التي تشتد بارتفاع درجات الحرارة». ويضيف: «يدفعني تلوث الشاطئ إلى قطع نحو 100 كيلومتر شرق طرابلس، والهروب إلى ساحل أنظف».
واعتبر محمد الكبير صديق وليد، بأن تلوث مياه الشاطئ جعل الليبيين، يعيشون مثل «السجن الصيفي» بحرمانهم من الاستمتاع بالبحر المتوسط الذي تشتهر بلادهم بجماله.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».