خروقات كثيرة بين إسرائيل و«حزب الله» لا تشعل حرباً

15 عاماً على القرار 1701

دورية للقوات الدولية قرب بلدة الناقورة في جنوب لبنان بعد الاشتباك الأخير بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)
دورية للقوات الدولية قرب بلدة الناقورة في جنوب لبنان بعد الاشتباك الأخير بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)
TT

خروقات كثيرة بين إسرائيل و«حزب الله» لا تشعل حرباً

دورية للقوات الدولية قرب بلدة الناقورة في جنوب لبنان بعد الاشتباك الأخير بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)
دورية للقوات الدولية قرب بلدة الناقورة في جنوب لبنان بعد الاشتباك الأخير بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

رغم تحفظات الطرفين اللبناني والإسرائيلي على خروقات يتعرض لها القرار الدولي 1701 الذي أنهى الحرب التي استمرت 33 يوماً بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006، ونص على وقف الأعمال القتالية وانسحاب القوات الإسرائيلية ونشر قوة إضافية للأمم المتحدة كلفها، بالتنسيق مع الجيش اللبناني، بمراقبة وقف الأعمال الحربية، إلا أنه نجح بمنع اندلاع مواجهات كبيرة وحرب جديدة بين الطرفين.
ويؤكد الخبراء أن هذا القرار كما غيره من القرارات الدولية المرتبطة بلبنان تشكل «شبكة أمان» لهذا البلد الذي يشهد تحللاً غير مسبوق على المستويات كافة.
وفي أحدث الخروقات لهذا القرار، شنت القوات الإسرائيلية منذ أسابيع وللمرة الأولى منذ سنوات غارات جوية على جنوب لبنان رداً على إطلاق ثلاثة صواريخ من الأراضي اللبنانية، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها. ورد «حزب الله» بإطلاق عشرات الصواريخ باتجاه مزارع شبعا، في إطار سعيه لتثبيت قواعد الاشتباك القائمة منذ عام 2006 التي قال إن إسرائيل خرقتها.
ولفت مدير «المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات»، العميد الركن خالد حمادة إلى أن القرار 1701 لم يطبق بعد 15 عاماً على إصداره، فهو ينص على عدم وجود سلاح غير شرعي في جنوب الليطاني وبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها وإمساك الحدود الجنوبية. وأثبتت التجربة أن القرار تعرض لخروقات دائمة وهو ما تؤكده شكاوى القوات الدولية والأمين العام للأمم المتحدة الذي أوحى في السابق بعدم التمديد لقوات الأمم المتحدة أو بتخفيضها وأشار إلى عدم وجود تعاون حقيقي من قبل الجيش اللبناني. وأشار حمادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أننا قد نكون مقبلين بعد الانتهاكات الأخيرة على تقرير من نوع جديد للأمين العام بما يتعلق بتطبيق هذا القرار»، مضيفاً: «بالتوازي مع اللاتوازن السياسي الموجود في لبنان، يبدو واضحاً أن الدولة عاجزة عن تطبيق هذا القرار كما أنها على الأرجح غير راغبة بتطبيقه، ولا ندري ما ستكون ردة الفعل في هذا الظرف الإقليمي الدقيق في ظل الصدام بين طهران والمجتمع الدولي وما سيكون مصير التمديد لقوات اليونيفيل».
واستبعد حمادة مواجهة قريبة بين «حزب الله» وإسرائيل، موضحاً أن ما حصل مؤخراً من إطلاق قذائف وصواريخ يندرج في إطار استعراض القوة، وتثبيت ما يقولون إنه «توازن رعب»، وقال: «كل ما يحصل في الجنوب اللبناني مشابه لما يحصل في الجنوب السوري والسويداء ولما يحصل في المياه الإقليمية المحاذية لمنطقة الخليج، ويندرج في إطار التهديد الإيراني للمجتمع الدولي بأن الاستقرار في المنطقة بيد طهران».
من جهته، اعتبر مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» ‪‪ ‬ الدكتور سامي نادر أن «القرار 1701 إضافة لباقي القرارات الدولية تشكل كتلة قانونية - دستورية مهمة في بلد مستباح تحول دستوره وجهة نظر»، لافتا إلى أن «هذه القرارات باتت بمثابة (شبكة أمان) بالحد الأدنى، باعتبار أن الشرعية الدولية ليست مستباحة كما حال الشرعية اللبنانية، وإن كانت غير محترمة بالكامل». وأشار نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القرارات الدولية وجدت أصلاً لحماية الضعيف من القوي... وقد اختبرنا في لبنان نظرية القوة والعنترات ورأينا إلى أين أوصلتنا، وبالتالي لم يعد لدينا إلا الشرعية الدولية للجوء إليها من دون أن يعني ذلك عدم السعي بسياسة دفاعية انطلاقاً من القرارات الدولية وعلى قاعدة حقنا الذي تحفظه هذه القرارات». وأضاف: «إن مشروع تحييد لبنان ينطلق من هذه القرارات وضرورة احترامها، باعتباره الباب الوحيد للإنقاذ».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا العام الماضي إلى «تعزيز قدرة المراقبة» لدى اليونيفيل، ما يمنحها «تصوراً أفضل للوضع». وأعلنت الخارجية اللبنانية معارضة أي تعديل لتفويض وعديد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان رداً على مطالبة تل أبيب بتغيير طبيعة مهمة هذه القوة التي تتهمها «بالانحياز» و«عدم الكفاءة».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.