الرئيس التونسي يمدّد «حالة الاستثناء»... والغنوشي يقيل قيادات من «النهضة»

تسريبات تؤكد أن الحكومة الجديدة ستكون مصغرة ومشكلة من أسماء غير معروفة

الرئيس قيس سعيد يحيي بعض مؤيديه وسط العاصمة تونس (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد يحيي بعض مؤيديه وسط العاصمة تونس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يمدّد «حالة الاستثناء»... والغنوشي يقيل قيادات من «النهضة»

الرئيس قيس سعيد يحيي بعض مؤيديه وسط العاصمة تونس (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد يحيي بعض مؤيديه وسط العاصمة تونس (أ.ف.ب)

أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد، ليلة أول من أمس، أمراً رئاسياً يقضي بتمديد العمل «حتى إشعار آخر» بقرار تعليق أعمال البرلمان، الذي كان قد أصدره في 25 من يوليو (تموز) الماضي، وجمّد بموجبه عمل السلطة التشريعية (البرلمان) لمدّة 30 يوماً.
وقبل انقضاء مهلة الثلاثين يوماً التي يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية، قالت الرئاسة في بيان مقتضب عبر «فيسبوك»، أول من أمس، إنّ سعيّد «أصدر أمراً رئاسياً يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية، المتّخذة بمقتضى الأمر الرئاسي (...) المتعلّق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب، وبرفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر». مضيفة أن سعيّد «سيتوجّه في الأيام القادمة ببيان إلى الشعب التونسي»، من دون أن تورد أي تفاصيل إضافية.
وخلف قرار الرئيس سعيد بالتمديد في «حالة الاستثناء» تبايناً في الآراء والمواقف داخل الأحزاب السياسية القوية، خاصة بين قيادات حركة النهضة. ففي حين سارع رئيس الحركة، راشد الغنوشي، إلى إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي من مهامهم، بحجة إعادة تشكيل المكتب التنفيذي «بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة»، انتقد سمير ديلو، أحد القيادات الهامة في «النهضة»، عدم تبرير الرئيس سعيد لهذا التمديد، وعدم ربطه بآجال زمنية محددة. في حين أشاد عبد اللطيف المكي، وزير الصحة السابق، من ناحيته، بما اعتبره «صمود رئيس الجمهورية أمام الضغوط الكبيرة»، وتجنب للذهاب لسيناريوهات سيئة.
وقال ديلو في تصريح إعلامي إن المفاجئ في القرار الرئاسي، المتعلق بتمديد التدابير الاستثنائية، هو أنه «جاء دون تقديم مبررات لهذا التمديد، كما أنه لم يقدم سقفاً زمنياً محدداً، وهذا كان منتظرا، لأنه (سعيد) يستند إلى قراءة متأرجحة للفصل 80 من الدستور التونسي»، على حد قوله.
وفي انتظار إعلان الرئيس سعيد عن أعضاء الحكومة الجديدة، تسربت أمس تشكيلة الوزراء، الذين قد يعتمد عليهم سعيد، ويأتي على رأس هذه التشكيلة، حسب هذه التسريبات، توفيق شرف الدين، وزير الداخلية التونسية السابق.
وبحسب التسريبات ذاتها، تضم الحكومة المصغرة 15 حقيبة وزارية، وهي مشكلة من أسماء غير معروفة في معظمها، ومن بينها ست نساء. غير أن مراقبين يرون أن الرئيس سعيد ما يزال يعيش مأزق الاختيار لتحديد رئيس للحكومة الجديدة، ويؤكدون أنه ما يزال مترددا بين شخصية سياسية مقربة منه، لا تُعيد تجربته مع المشيشي ولا تخدعه سياسياً، وقد تكون مديرة ديوانه نادية عكاشة. وبين شخصية اقتصادية، تكون قادرة على تحقيق قفزة اقتصادية وترضي مؤسسات التمويل الدولية، لكنها قد تكون منحازة إلى الأحزاب والبرلمان.
وشرف الدين، الذي يبقى المرشح الأقرب لتولي حقيبة رئيس الحكومة الجديدة، من مواليد ولاية (محافظة) القيروان، وهو محام معروف حاصل على الماجستير في العقود والخدمات القانونية من كلية الحقوق في سوسة سنة 2011.
ويعد بحسب عدد من المراقبين، من حلفاء سعيّد المقربين، وقد أشرف على إدارة حملته الانتخابية في ولاية سوسة الساحلية، وقد عين في حكومة المشيشي وزيراً للداخلية، قبل أن يعين مجموعة من القيادات الأمنية، دون الرجوع إلى رئيس الحكومة، وهو ما عجل بإعفائه من مهامه. غير أن الرئيس سعيد استنكر هذه الإقالة ولم يوافق عليها، وهو ما فاقم من حدة الخلاف بين رأسي السلطة التنفيذية (سعيد والمشيشي).
وبخصوص الخيارات المطروحة لاحقاً أمام الرئيس سعيد، قال الصغير الزكراوي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة التونسية، إن رئيس الجمهورية «قد يذهب في اتجاه سن دستور جديد، وتعديل النظام السياسي، ومراجعة القانون الانتخابي، والتوجه لاستفتاء التونسيين حول هذه الخطوات». معتبراً أن الاتجاه الأقرب إلى الواقع «يتمثل في كتابة دستور جديد في آجال محدودة، لا تتعدى بضعة أشهر، على أن يكون هذا الخيار مسبوقاً بنظام مؤقت للسلط العمومية، وتشكيل حكومة لإدارة الشأن العام».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.