عوالم شازيا سيكندر الرائعة والمتداخلة

مؤسسة «المنمنمات الجديدة» في باكستان

من معرض الفنانة الباكستانية الأصل شازيا سيكندر في مكتبة مورغان بنيويورك (نيويورك تايمز)
من معرض الفنانة الباكستانية الأصل شازيا سيكندر في مكتبة مورغان بنيويورك (نيويورك تايمز)
TT

عوالم شازيا سيكندر الرائعة والمتداخلة

من معرض الفنانة الباكستانية الأصل شازيا سيكندر في مكتبة مورغان بنيويورك (نيويورك تايمز)
من معرض الفنانة الباكستانية الأصل شازيا سيكندر في مكتبة مورغان بنيويورك (نيويورك تايمز)

في مقال نُشر منذ فترة قصيرة في صحيفة «نيويورك تايمز»، تتذكر الفنانة الباكستانية المولد شازيا سيكندر، السؤال الأول الذي جرى طرحه عليها عندما انتقلت إلى الولايات المتحدة للانضمام إلى برنامج ماجستير الفنون الجميلة في الولايات المتحدة: «هل أنت هنا لجعل الشرق يلتقي الغرب؟».
أثار السؤال ضيق سيكندر، فما الذي يمكن أن تعنيه هذه المصطلحات لها كفنانة تستوحي إلهامها من لوحات مصغرة (أو منمنمات) فخمة ومفصلة بشكل رائع جرى إبداعها في وسط وجنوب آسيا من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشرـ ومثلت شكلاً فنياً ظهر كنتاج لاختلاط الصفويين والمغول وإمبراطوريات أوروبية؟
اللافت في اللوحات والرسومات والمنحوتات والرسوم المتحركة المعروضة في معرض «شازيا سيكندر: وقائع استثنائية» في متحف «مورغان ليبراري» بنيويورك، أنه يمتزج فيها الشرق والغرب، بجانب عدد من العناصر المتعارضة الأخرى - الذكورة والأنوثة والتجريد والتصوير والتقليدي والمعاصر. وداخل الأعمال الفنية، تمتزج هذه العناصر وتنزف داخل بعضها البعض. ويخرج المرء من المعرض وقد نما بداخله وعي شديد بالارتباط الوثيق غير القابل للانفصام بين الماضي والحاضر، بل وحتى المستقبل.
ويركز المعرض على السنوات الـ15 الأولى من مسيرة الفنانة. ويبدأ بمجموعة مختارة من أعمالها تنتمي لفترة دراستها في الكلية الوطنية للفنون في لاهور بباكستان، حيث تتلمذت على يد البروفسور بشير أحمد، الذي اهتم بإحياء تقليد فن المنمنمات الذي كان يمارسه فنانو البلاط في عصور سابقة. وعلى عكس ما كان يفعله الفنانون الشباب الطموحون في الوقت ذلك، انغمست سيكندر في المصطلحات الفنية. ونجحت أعمال لها مثل «ذي سكرول»، مشروع أطروحتها الجامعية، وصور صديقتها وهي ترتدي الساري «ميرات 1» و«ميرات 2» في ترسيخ مكانة سيكندر باعتبارها مؤسسة حركة «المنمنمات الجديدة» في باكستان، حتى قبل سفرها إلى الولايات المتحدة.
وتضمنت إبداعات سيكندر من المنمنمات ورقاً ملوناً بالشايو صبغات نباتية وألواناً مائية مستخدمة بدقة بالغة تكاد تكون مستحيلة، وفرشاً يدوية الصنع وحدوداً زخرفية وإعدادات معمارية وتكراراً للأرقام للإشارة إلى قصة تتكشف فصولها بمرور الوقت - وتعود جميع هذه العناصر إلى التقاليد المرتبطة بالنمنمات. ورغم ذلك، يبقى هناك دافع نحو النسوية والتجريد أسهم في تميز أعمالها اللاحقة. تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه لطالما كان فن المخطوطة من اختصاص الرجال، كصناع وموضوعات. في المقابل، نجد أن الشخصيات الرئيسية في أعمال سيكندر من النساء اللواتي يبدو أن أرواحهن تسكن المنازل التي يعيشن بها على نحو يشبه الأشباح، بدلاً عن مجرد الإقامة بها. واللافت في أعمال سيكندر أن تصوراتها المعمارية تدفع التكوين المنظوري المميز للرسم المغولي في اتجاه يكاد يكون تكعيبياً.
جدير بالذكر أنه بعد تخرجها في مدرسة «رود آيلاند للتصميم» عام 1995، بدأت سيكندر في عزل السمات التي وجدتها في الرسم التقليدي للمخطوطة وحتى المبالغة فيها بحيث تعمل كعناصر تجريدية. وتتجاوز الزخارف الزهرية حدود الصفحة، وتتحول إلى تراكيب متعددة وتظهر أسطح الشاشة ذات نقاط صغيرة للغاية أو كرات أرضية، وتطفو حيوانات وعناصر مشوهة بحرية عبر الصفحة.
ويتحول عملها نهاية الأمر إلى ما يشبه اللصق، ما يعد سبيلاً فاعلاً للتعبير عن غرابة تجربة المهاجر، حيث يتاح أمامه كل شيء في العالم وفي الوقت ذاته يراوده شعور بغرابة كل ما يحيطه.
داخل المعرض، نعاين بداية محاولتها ترجمة هذا التداخل في الصور والأنماط إلى مساحة ثلاثية الأبعاد عبر استخدام ورق التتبع ذي الطبقات. وينحرف الحبر والطلاء بين عتمة شديدة وشفافية دقيقة.
عام 1993، ظهرت صورة رمزية: امرأة مقطوعة الرأس تنبت ذراعيها وأقدامها بجذور متشابكة تتدلى دونما فائدة في الفراغ، بدلاً عن الوصول إلى التربة، ما يعد بمثابة استحضار شعري لتجربة الشتات. وتتكرر هذه الفكرة في أشكال مختلفة قليلاً على مدى السنوات التالية، بما في ذلك لوحة أبدعتها عام 2001 حملت عنوان «تفكك طفيف ولطيف»، حيث تمسك أذرعها الكثيرة بأسلحة الحرب وأدوات العدالة. وعبر أعمال سيكندر، تظهر كثيراً «دورغا»، الإلهة الهندوسية متعددة الأسلحة، التي تجسد مبادئ الذكور والإناث على حد سواء.
وأثناء فترة إقامة سيكندر في هيوستن بين عامي 1995 و1997، عملت مع الفنان ريك لوي في «بروجيكت رو هاوزيز» بمنطقة بلاك تيرد وارد في المدينة. وكان نتيجة هذا التعاون الذي أسهم في تعزيز معرفة سيكندر بالسياسات العنصرية داخل الولايات المتحدة أعمالاً مثل «آينغ زوس أرموريال بيرينغز» (1989 - 1997)، الذي تنبت فيه أذرع دورغان تصويراً حساساً ودقيقاً لرأس لوي المقلوب. تظهر هذه الصورة جنباً إلى جنب مع الأشكال السوداء النمطية من المخطوطات الأوروبية في العصور الوسطى، وهي خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على حركة مناهضة السواد المتضمنة في تقاليدنا الفنية التاريخية العريقة.
عندما ازدهرت مسيرتها المهنية، خصوصاً بعد انتقالها إلى نيويورك عام 1997 عندما أصبحت شخصية مفضلة لدى القيمين على المعارض المهتمين بالتعددية الثقافية والفن المعاصر «العالمي»، كانت سيكندر مقيدة بفرضية أنها، كفنانة وامرأة مسلمة، «تحررت» بانتقالها إلى الغرب. وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وتفشي مشاعر الإسلاموفوبيا التي صاحبت التدخل العسكري الأميركي في العراق وأفغانستان، اكتسبت أعمالها صبغة سياسية أكثر وضوحاً، ولكن أقل جمالاً، من بعض النواحي، لكنها تستعد للتصدي للنزعات القومية المتشددة التي ظهرت في شتى أرجاء العالم.
ومضت سيكندر في مهمتها لمضاعفة وإثراء الصور المستوحاة من جنوب آسيا والأخرى المرتبطة بالمرأة المسلمة. على سبيل المثال، في عملها الذي يحمل اسم «جاهز للمغادرة» (1997)، غطت صورة الأسد الأسطوري اليوناني المعروف باسم «غريفين»، مع كلمة «تشالاوا» البنجابية، وتعني روحاً شريرة تتلبس الحيوانات الصغيرة في القصص الفولكلورية.
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني بعثت بها منذ فترة قصيرة، أوضحت سيكندر أنها تستخدم هذا المخلوق للتعبير عن «شخص سريع للغاية وغير قابل للتكيف بحيث لا يمكن لأحد التمسك به أو تثبيته»، وذلك في إطار تصميماتها المعبرة عن مقاومة التصنيفات التي يجري فرضها باستمرار. وقالت عن ذلك: «هل أنت مسلم، باكستاني، فنان، رسام، آسيوي، أميركي أم ماذا؟»، الجواب بوضوح: «نعم ـ كل هذا، وعدد لا نهائي من الأشياء الأخرى بجانب ذلك».
* خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».