فتاة الدرع الحديدية في كابل تختفي عن الأنظار بعد تلقيها تهديدات

ارتدتها درعا للفت الأنظار للتحرش في العاصمة الأفغانية

الدرع التي ارتدتها في شوارع كابل («الشرق الأوسط»)
الدرع التي ارتدتها في شوارع كابل («الشرق الأوسط»)
TT

فتاة الدرع الحديدية في كابل تختفي عن الأنظار بعد تلقيها تهديدات

الدرع التي ارتدتها في شوارع كابل («الشرق الأوسط»)
الدرع التي ارتدتها في شوارع كابل («الشرق الأوسط»)

انتقلت كبرى خادمي الفنانة التشكيلية الأفغانية إلى مكان مجهول في إحدى ضواحي العاصمة الأفغانية كابل بعدما تلقت تهديدات مستمرة من قبل المتشددين الإسلاميين الذين ذكروا أنها أهانت الحجاب الإسلامي وخرجت على المألوف والتقاليد الأفغانية.
وكانت خادمي الفتاة البالغة من العمر 27 عاما خرجت إلى شارع مزدحم في منطقة «كوته سنغي» غرب كابل وهي ترتدي درعا حديدية أخفت به مفاتنها احتجاجا على تنامي ظاهرة التحرش الجنسي في شوارع كابل، وتجولت كبرى خادمي وسط صخب الشارع وهي ترتدي درعا حديدية لمدة 8 دقائق وهي تتلقى الشتائم والتهديد من قبل الرجال والشبان الذين تجمعوا لمشاهدة الحركة الغريبة بالنسبة للأفغان. «الشرق الأوسط» التقت الفتاة التي قالت إنها تلقت تهديدات بالقتل من جهات مجهولة وحاورتها عن الأسباب التي دعتها إلى ذلك التصرف وما نوع التهديدات وما برامجها المستقبلية..
قالت خادمي إنها تعرضت للتحرش الجنسي لأول مرة عندما كانت في السادسة من عمرها في مدينة «مشهد» الإيرانية، فخلال توجهها إلى المدرسة الابتدائية في المدينة اقترب منها رجل ولمس مفاتنها ثم ولى هاربا دون أن تفهم معنى تلك الحركة بسبب صغر سنها.
وتضيف خادمي أنها وبعد أن أطيح بنظام طالبان نهاية عام 2001م عادت إلى كابل مثل بقية الأفغانيين الطامحين في العيش الكريم في وطنهم وخلال تسوقها في منطقة «كوته سنغي»، حيث تعيش الأغلبية الشيعية اقترب منها رجل ولمس مفاتنها. تقول خادمي إنها صرخت بصوت مرتفع حيث تجمع حولها الرجال الذين وصفوها بأنها مخادعة وكاذبة وعاهرة. وتؤكد كبرى خادمي أنها عزمت آنذاك على أنها سوف تحتج بطريقتها على هذه الأعمال الشنيعة في المجتمع الأفغاني وأنها لن تصمت على هذه الظاهرة التي باتت تتنامى في الشوارع وحولت حياة الأفغانيات، على حد قولها، إلى جحيم. وقالت خادمي إن عملية صناعة الدرع الحديدية استغرقت 8 أشهر تقريبا وتولت بنفسها جميع مراحل تصنيع الدرع ثم قررت الخروج إلى الشارع على الرغم من إدراكها ردود الفعل على هذا الاحتجاج، مشيرة إلى أنها فنانة وبالتالي فهي حرة في استخدام فنها لحماية الفتيات مهما كان الثمن والكلفة. وبعد أن نفذت خادمي ذلك التحدي النادر في مجتمع قبلي محافظ تقول إنها تلقت سلسلة تهديدات من قبل بعض أئمة المساجد ورجال الدين والمتشددين يصفون عملها بالشنيع وبأنها أهانت المقدسات والنقاب الإسلامي. وذكرت أن صديقاتها ونشطاء المجتمع المدني باتوا قلقين عليها وهم دبروا لها مكانا آمنا في إحدى ضواحي العاصمة الأفغانية كابل.
وفي سؤال حول ما إذا كانت الرسالة التي أرادتها وصلت إلى المعنيين قالت «إنها تعتقد أن الرسالة وصلت، بسبب التصريحات المنددة لها من قبل المتطرفين». مضيفة أن «الفتيات وبعد هذا الاستعراض أصبحن أكثر جرأة وشجاعة وأنها على يقين بأن المرأة الأفغانية لن تسكت بعد اليوم على المظالم وعمليات التحرش الجنسي التي تتعرض لها في مكان العمل وفي الشارع وحتى في المنزل».
وكانت مؤسسات حقوقية وجماعات حقوق المرأة قد ذكرت في تقارير لها أن أفغانستان تتصدر الدول التي يكثر فيها التحرش الجنسي بالنسبة للفتيات في الأماكن العامة والشارع وحتى في مكان العمل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».