{حماس} وإسرائيل ترحبان باتفاق المنحة القطرية

تستمر لنهاية العام وتصرف للمحتاجين من خلال حسابات مصرفية

TT

{حماس} وإسرائيل ترحبان باتفاق المنحة القطرية

رحبت كل من إسرائيل وحركة حماس، أمس الجمعة، بالاتفاق الذي وقعت عليه كل من دولة قطر وهيئة الأمم المتحدة، حول المنحة المالية إلى قطاع غزة. وقال وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، في بيان له أمس، إنه كان على اتصال بقطر «من أجل وضع آلية تضمن وصول الأموال إلى المحتاجين إليها مع مراعاة مصالح إسرائيل الأمنية». فيما أكد مسؤول في حماس للتلفزيون الإسرائيلي الرسمي «كان 11» أن الحركة توافق على مضمون الاتفاق مع أنه لا يتضمن رواتب موظفي حكومة غزة.
وكان السفير القطري محمد العمادي، قد وقع، أول من أمس الخميس، على مذكرة تفاهم مع منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور ونسلاند، حول المساعدات. وأكد العمادي، في بيان رسمي، أن مذكرة التفاهم تتضمن آلية توزيع منحة المساعدات النقدية المقدمة من قطر لأسر في قطاع غزة. وأوضح العمادي أن صرف المساعدات النقدية للمستفيدين سيتم من خلال الأمم المتحدة وعبر برنامج الغذاء العالمي التابع لها، حيث ستتقاضى نحو 100 ألف أسرة في محافظات قطاع غزة تلك المساعدات شهريا، بواقع 100 دولار لكل أسرة نقدا، أي بما مجمله 10 ملايين دولار شهرياً. وأشار العمادي إلى أن اللجنة القطرية ستقوم بتحويل أموال المساعدات قبل نهاية الشهر الجاري، على أن يتم البدء بتوزيعها خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وقال الوزير الإسرائيلي، غانتس، إنه أجرى اتصالات أخيرا مع جهات رسمية في قطر، حول آلية توزيع المنحة، «لضمان وصول المساعدات لمن يحتاجها حقاً». وقال المراسل العسكري للقناة 12 الإسرائيلي، نير دفوري، إن مسؤولين قطريين كباراً التقوا بغانتس وبمسؤول أميركي رفيع للاتفاق على الآلية الجديدة. وذكر موقع «واللا» أن اللقاءات جرت «في دولة ثالثة»، وكانت مع مسؤول قطري رفيع واحد.
من جهته، أشار مسؤول حماس إلى أن التفاهمات بين قطر والأمم المتحدة شملت إجراء تسهيلات كبيرة في الجانب الاقتصادي للقطاع، مثل إدخال الإسمنت وإطارات عجلات السيارات والوقود والسماح لأكثر من 1400 تاجر من غزة بعبور الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل والقيام برحلات تجارية إلى إسرائيل والضفة الغربية وكذلك إلى الخارج. ولمح إلى أن حجب أموال الرواتب عن موظفي حكومة حماس هو إجراء مؤقت سيتم تسويته لاحقا.
وكشفت مصادر إسرائيلية أن الاتفاق سيكون ذا مدة محددة حتى نهاية السنة الجارية، وأن الاتجاه هو تحويل الأموال في السنة القادمة عبر السلطة الفلسطينية. وأكدت أن الأمم المتحدة كانت قد طلبت الحصول على عمولة بقيمة 8 في المائة حتى تمرر المساعدات القطرية عبر برنامجها الغذائي، لكنها اكتفت لاحقا بعمولة بقيمة 3.5 في المائة، بينما ستحصل السلطة الفلسطينية على عمولة بقيمة 1.5 في المائة. وأضافت أنه في جميع الأحوال هناك عمولة ستقتطعها حماس من هذه المساعدات لا تعرف قيمتها.
وقال مصدر مقرب من غانتس إن ما يميز الاتفاق الجديد هو أنه مختلف عن الاتفاق السابق بشكل جوهري. وأضاف: «إسرائيل لم تمانع في وصول مساعدات من قطر تخفف من معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة، ولكننا رفضنا أن يتم ذلك عبر حقائب نقود تتيح لحماس التحكم بها وستدفع الآن عبر حسابات بنكية بواسطة بطاقات اعتماد لحوالي 100 ألف إنسان بمعرفة ومراقبة إسرائيل. ولن تكون هناك تحويلات لموظفي حكومة حماس».
ويتعرض هذا الاتفاق لانتقادات شديدة في المعارضة الإسرائيلية، التي ترى أن حكومة نفتالي بنيت رضخت لإرادة حماس. وقال غال بيرغر، مراسل الشؤون الفلسطينية للقناة 11 للتلفزيون الإسرائيلي إن «يحيى السنوار (رئيس حركة حماس في قطاع غزة)، يعرف أن عدم التوصل إلى اتفاق حول المساعدات القطرية كان سيقود إلى حرب يمكن أن تسقط حكومة بنيت، لأن الحركة الإسلامية بقيادة منصور عباس، لا تستطيع تأييد حرب ويمكن أن تصوت ضد الحكومة في هذه الحالة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.