محروقات إيران تثير عاصفة سياسية في لبنان... وتحذيرات من «شق الطريق إلى جهنم»

صمت رئاسي على إعلان نصر الله عن انطلاق سفينة المازوت

محروقات إيران تثير عاصفة سياسية في لبنان... وتحذيرات من «شق الطريق إلى جهنم»
TT
20

محروقات إيران تثير عاصفة سياسية في لبنان... وتحذيرات من «شق الطريق إلى جهنم»

محروقات إيران تثير عاصفة سياسية في لبنان... وتحذيرات من «شق الطريق إلى جهنم»

أثار إعلان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله أمس عن انطلاق سفينة محملة بالمازوت من إيران باتجاه لبنان، عاصفة سياسية وتحذيرات من «شق الطريق السريع إلى جهنم»، و«مصادرة القرار الاقتصادي» اللبناني، ودفع لبنان إلى العقوبات الدولية.
وفي ظل انقطاع المحروقات من الأسواق اللبنانية، عكس إعلان نصر الله ارتباكاً في المشهد السياسي اللبناني، وسط تصاعد التحذيرات لدى خصومه من مخاطر الخطوة التي «يمكن أن تشعل حرباً مع إسرائيل في حال اعتراض السفينة»، وصمت حلفاء له، في غياب أي إيضاحات من رئاسة الجمهورية ووزارة الطاقة المعنية إدارياً بالملف.
وقالت مصادر نيابية لبنانية غير معارضة لـ«حزب الله» إن القرار «لدى السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة اللبنانية ووزارة الطاقة» وهي الجهة المخولة منح الإذن لتفريغ الشحنات في منشآت النفط التابعة إدارياً إلى المديرية العامة للنفط، مشددة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن السلطة التنفيذية «هي من يجب أن تتحمل تبعات خطوة مشابهة»، داعية إلى التريّث لمعرفة موقف الدولة اللبنانية من إعلان نصر الله.
ونفت مصادر في وزارة الطاقة اللبنانية تلقي «أي طلب رسمي لطلب إذن استيراد النفط الإيراني إلى لبنان براً أو بحراً»، مؤكدة في الوقت نفسه لقناة «إم تي في» أنه «لم يطلب منها إذن للتفريغ والتخزين والتوزيع».
وقال نصر الله في كلمته أمس في ذكرى عاشوراء: «سفينتنا الأولى التي ستنطلق من إيران محملة بالمواد النفطية أَنجزت كل الترتيبات»، مضيفاً أنها «حُمّلت بالأطنان المطلوبة، وستبحر خلال ساعات إلى لبنان» من غير الكشف عن الآليات التنفيذية لها، مكتفياً بالقول إنها لدى وصولها إلى البحر المتوسط سيجري الإعلان عن الخطوات.
وقال: «أعطينا الأولوية في السفينة الأولى لمادة المازوت من أجل «المستشفيات ومصانع الأدوية ومصانع المواد الغذائية وأفران الخبز ومولدات الكهرباء». وحذّر نصر الله الإسرائيليين والأميركيين من أن حزبه سيعتبر السفينة «أرضاً لبنانية»، ما ينذر بردّ منه في حال تعرضها لهجوم، بعدما شهدت سفن مرتبطة بإيران وإسرائيل هجمات في الأشهر الماضية، اتهم كل طرف الآخر بالوقوف خلف بعضها.
ويقدر أن تصل شحنة النفط الإيرانية إلى لبنان خلال مدة تتراوح بين 12 و15 يوماً، فيما لم يتم الجزم ما إذا كانت الشحنة ستُفرغ في الموانئ اللبنانية أم في ميناء سوري وتُنقل براً إلى لبنان.
ورفع إعلان نصر الله وتيرة المخاوف اللبنانية من تداعيات هذه الخطوة. وسأل الرئيس سعد الحريري في بيان: «هل ما سمعناه عن وصول السفن الإيرانية هو بشرى سارة للبنانيين أم إعلان خطير بزج لبنان في وحول صراعات داخلية وخارجية؟». وقال الحريري: «يعلم الحزب أن سفن الدعم الإيرانية ستحمل معها إلى اللبنانيين مخاطر وعقوبات إضافية على شاكلة العقوبات التي تخضع لها فنزويلا ودول أخرى».
ورأى الحريري أن اعتبار السفن الإيرانية وكأنها أراضٍ لبنانية «يشكل قمة التفريط بسيادتنا الوطنية، ودعوة مرفوضة للتصرف مع لبنان كما لو أنه محافظة إيرانية»، مضيفاً «نحن بما نمثل على المستوى الوطني والسياسي لن نكون تحت أي ظرفٍ غطاء لمشاريع إغراق لبنان في حروب عبثية تعادي العرب والعالم».
وسأل الحريري: «هل نحن في دولة تسلم فيها (حزب الله) كل الحقائب الوزارية، من الصحة إلى الاقتصاد إلى الدفاع إلى المرافئ والأشغال العامة، له ساعة يشاء أن يطلب الدواء من إيران، وأن يستدعي السفن الإيرانية المحملة بالمازوت والبنزين وأن يهدد بإدخالها بحراً وبراً وجهاراً نهاراً، رغماً عن السلطات العسكرية والأمنية؟».
وأكد الحريري أن «المواقف التي سمعناها تقول للبنانيين إنهم لا يريدون حكومة»، متسائلاً: «أي حكومة هذه التي يريدونها أن تفتتح عملها باستقبال السفن الإيرانية والاصطدام مع المجتمع الدولي، في وقت أحوج ما يكون فيه لبنان إلى حكومة تحظى بدعم الأشقاء والأصدقاء». وقال: «يستطيع (حزب الله) أن يحصل على تأشيرة تواطؤ مع العهد، وأن يغطي نفسه بصمت الفريق الرئاسي، لكنه لن يحصل من أكثرية اللبنانيين على إجازة مرور لتسليم لبنان للسطوة الإيرانية». ورأى أن «هذه مواقف ستضاعف من معاناة الناس المعيشية والاقتصادية، وتشق الطريق السريع إلى جهنم».
وإثر إعلان نصر الله، وجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رسالة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون عن الباخرة الإيرانية موجهاً اللوم إلى وزير الطاقة الذي اعتبره جعجع محسوباً على عون، على خلفية عدم منح الوزير إذونات للشركات الخاصة وبعض القطاع الخاص لاستيراد البنزين والمازوت بأسعاره الحقيقية وطرحه في السوق بعدما عجزت الدولة عن تأمينه مدعوما. وقال: «تفاجأنا بأن (حزب الله) سيأتي بباخرة مازوت ويفرغها أغلب الظن في مصفاة الزهراني»، سائلاً: «هل يا فخامة الرئيس تتركون الحزب الذي صادر القرار الاستراتيجي والعسكري والأمني، بأن يصادر اليوم القرار الاقتصادي ضاربا اللبنانيين ومصالحهم عرض الحائط ومسقطا القطاع الخاص نهائيا، وقاطعا عن اللبنانيين كل سبل العيش الكريم والمقبول؟».
وحمل جعجع عون «المسؤولية الكاملة عما يمكن أن يلحق بالبلد من جراء عدم تحرير استيراد النفط والأدوية وغيرهما، في الوقت الذي تتركون فيه (حزب الله) يقوم بالأمر بوسائل ملتوية وغير قانونية دوليا، ستعرِّض لبنان لكارثة حقيقية».
بدوره، حذر رئيس حزب «الكتائب» النائب المستقيل سامي الجميل من أن «النفط الإيراني يخرق القانون الدولي ويتسبب بحصار وعقوبات للبنان»، معربا عن أسفه لـ«غياب رئيس الجمهورية التام والوزراء والنواب».
وقال الجميل: «ليس نصر الله من يفك الحصار بل الحصار سوف يأتي بسبب حسن نصر الله والباخرة تخرق القانون الدولي والعقوبات على إيران، وستتسبب للبنان بحصار وعقوبات». ورأى في حديث إذاعي أن «طريقة نصر الله تكبر المشكلة وهي مخالفة لسياسة لبنان ولكل القوانين اللبنانية، وهي تعد على السلطة اللبنانية والدولة والحكومة، التي هي من المفترض أن تكون سيدة على كل القرارات المهمة التي لها علاقة بمستقبل لبنان».



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.