انطلاق الحملات الانتخابية الروسية وسط مخاوف من «تدخل خارجي»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

انطلاق الحملات الانتخابية الروسية وسط مخاوف من «تدخل خارجي»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

دخلت تحضيرات الاستحقاق الانتخابي الشامل في روسيا مراحلها الأخيرة مع الإعلان أمس، عن انطلاق الحملات الدعائية للمرشحين والأحزاب المتنافسة غدا السبت. ودلت استطلاعات حديثة للرأي إلى تصدر الحزب الحاكم «روسيا الموحدة» المشهد السياسي في البلاد عشية الانتخابات، رغم مساعي الأحزاب المنافسة تشكيل تحالف قوي في مواجهة احتمال هيمنته على البرلمان المقبل. ومع ارتفاع منسوب النشاط السياسي الداخلي تزايد القلق من مساع غربية للتأثير على مسار الانتخابات أو استغلال الاستحقاق لتأجيج مشاعر التذمر في المجتمع الروسي.
وبعد مرور أيام، على إعلان هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي الروسي أن لديها معطيات محددة حول محاولات تقوم بها جهات غربية للتأثير على الوضع الداخلي عشية الانتخابات، قال وزير الخارجية سيرغي لافروف أن «هناك ما يدعو للاعتقاد، بأنه يجري التحضير لمحاولات من الخارج للتشكيك بنتائج الانتخابات المقبلة في روسيا». وأضاف لافروف أن بلاده «ستواصل، برغم ذلك، العمل مع جميع شركائها، انطلاقا من أنها قادرة على تسوية مشكلاتها الداخلية من دون أي تدخل أو توجيه من الخارج. وهذا يتعلق بالانتخابات المقبلة لمجلس الدوما. أعتقد أنكم على الأغلب قد سمعتم بأنه يجري التحضير لمحاولات التشكيك في نتائجها».
وأضاف الوزير، أن أهم أمر هو أن تستند النتيجة على رأي الشعب الروسي. وزاد: «شعبنا بالذات من سيقوم بتقييم السلطة وسيحدد بنفسه كذلك طريق تطوره في الفترة التاريخية اللاحقة».
وتجري الانتخابات العامة في البلاد في الفترة من 17 إلى 19 سبتمبر (أيلول) المقبل وهي تشمل فضلا عن اختيار أعضاء مجلس الدوما (النواب) (450 عضوا) انتخابات المجالس المحلية في المقاطعات وحكام الأقاليم الروسية وعدد من المجالس البلدية في المدن.
وكانت المفوضية الأوروبية للأمن والتعاون قالت أنها لن ترسل مراقبين للإشراف على الانتخابات، وعزت موقفها إلى «قيود وضعتها موسكو على عدد المراقبين الأوروبيين» في حين قالت موسكو إنها طلبت إرسال ما لا يزيد عن خمسين مراقبا انطلاقا من التدابير الاحترازية بسبب وباء كورونا. ورأت الأوساط الروسية في القرار الأوروبي محاولة مسبقة للتشكيك في الانتخابات والسعي إلى تأجيج الوضع الداخلي.
في غضون ذلك، أعلنت لجنة الانتخابات المركزية أمس، إن الحكومة الروسية خصصت نحو مليار روبل (14 مليون دولار) لتنظيم الانتخابات المقبلة، منها ما يقرب من 152 مليون روبل تم تخصيصها لإجراءات الامتثال للتدابير الصحية الخاصة بتفشي فيروس كورونا، وللمقارنة تعد موازنة الانتخابات للعام الحالي أعلى بضعفين من الموازنة التي أنفقتها موسكو على انتخابات مجلس الدوما في العام 2016. ومع الإعلان أمس، عن قرب انطلاق الحملات الدعائية الرسمية التي سيتم توظيف وسائل الإعلام الحكومية فيها، دعت رئيسة لجنة الانتخابات إيلا بامافيلوفا وسائل الإعلام إلى «انتهاج سياسة متوازنة ومنح كل الأحزاب المشاركة في الانتخابات فرصاً متكافئة». ويتنافس نحو 25 حزبا للفوز بمقاعد في مجلس الدوما والمجالس المحلية في الأقاليم، لكن فرص غالبيتها تبدو معدومة في تجاوز الحد الأدنى للتمثيل في الهيئة التشريعية.
وأفاد تقرير وضعه خبراء وكالة الاتصالات السياسية والاقتصادية القريبة من الحزب الحاكم وتم نشره أمس، أن التوقعات الأساسية حول نتائج الانتخابات تشير إلى احتمال بقاء التشكيلة الحالية لتمثيل الأحزاب الأربعة التقليدية في البلاد في مجلس الدوما المقبل، مع احتمال أن يتم توسيع التمثيل لتشمل حزبا خامسا قد يدخل البرلمان للمرة الأولى.
ووفقاً للتقرير «يتوقع أن تصل نسبة المشاركة في الانتخابات إلى نحو 40 في المائة، فيما تشير التقديرات إلى محافظة «روسيا الموحدة» على الصدارة بأصوات نحو 54 في المائة من الناخبين يليه «الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية» بنحو 17 في المائة، ثم «الحزب الليبرالي الديمقراطي» بأصوات 12 في المائة ويأتي أخيرا حزب «روسيا العادلة - الوطنيون - من أجل الحقيقة» بما لا يزيد عن 10 في المائة، ويرى التقرير أن ثمة فرصة لدخول حزب «الشعب الجديد» الذي تم تأسيسه حديثا البرلمان المقبل.
في هذا الإطار، بدا أن الحزب الحاكم نشط تحركاته أخيرا للمحافظة على هيمنته في البرلمان المقبل، ومع تصدر شخصيات بارزة لائحته الانتخابية بينها وزيرا الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو، تم الإعلان أمس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يجتمع مع مرشحي الحزب خلال مؤتمر تحضيري للانتخابات يعقد الثلاثاء المقبل، ما عكس حرص الكرملين على الرمي بثقل الرئيس بقوة لتعزيز فرص الحزب في اكتساح مقاعد البرلمان.
في المقابل، برزت دعوات أمس، أطلقها حزب يساري يقوده السياسي البارز زاخار بريليبين، إلى توحيد جهود القوى اليسارية عبر توقيع إعلان لتشكيل تحالف سياسي مشترك، ومهد بريليبين لمبادرته بتوجيه رسائل إلى الأحزاب اليسارية الكبرى وبينها «الشيوعي الروسي» و«روسيا العادلة» من أجل دعم تشكيل التحالف. ومع أن ردود الفعل الأولى من الحزبين كانت إيجابية ورحبت بالتحرك، لكن مراقبين رأوا أن فرص تطبيق المبادرة تبدو ضئيلة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».