تمسك يمني بنقل مقر البعثة الأممية

TT

تمسك يمني بنقل مقر البعثة الأممية

جددت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أمس (الأربعاء) تمسكها بنقل مقر بعثة الأمم المتحدة في الحديدة (أونمها) إلى مكان محايد بعيداً عن سطوة الميليشيات الحوثية التي تواصل خروقها للهدنة الأممية وترفض مساعي إحلال السلام.
التصريحات اليمنية جاءت خلال لقاء جمع في الرياض وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور أحمد عوض بن مبارك، مع محافظ الحديدة الدكتور الحسن طاهر؛ حيث ناقشا الأوضاع الإنسانية في المديريات المحررة، ووضع بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة. وفق ما ذكرته المصادر الرسمية.
ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن الوزير والمحافظ «أكدا على ضرورة نقل بعثة (أونمها) إلى مكان محايد وتمكينها من تنفيذ مهامها وفقاً لأولوياتها المحددة في قرارات الأمم المتحدة». وأكد وزير الخارجية بن مبارك، ومعه محافظ الحديدة، «أن بقاء البعثة حبيسة لدى الميليشيات الحوثية يهدد اتفاق استوكهولم» وأنه لا بد من «ضرورة العمل بمرئيات الحكومة اليمنية لإعادة تفعيل البعثة الأممية».
وكان الرئيس اليمني أشار في تصريح سابق أثناء لقائه القائمة بأعمال السفارة الأميركية لدى بلاده، إلى التزام الحكومة الشرعية بكل مساعي السلام في مختلف محطاته، وآخرها اتفاق استوكهولم. وقال: «لقد أوقفنا بموجبه (الاتفاق) دخول قواتنا محافظة الحديدة بعد أن كانت على بعد أمتار من ميناء الحديدة، وبمقابل ذلك لم يلتزم الحوثيون بتعهداتهم في فك الحصار عن تعز وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين (الكل مقابل الكل) باعتبارها أولى خطوات السلام». وفي سياق الخروق الحوثية للهدنة الأممية، أفاد الإعلام العسكري للقوات المشتركة باستمرار الجماعة المدعومة من إيران في التصعيد على أكثر من جبهة بامتداد خطوط التماس في الساحل الغربي.
وقال المركز الإعلامي لألوية العمالقة (حكومية) إن القوات أحبطت (الأربعاء) محاولة تسلل للميليشيات الحوثية في مديرية التحيتا جنوب الحديدة. ونقل المركز عن مصدر عسكري قوله: «إن القوات المشتركة خاضت اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة مع مجاميع مسلحة حوثية حاولت التقدم لاختراق الخطوط الأمامية في جنوب غربي التحيتا، لكن دون جدوى».
وبحسب المصدر، نجحت القوات المشتركة «في إحباط محاولة التسلل الحوثية، وأوقعت خسائر مادية وبشرية في صفوف الميليشيات، كما لقي عدد من عناصر الحوثي مصرعهم وجرح آخرون».
وكانت القوات المشتركة أحبطت خلال الأيام الماضية محاولة تسلل حوثية مماثلة في ذات المديرية، ما أسفر عن مقتل عدد من عناصر الحوثيين، بينهم قيادي، وفق المصدر نفسه.
إلى ذلك، قال الإعلام العسكري إن الميليشيات الحوثية استهدفت الثلاثاء الماضي الأعيان المدنية في مناطق وبلدات مختلفة جنوب الحديدة، بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والقناصة.
ووفق ما أورده المركز الإعلامي لألوية العمالقة، فإن الميليشيات استهدفت المواطنين المارين في الطرقات والمزارعين في مناطق متفرقة من مديرية حيس بصورة كثيفة ومتعمدة.
كما اتهم الإعلام العسكري العناصر الحوثيين بفتح نيران أسلحتهم الرشاشة المتوسطة من مختلفة العيارات صوب منازل المواطنين في مركز مدينة التحيتا، بالتزامن مع انتهاكات مماثلة للميليشيات طالت بلدَتي الفازة الساحلية والجبلية التابعتين لذات المديرية. وهو ما تسبب في إحداث حالة من الخوف والرعب في صفوف المدنيين.
وتقول الحكومة الشرعية إن الخروق الحوثية تسببت في مقتل وجرح مئات المدنيين منذ إبرام الهدنة الهشة التي رعتها الأمم المتحدة، في ديسمبر (كانون الأول) 2018 بموجب اتفاق استوكهولم، في حين تتصاعد الدعوات في الشارع السياسي للحكومة الشرعية للانسحاب من الاتفاق واستئناف العمليات العسكرية لتحرير الحديدة وموانئها.
يشار إلى أن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران رفضت على مدار الأشهر الماضية الاستجابة لمقترح أممي مدعوم دولياً وإقليمياً من أجل وقف شامل للنار واستئناف الرحلات التجارية من مطار صنعاء مع تخصيص واردات ميناء الحديدة لدفع رواتب الموظفين، يعقب ذلك استئناف مشاورات الحل السياسي الشامل.
وفي أحدث التصريحات لرئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، اتهم الميليشيات الحوثية بالاستمرار في التصعيد العسكري، ودعا إلى تكاتف دولي تجاه ما يجري في بلاده لدعم الشرعية والتحالف الداعم لها بقيادة السعودية لاستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً. وجدّد رئيس الوزراء اليمني «التأكيد على تعامل الحكومة الإيجابي مع الجهود والتحركات الأممية والدولية لإحلال السلام، وحرصها على توفر الشروط الموضوعية لهذا السلام بموجب مرجعيات الحل الثلاث المتوافق عليها محلياً والمؤيدة دولياً»، مشيراً إلى «خطورة المشروع الإيراني عبر وكلائه من ميليشيا الحوثي على أمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم والملاحة الدولية».
وكانت تقارير يمنية أفادت بأن الميليشيات الحوثية استغلت سيطرتها على موانئ الحديدة لتهريب معدات إيرانية عسكرية، إضافة إلى استقدام خبراء لإطلاق الصواريخ والطيران المسير وتجهيز الزوارق المفخخة لتهديد الملاحة في جنوب البحر الأحمر.
ومع ظهور مؤشرات على اعتزام الجماعة الانقلابية إفشال مهمة المبعوث الأممي الرابع إلى اليمن، تواصل ميليشياتها الهجمات المكثفة منذ أشهر باتجاه مدينة مأرب عبر أكثر من اتجاه؛ حيث يأمل زعيمها عبد الملك الحوثي السيطرة على المحافظة النفطية لتعزيز موارده المالية للإنفاق على حربه ضد اليمنيين.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».