«مهرجان القلعة» بمصر يستأنف فعالياته بعد إغلاق «كورونا»

يتضمن 31 حفلاً موسيقياً

لقطات من حفل افتتاح مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء (وزارة الثقافة المصرية)
لقطات من حفل افتتاح مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء (وزارة الثقافة المصرية)
TT

«مهرجان القلعة» بمصر يستأنف فعالياته بعد إغلاق «كورونا»

لقطات من حفل افتتاح مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء (وزارة الثقافة المصرية)
لقطات من حفل افتتاح مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء (وزارة الثقافة المصرية)

وسط حضور جماهيري كبير، استأنف مهرجان قلعة صلاح الدين الدولي للموسيقى والغناء فعالياته، مساء أول من أمس، بعد توقفه العام الماضي بسبب جائحة «كورونا»، وشهد عدد من الوزراء وكبار المسؤولين المصريين حفل افتتاح الدورة الـ29 من المهرجان الذي يتميز بنزعته الشعبية والجماهيرية الكبيرة بسبب رسوم دخوله الرمزية، وإقامته بمنطقة قلعة صلاح الدين الأثرية ليلاً وسط أجواء مفعمة بالبهجة.
واعتبرت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، مهرجان قلعة صلاح الدين «حامياً للذوق العام وأحد مصادر إضاءة الساحة الفنية في مصر والعالم العربي، لتجسيده عدداً من الأهداف التنويرية لوزارة الثقافة والتي تتمثل في تقديم ألوان الفنون الجادة والراقية التي تختص بها الأوبرا للجمهور خارج أسوارها»، مشيرة إلى «أنه على مدار تاريخه ضمت الفعاليات إبداعات كوكبة من نجوم الفنون كما أتاحت الفرصة للمواهب والفرق الواعدة لتحقيق أحلامها ولقاء الجمهور في أحد أهم بقاع القاهرة العريقة». مؤكدة أن «المهرجان يعد إحدى أذرع قوى مصر الناعمة في مواجهة الفكر المتطرف».
ويشارك عدد من المطربين المصريين والعرب في إحياء حفلات الدورة الـ29 من المهرجان على غرار علي الحجار، هاني شاكر، هشام عباس، مدحت صالح بمصاحبة عازف البيانو الشهير عمرو سليم وفرقته، محمد الحلو، نادية مصطفى، أحمد جمال، مي فاروق، أحمد عفت، الشيخ ياسين التهامي، محمد حسن، طارق العربي طرقان وأبنائه، كارمن سليمان، محمد محسن، جنات، نسمة محجوب، دينا الوديدي، لينا شامميان، وائل الفشني، هلا رشدي، حازم شاهين، نداء شرارة وغيرهم.
بدوره، قال الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، إن «مشاركة وزارته في هذا المهرجان تؤكد التعاون المثمر مع وزارة الثقافة لتقديم الخدمات والأنشطة الإبداعية في المواقع الأثرية لإبراز الوجه الحضاري لمصر، ما يعمل على جذب اهتمام المواطن إلى الفن والإبداع وتراثه الحضاري، ويسهم في الارتقاء بالوعي السياحي والأثري والثقافي لدى المواطنين وتنشيط حركة السياحة الداخلية والثقافية، وإثراء تجربة السائح في مصر نتيجة تعزيز الأجندة الثقافية والترفيهية الثرية والمتنوعة لمصر».
وشهد حفل افتتاح الدورة الـ29 من المهرجان عرضاً ضوئياً مبهراً تم إسقاطه على الجدران التاريخية ونال إعجاب واستحسان الحضور واستهل بالسلام الوطني ثم قدمت مجموعة موسيقى الحجرة التي تضم بين أعضائها نور محمد ورنا عبد الوهاب الفائزتين بجائزة الدولة للمبدع الصغير معزوفة الفصول الأربعة لفيفالدي وكونشيرتو التشيللو لباخ، وأبهر الفنان الشاب مدحت ممدوح عازف آلة الريكوردر الجمهور، والذي يعد أول مصري وعربي يصل إلى برنامج المسابقات الشهير أميركان جوت تالنت بمجموعة من مؤلفاته، ثم تألق الثنائي الموسيقي فؤاد ومنيب بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة الاحتفالي بقيادة المايسترو جورج قلته بمجموعة من إبداعاتهما الموسيقية التي نالت استحسان وإعجاب الحضور منها «العاصفة، ضائع، موعد مع الغروب، نوستالچيا إن بلو، أغنية للروح، مناجاة، جزيرة، روزيتا، طريق، فقط في الذاكرة وضحكة».
كما تم تكريم 11 شخصية أسهمت في إثراء الساحة الفنية في مصر والوطن العربي، وآخرين شاركوا في تحقيق نجاح المهرجان عبر دوراته المتتالية، من بينهم عازف البيانو عمرو سليم، المطرب أمجد العطافي، المطربة ريم كمال، مغنية الأوبرا داليا فاروق، المطرب خالد شهدي، الإعلامي أمجد مصطفى، وغيرهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».