الرئيس التونسي يفعّل قرارات منع سفر أعضاء «البرلمان المجمّد»

حزب معارض يدعو لتحديد خريطة طريق للخروج من الأزمة

الرئيس التونسي يحيي تونسيين في شارع بالعاصمة تونس في الأول من أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي يحيي تونسيين في شارع بالعاصمة تونس في الأول من أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يفعّل قرارات منع سفر أعضاء «البرلمان المجمّد»

الرئيس التونسي يحيي تونسيين في شارع بالعاصمة تونس في الأول من أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي يحيي تونسيين في شارع بالعاصمة تونس في الأول من أغسطس الحالي (أ.ف.ب)

أصدر خالد اليحياوي وزير الداخلية الجديد الذي عينه الرئيس التونسي قيس سعيد إثر تفعيل الفصل ٨٠ من الدستور، قرارات بمنع بعض نواب البرلمان المجمد من السفر على غرار البرلماني أنور بالشاهد أو وضعهم تحت الإقامة الإجبارية مثل النائب المستقل زهير مخلوف ومحمد صالح اللطيفي وكلاهما يقيم بولاية (محافظة) نابل (شمال شرقي تونس)، وهو ما أثار حفيظة  بعض الأحزاب السياسية على غرار حزب التيار الديمقراطي المعارض الذي اعتبر لوقت طويل من الأطراف المقربة لمؤسسة الرئاسة.
وندد قادة التيار الديمقراطي بمنع أنور بالشاهد، النائب عن دائرة فرنسا الثانية، من السفر، وعدوا ذلك بمثابة  «إجراء تعسفي» اتخذ دون قرار قضائي أو إداري أو حتى شبهة، بل بمجرد  «استشارة» لدى وزارة الداخلية. واستنكر الحزب ما وصفه بـ«الاستهداف الجماعي بالتشويه أو الحرمان من الحقوق الدستورية لفئات أو مهن بعينها، ما يعوم الحرب على الفساد ويحولها من هدف مشترك إلى وسيلة انتقائية للتشفي وتصفية الحسابات السياسية».
ودعا الحزب إلى «احترام استقلالية القضاء واتباع القوانين حتى لا تتحول الإجراءات الاستثنائية المعلنة منذ ٢٥ يوليو (تموز) الماضي، بلا خريطة طريق واضحة ولا نهاية معلومة، إلى انحراف ممنهج عن الدستور وانفراد خطير بالسلطات والقرارات». وجدد الحزب تمسكه بالحقوق الدستورية لسائر المواطنات والمواطنين وبينها الحق في التنقل، معرباً عن استعداده للنضال من أجل حماية هذه الحقوق.
وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت خلال الفترة الماضية قرارات بوضع وزراء سابقين وقضاة وشخصيات عامة تحوم حولها «شبهات فساد أو تجاوز للسلطة» تحت الإقامة الإجبارية، بينها اثنان من أكبر المسؤولين عن قطاع القضاء منذ نحو عشرين عاماً، الطيب راشد والبشير العكرمي، والوزير السابق للنقل وتكنولوجيا الاتصال القيادي في «حزب النهضة» أنور معروف، والوزير السابق للبيئة والجماعات المحلية قبل انتخابات ٢٠١٩ رياض المؤخر.
وأورد محامون تونسيون أن عدداً من القضاة والشخصيات العمومية منعت من السفر مؤخراً بينهم القاضية إيمان العبيدي «التي لا يُعرف عنها أنها كانت محل متابعة»، وهو ما طرح تساؤلات حول المعطيات التي بنت وزارة الداخلية عليها قرارات المنع من التنقل والسفر.
ويرى مراقبون أن الرئيس سعيد انطلق في تنفيذ مجموعة من أفكاره التي تقوم على عدم الاعتماد على الأحزاب والحكومة المركزية لتقديم الحلول والمقترحات، والاستعاضة عنها بأفكار واقتراحات الشباب والعمال والفئات الاجتماعية، فيما يشبه الديمقراطية الشعبية.
ويعتبر الرئيس التونسي أن تعديل القانون المنظم للانتخابات وتنقيح بعض الأحكام الواردة في نص الدستور إصلاحات سياسية جوهرية وكان هذا المقترح الفكرة المحورية في حملة قيس سعيد الانتخابية سنة ٢٠١٩ التي أطلق عليها اسم «الحملة التفسيرية». ويرى سعيد أن البرلمان التونسي لا يعكس التمثيل الانتخابي الواقعي لخيارات الشعب، ويرى أنه يعكس فقط أوزان الأحزاب في كامل جهات البلاد، ومن الضروري تعديل القانون الانتخابي للحد من استغلال المال السياسي وشراء ذمم الناخبين في المواعيد الانتخابية. وأكد في مرات كثيرة أنه لن ينشئ حزباً سياسياً، وأن الأطراف التي تتبنى أفكاره لا تمثله، معتبراً أن الأحزاب ستندثر بعد عقد أو عقدين من الزمن.
في غضون ذلك، دعا الصادق شعبان وزير العدل في نظام زين العابدين بن علي، النواب إلى تقديم استقالاتهم إثر خروج التونسيين إلى الشارع للاحتجاج ضد وجودهم، وأكد أن عودة البرلمان أن حصلت ستكون كارثية ومن الضروري أن تنطلق الدولة الجديدة بـ«أطر جديدة وشرعية جديدة» على حد تعبيره. ودعا شعبان الرئيس التونسي إلى عدم الانتظار كثيراً، قائلاً له: «أنت تخسر النقاط»، ودعاه إلى تغيير الدستور والقانون الانتخابي واستفتاء التونسيين حولهما علاوة على تشكيل حكومة جديدة وتحديد موعد لانتخابات برلمانية جديدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».