هادي: نتطلع إلى تحقيق السلام... والتصدي لنقل الحوثيين التجربة الإيرانية

شدد على إصلاح الاقتصاد اليمني ووقف تدهور العملة

TT

هادي: نتطلع إلى تحقيق السلام... والتصدي لنقل الحوثيين التجربة الإيرانية

أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس (الاثنين)، حرص الشرعية في بلاده على تحقيق السلام بعد سنوات من الانقلاب الحوثي، متهماً الميليشيات بالسعي لنقل التجربة الإيرانية إلى اليمن بقوة السلاح خدمة لأجندة طهران، «وهو الأمر الذي لن يقبل به الشعب»، وفق تعبيره.
تصريحات هادي التي نقلتها عنه المصادر الرسمية جاءت خلال لقائه في الرياض القائمة بأعمال السفارة الأميركية في اليمن كاثرين ويستلي، وخلال تسلمه أوراق عدد من السفراء المعينين أخيراً لدى بلاده.
ومع تأكيد هادي على تحقيق السلام وفقاً للقرارات الدولية، وبخاصة قرار مجلس الأمن 2216، شدد في لقاء آخر جمعه أمس (الاثنين)، مع قيادة البنك المركزي اليمني على دور البنك في ضبط السوق المصرفية واستقرار الاقتصاد ووضع تدابير للحد من تهاوي العملة المحلية (الريال) أمام العملات الأجنبية.
ونقلت المصادر الرسمية عن الرئيس اليمني أنه «جدد حرصه على تحقيق آفاق السلام التي يتطلع إليها الشعب بعد معاناة طويلة من حرب انقلابية للميليشيات الحوثية على التوافق والإجماع سعياً من تلك الميليشيات على فرض نهجها ونقل التجربة الإيرانية لليمن التي لا يمكن القبول بها مطلقاً»، وفق تعبيره.
وبحسب ما ذكرته وكالة «سبأ»، أشار هادي إلى التزام الحكومة الشرعية بكل مساعي السلام في مختلف محطاته وآخرها اتفاق استوكهولم. وقال: «لقد أوقفنا بموجبه (الاتفاق) دخول قواتنا محافظة الحديدة بعد أن كانت على بعد أمتار من ميناء الحديدة، وبمقابل ذلك لم يلتزم الحوثيون بتعهداتهم في فك الحصار عن تعز وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين (الكل مقابل الكل) باعتبارها أولى خطوات السلام».
وفي حين أكد الرئيس اليمني أهمية الدور الأميركي في حض المجتمع الدولي والمنظمات والجهات المانحة على تقديم المساعدات لبلاده، أشار أيضاً إلى جهود واشنطن «في دعم جهود الحكومة، واستكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض من خلال الحث على تطبيق الشق الأمني والعسكري وتوحيد وتجهيز غرفة عمليات مشتركة ليتسنى من خلالها العمل وخدمة المواطن في ظروف طبيعية ومستقرة وتوحيد الجهود لمجابهة ميليشيات الانقلاب الحوثية».
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية ترفض حتى الآن المقترحات الأممية والدولية كافة لوقف النار وتصر على مواصلة هجماتها في محافظة مأرب من أكثر من اتجاه على أمل السيطرة على منابع النفط والغاز في أهم معقل للشرعية.
ومع دخول ملف الأزمة اليمنية في مرحلة من هدوء المساعي الأممية والدولية في انتظار جدول الأعمال الذي سيضعه المبعوث الأممي الرابع هانس غروندبرغ في الأيام المقبلة لاستئناف الجهد الأممي، يشكك كثير من المراقبين للشأن اليمني في إمكانية موافقة الجماعة الانقلابية على أي خطة للسلام، وذلك استناداً إلى ماضي الجماعة نفسها في التنصل من التزاماتها والتعويل على السلاح لتحقيق مكاسب على الأرض.
في سياق آخر، شدد الرئيس اليمني على أهمية تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي والمعيشي «في بلاده»، وقال إن ذلك يعد «مسؤولية وطنية ومجتمعية تناط بمؤسسات الدولة أولاً، ويتشارك الجميع في استتبابها».
وأفادت المصادر الرسمية بأن هادي استعرض مع رئيس وأعضاء مجلس إدارة البنك المركزي وبحضور رئيس الحكومة معين عبد الملك «الجهود المبذولة لعودة عجلة التنمية إلى مسارها الطبيعي، ووقف تداعيات آثارها المؤلمة التي خلفتها الميليشيات الانقلابية الحوثية على اليمن وطناً ومجتمعاً لاستباحتها مقدرات الدولة واستنزاف مواردها واحتياطات البنك المركزي لمصلحة مجهودها الحربي وخدمة مشروعها الدخيل، الأمر الذي عرض الوضع الاقتصادي للبلد لحالة من الانهيار».
ونقلت وكالة «سبأ» عنه أنه شدد على الاستمرار «في تلبية احتياجات المواطن وتأمين رواتب الموظفين والعسكريين بصورة عامة ووضع حد للتلاعب والمضاربة بالعملة من قبل شركات الصرافة واتخاذ الإجراءات الصارمة في هذا الصدد وضبط السياسة النقدية».
ودعا الرئيس اليمني إلى «التعاون والتكامل مع مختلف الأجهزة والمؤسسات المالية ذات الصلة، وفي مقدمتها وزارات المالية والنفط والمعادن والصناعة والتجارة والتخطيط والتعاون الدولي والأجهزة ذات العلاقة لحفظ استقرار العملة وتحقيق استقرار الأسعار وتعزيز الموارد وتنميتها وضبط المنظومة الإيرادية بشكل كامل وتفعيل أجهزة الرقابة لتجفيف منابع التهريب والفساد».
كما شدد هادي على «ضرورة الالتزام باللوائح والتوجيهات والعمل بشكل جدي لتفعيل الرقابة على البنوك والصرافين واتخاذ الإجراءات اللازمة والحازمة مع المتلاعبين والمتواطئين مع الميليشيا الحوثية من البنوك وشركات الصرافة، والعمل على نقل مركز عمليات البنوك التجارية إلى العاصمة المؤقتة عدن، مع ضرورة أن يكون هناك تنسيق وتكامل بين السياسة النقدية والمالية».
وقال: «من المهم ربط أي إجراءات نقدية يقدم عليها البنك مع إجراءات رقابية صارمة بما في ذلك أذون الخزانة، وكذلك الربط الشبكي بين البنك المركزي والبنوك والمنشآت المالية (بنوك - محلات صرافة) والحد أو التوقف عن إصدار التصاريح دون وضع الضوابط اللازمة مع دعم وتفعيل البنوك الحكومية في المناطق المحررة، والتزام الضوابط والإجراءات في منح أي تصاريح لبنوك تجارية، بحيث تكون تلك البنوك بنوكاً تجارية وطنية وبأرصدة مرتفعة من العملة الصعبة بما يسهم في استقرار العملة».
إلى ذلك، أمر الرئيس اليمني «باستعادة حسابات كل الوحدات المملوكة للدولة إلى البنك المركزي (دولار/ ريال) وإغلاقها في البنوك التجارية ولدى الصرافين»، كما «أمر بسرعة إنجاز عملية التدقيق الخارجي في حسابات البنك لأهمية ذلك على المستويين المحلي والدولي والتزام الاستقلالية والشفافية في ذلك».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».