عادل كرم لـ«الشرق الأوسط»: ذوقي يتغيّر ولا يرضيني أي مسلسل

قدّم بمهارة شخصيتَي «فارس» و«أمير» في «دور العمر»

عادل كرم وسيرين عبد النور في المسلسل
عادل كرم وسيرين عبد النور في المسلسل
TT

عادل كرم لـ«الشرق الأوسط»: ذوقي يتغيّر ولا يرضيني أي مسلسل

عادل كرم وسيرين عبد النور في المسلسل
عادل كرم وسيرين عبد النور في المسلسل

أهلاً بعادل كرم الذي يؤدي واحداً من جميل أدواره. كم تبدو رائعاً يا رجل، برغم امتهانك القتل! لماذا؟ لأنك لست قبيحاً من الداخل؛ يحرّكك ألم عميق وحاجة إلى تحقيق العدالة منذ مقتل والدك (في المسلسل) برصاصة طائشة وغياب الحساب. تساءل «شاهد» في حسابه عبر «تويتر» إن كان مبرّراً ما يرتكبه: أي الجرائم في حق الأشرار. يغلب التردد حسمَ الجواب، لكن الأكثرية أيّدت. يسمع عادل كرم ما يستحقه بعد تعب: ممتع حتى اللقطة الأخيرة. وممتعة سيرين عبد النور في جنونها وجموحها والضحكة المريضة. مشكورون يا جماعة على 10 حلقات من الروعة. والآن إلى الحديث مع عادل. من الآخر، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أمثّل على مزاجي، ولا أقبل بأي دور. كل أدواري محطات. أنتقي أعمالي بعناية وأبذل جهدي».
لسنة ونصف سنة تقريباً، «تكتك» ناصر فقيه بالنص، فكتبه بتروٍ واستمتاع. «نستعد على مهل»، يقصد عادل كرم نفسه وفقيه «رفيق الدرب»، مع شقيقه طارق كرم، أصحاب شركة «روف توب برودكشن»، منتجة مسلسل «دور العمر» الذي أنهى «شاهد» عرضه وحصد ضخامة الأصداء. شدّه السيناريو، «وهذا ليس سهلاً في مهنتنا». هو اليوم «في حالة تغيّر». ماذا تقصد لو سمحت؟ «ينبغي للمعروض علي إرضاء ذوقي. أبحث عن نصوص تستفزني وتحرّك حماستي. هنا الخليط فريد: نص وصورة وكاست، بقالب من التشويق والأكشن. وجدتُ نفسي في المسلسل، فوافقت عليه».
تطوّرت الشخصيات، حتى وصلت إلى ما شاهدناه: الجميع في مكانه، يؤدي من القلب. للإنصاف، نعدّد: طلال الجردي بأخلاقه وجوزيف زيتوني بخروقه؛ يارا فارس بتجاوز الخيبة وجان دكاش بسقوط القناع. كلّهم: نظرات غبريال يمين، مرور نوال كامل، جشع علي الخليل، وجع ريموند عازار، ومن لا يتّسع ذكره، لكنّ أثره كبير بين الناس. تفرض سيرين عبد النور على عادل كرم حسم الإجابة على سؤال: ماذا لو شاركتكَ غير بطلة الدور، أكان حقق هذا النجاح؟ «لا أرى غيرها بعد جمال الأداء. قدّمت الشخصية على أكمل وجه».
صحيح يا عادل، فالعطاء الصادق يملأ الإنسان ويتكلّم عنه من دون منّة أحد. يسبقه إلى الآخرين؛ وكالوهج، يستحيل إخفاؤه. كما يستحيل إخفاء لمساتكَ على شخصيتَي «فارس» و«أمير»، فـ«تكتيك» الممثل يُحلّي «الكراكتر». «لم يكن سهلاً الفصل بين الشخصيتين. كان علي الخروج من حالة للدخول في حالات»، يجيب كالمنتصر.
يحبّ رؤية ناصر فقيه؛ صديق السنوات منذ الكوميديا إلى الدراما. «لديه نظرة خاصة، وخبرته كمخرج تجعل نصه مختلفاً». راود فقيه شعور بأنه يكتب لكرم، قبل الاتفاق معه على بطولة المسلسل. مازحه الأخير: «إن أحسنتَ الكتابة، فسأتولّى الدور!»، وضحكا. اليوم، بعد عرض الحلقات العشر، يحصد الصديقان ومعهما الفريق والمخرج سعيد الماروق طيب الثمر. ذلك المُشبّع بشمس الصيف ورائحة الأرض. له اسم يدغدغ الفؤاد: النجاح المُستحق!
ويحب لمعة الماروق وجمالية تصويره مشهديات الطبيعة والعلاقات والانفعالات. أبهرنا بالفعل! يخبر القصة: «منذ أواخر التسعينات، ونحن نحاول ترتيب عمل مشترك. تحقق اللقاء هذا العام! تبدو الأشياء أكثر روعة في الأوقات المناسبة».
القرار لتطبيق «شاهد» بوجود جزء ثانٍ من «دور العمر» أو الاكتفاء بجزء. يرجّح عادل كرم الاحتمال، «لكن لا شيء محسوماً بعد». ليس من الصنف الذي يصبّ غضبه على نوع معيّن من الدراما، «فالسوق عجلة، وعليها الاستمرار». لا يرشق الدراما اللبنانية بحجر، «ففيها من كل المستويات»، ويصف الدراما العربية بـ«الممتازة». يستميله ما يعرضه «شاهد»: أعمال رائعة. يضع نفسه في مواجهة نفسِه، «فلو انتشيتُ بأي نجاح، لكنتُ توقفت عند (القضية رقم 23). أواصل الرحلة نحو الأعلى».
للتذكير، «القضية رقم 23» فيلم لزياد دويري، بطولة عادل كرم، أوصل لبنان إلى ترشيحات الـ«أوسكار». كان ذلك في عام 2017. واليوم، بعد أربع سنوات، ينظر إلى نفسه بامتنان. المعادلة: «إن عُرضت علي أعمال ذات مستوى، قد أمثّل في ثلاثة مسلسلات بالسنة. إن لم يُعرض علي ما يلبّي طموحي، فلا أنجرّ لأي عرض. أرفض مشاهدة نفسي بأدوار لا تليق».
لأنه ممثل، لا «يتكبّر» على صنف. طال الغياب عن الكوميديا، هو صاحب شخصيات ترسّخها الذاكرة: «ألفونس»، «فريد»، «أبو رياض»، «مجدي» وضحكات كثيرة. آه على الأيام، بأي مطرقة تطحن المرء! يوضح عادل كرم بأنه ليس شخصية كوميدية، على عكس ما يظنه الناس: «أنا ممثل، أؤدي كل الشخصيات». توقف التفكير بأي مشروع كوميدي بعد زلزال 4 أغسطس (آب)، فأمكن أن يكون بين الضحايا لولا رحمة الله. منزله مقابل للإهراءات، ومن لطف القدر أنه عصر ذلك الثلاثاء الرهيب شاء زيارة والدته، «وإلا لكنتُ على الشرفة، فريسة الموت». منذ الفاجعة، ولم يعد قادراً على إضحاك الناس. «أنا أيضاً من البشر. سأشعر بالخزي تجاه نفسي لو مارستُ غير قناعاتي ومشاعري. لستُ بلا مخ».
ليت تفادي الحديث عن النار اللبنانية ممكناً، لكننا نحترق حتى العظم. بوجع، يتساءل عادل كرم: «كيف أقول لولدَي: تحمّلا الحر الشديد مع انقطاع الكهرباء وتقنين المولدات؟ كيف أفسّر لهما عدم وجود الدواء في الصيدليات؟ الضغط هائل عليّ. لم أعد مسؤولاً عن نفسي فقط، فأتدبّر أمري. أنا أب. ومثل جميع اللبنانيين، لا أعرف ماذا ينتظر عائلتي».
مؤلم طرح السؤال، ولكن هل يفكّر عادل كرم بالهجرة؟ بترك البركان والبحث عن الأمان؟ «لا جواب». يعذّبه صراع الرحيل أم البقاء: «لا أستطيع حسم المسألة. تزدحم علامات الاستفهام في رأسي. مصائرنا على المحك. ضياع تام».
تشارُك الآلام يرمم شيئاً من الروح. «منذ انفجار المرفأ وأنا أتضرر كل يوم»، يقول عادل كرم. عذراً على تصويب المصطلحات، الأصح أننا نُباد. أحياء، لكن مقتولون.


مقالات ذات صلة

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».