«كوفيد ـ 19» يقتل شخصاً كل دقيقتين في إيران

الإصابات اليومية تجاوزت 40 ألفاً

لا تزال إيران بؤرة للوباء (رويترز)
لا تزال إيران بؤرة للوباء (رويترز)
TT

«كوفيد ـ 19» يقتل شخصاً كل دقيقتين في إيران

لا تزال إيران بؤرة للوباء (رويترز)
لا تزال إيران بؤرة للوباء (رويترز)

لا تزال إيران بؤرة فيروس «كورونا» في الشرق الأوسط منذ بدء الوباء في فبراير (شباط) العام الماضي وحتى اليوم؛ إذ تجاوزت الإصابات اليومية بالفيروس في البلاد عتبة 40 ألف حالة أمس (الاثنين)، وفق ما أفادت به وزارة الصحة الإيرانية، معلنة بذلك تسجيل رقم قياسي جديد على صعيد الإصابات والوفيات لليوم الثاني على التوالي. وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني، أمس، أن شخصاً يلقى حتفه كل دقيقتين بـ«كوفيد19»، بينما «كل ثانيتين يصاب شخص جديد بالعدوى». ويقارن هذا المعدل مع حالة وفاة واحدة تقريباً كل 3 دقائق قبل نحو شهر.
وفي الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، ثبتت إصابة 40.808 شخص بفيروس «كورونا»، بينما توفي 588، بحسب بيانات الوزارة التي ترجع السبب إلى انتشار سلالة «دلتا» شديدة العدوى من الفيروس. ومع هذه الحالات الجديدة ارتفعت الإصابات إلى 4 ملايين و199 ألفاً و537 منذ بدء تفشي الوباء، فيما وصل عدد الوفيات إلى 94.603. ويؤكد مسؤولون في قطاع الصحة في إيران، أكثر دول الشرق الأوسط تأثراً بالوباء، أن الأرقام الرسمية تبقى دون الفعلية. وتسجل العاصمة طهران، التي يزيد عدد سكانها على 8 ملايين نسمة، أكبر عدد من الوفيات والإصابات وحالات الاستشفاء منذ بدء تفشي الوباء في فبراير 2020، على ما أوضح نادر توكلي نائب مدير «الهيئة الوطنية لمكافحة (كوفيد19) في العاصمة الإيرانية.
وتشكو السلطات من تجاهل المواطنين قواعد التباعد الاجتماعي، وتقول وسائل الإعلام الرسمية إن المستشفيات في العديد من المدن لم تعد لديها طاقة لاستيعاب مزيد من المرضى. وانتقد بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المؤسسة الدينية الحاكمة في البلاد بسبب بطء حملة التطعيمات؛ إذ لم يحصل على لقاحات الوقاية من المرض بجرعتيها حتى الآن سوى 4 في المائة من سكان البلاد.
وقال لوكالة «إسنا» للأنباء: «نتوقع تسجيل ارتفاع في الوفيات في الأيام المقبلة، ولا نعرف متى سنصل إلى ذروة هذه الموجة الخامسة»، مضيفاً أن مستشفيات طهران وأقسام الطوارئ تعاني الاكتظاظ. ولا تزال حملة التلقيح الوطنية التي أطلقت في فبراير تمضي بشكل أبطأ مما كان مأمولاً فيه. ومن أصل إجمالي عدد السكان الذي يناهز 83 مليوناً، تلقى أكثر من 13 مليوناً جرعة واحدة من لقاح مضاد لـ«كورونا»، في حين تلقى 3.7 مليون شخص فقط الجرعتين، وفق أرقام وزارة الصحة أمس الاثنين.
وأوضحت الوزارة أنها تستخدم 4 لقاحات أجنبية؛ هي: «سبوتنيك» و«سينوفارم» و«بهارات» و«أسترازينيكا»، إضافة إلى لقاح «كوو إيران بركت» المنتج محلياً. وسعياً لتعويض نقص اللقاحات المستوردة، عملت إيران على تطوير لقاحات محلية. وأعلنت السلطات في الفترة الماضية منح موافقة طارئة لاستخدام اثنين من هذه اللقاحات، أحدهما «كوو إيران بركت».
وبات أكثر من نصف أقضية البلاد البالغ عددها 448، مصنفة عند المستوى «الأحمر»، وهو الأشد خطراً وفق مقياس التفشي الوبائي المعتمد في إيران. كما جرى رفع مستوى التحذير في أغلب أقاليم البلاد البالغ عددها 31 من «البرتقالي» منخفض الخطورة إلى «الأحمر» شديد الخطورة. ويقتضي بلوغ منطقة معينة هذا المستوى، إغلاق كل المتاجر أبوابها باستثناء الأساسية منها مثل الصيدليات ومحال المواد الغذائية. لكن العديد من مراكز التسوق والمتاجر، خصوصاً في شمال ووسط طهران، لا تزال تفتح أبوابها كالمعتاد، وفق صحافيين في وكالة الصحافة الفرنسية.
ومنذ بدء وباء «كوفيد19» لم تفرض السلطات الإيرانية إجراءات إغلاق شامل على غرار تلك التي اعتمدها العديد من دول العالم، عازية الأمر للظروف الاقتصادية الصعبة العائدة بالدرجة الأولى إلى العقوبات الأميركية. وتعود آخر إجراءات إغلاق واسعة النطاق إلى أواخر يوليو (تموز)، حين أقفلت الدوائر الحكومية والمصارف أبوابها لستة أيام في محافظتي طهران والبرز المجاورة لها.
ومنع المرشد علي خامنئي في يناير (كانون الثاني) استيراد اللقاحات المصنعة في الولايات المتحدة وبريطانيا بحجة أنها غير موثوق بها وقد تفاقم العدوى. وحث الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، الذي تلقى أول جرعة له من لقاح محلي الصنع علناً أول من أمس (الأحد)، المسؤولين على تسريع وتيرة التطعيم واستخدام «كل الوسائل الضرورية» لكبح الوباء، وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الرسمية.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

دراسة: الإسرائيليون لديهم قدرات فهم متأخرة ويبالغون في تقدير أنفسهم

جامعة تل أبيب من الجو (إنترنت)
جامعة تل أبيب من الجو (إنترنت)
TT

دراسة: الإسرائيليون لديهم قدرات فهم متأخرة ويبالغون في تقدير أنفسهم

جامعة تل أبيب من الجو (إنترنت)
جامعة تل أبيب من الجو (إنترنت)

كشف استطلاع مهارات البالغين الذي نشرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) صورة للمجتمع الإسرائيلي، تظهره يتسم بمستوى منخفض للغاية في قدرات فهم المقروء وحل المشكلات، وفي الوقت نفسه، يظهر لديه رضا عالٍ عن الحياة وتقدير مفرط للقدرات الشخصية.

وتقوم الدراسة على أساس فحص مهارات البالغين، من مواطنين تتراوح أعمارهم بين 16 و65 عاماً في ثلاثة مجالات: فهم المقروء، والكفاءة الرياضية، وحل المشكلات المتغيرة. وقد أجريت الدراسة في 31 دولة حول العالم خلال عامي 2022 و2023 (بعد جائحة كورونا وقبل الحرب). وتم نشر النتائج الأولية بالعبرية من قِبَل دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل. ومع أن المعيار للدراسة هو في اختبارات الذكاء في الرياضيات وفي فهم المقروء، فإنها تخرج باستنتاجات عميقة عن المجتمع.

وبحسب تقرير أعده الدكتور جيل غيرتيل، مدرس في المهنة ويعمل في تطوير المناهج الدراسية وله عدة مؤلفات في التربية والتعليم، فإنه في الدورة السابقة من الاستطلاع، التي نُشرت في عام 2016، تعثرت إسرائيل في ذيل ترتيب الدول، أيضاً. لكن حكوماتها لم تتفاعل مع هذه النتائج، ولم تنجح (إن كانت قد حاولت أصلاً) في تحسين مهارات المواطنين الإسرائيليين. لذلك، تعد النتائج فضيحة كبرى للقيادات السياسية.

وكان الاختبار الذي جرى للمواطنين ويتعلق بفهم المقروء، قد عرض نصاً يشرح لماذا تصبح شريحة الخبز التي تعرضت للهواء يابسة، بينما يصبح البسكويت ليناً. والجواب هو أن هناك فجوة بين الرطوبة الموجودة في الخبز والبسكويت، والرطوبة الموجودة في الهواء. وبناء على النص، سئل المشاركون أي من العنصرين يجب لفه لكي يبقى طازجاً، وأي منهما يُعد أكثر طازجاً عندما يصبح ليناً.

وفي مسألة الكفاءة الرياضية، طُلب من المشاركين حساب عدد لفات ورق الجدران التي يبلغ عرضها 52 سم وارتفاعها 10 أمتار، المطلوبة لتغطية جدار معين، يبلغ ارتفاعه 2.5 متر، وعرضه 7 أمتار.

وفي السؤال عن حل المشكلات المتغيرة، طُلب من المشاركين تخطيط مسار على تطبيق لخريطة، تم فيها الإشارة إلى المنازل، والمدرسة، وبعض محلات البقالة. كان عليهم تنظيم مسار يمكنهم من توصيل الأطفال إلى المدرسة، والتسوق، والعودة إلى المنزل في غضون ساعة. بعد الإجابة الأولية، تم تقديم معلومات إضافية إلى الممتحنين تُغير المعطيات في السؤال (تم إغلاق المحل الذي اختاروه)، وطُلب منهم تعديل المسار بناءً على ذلك.

ويقول د.غيرتيل إن النتائج جاءت محبطة. ففي كل اختبار من هذه الاختبارات فشل أكثر من ثلث المشاركين في إسرائيل: 34 في المائة فشلوا في اختبار الكفاءة الرياضية، 36 في المائة فشلوا في اختبار فهم المقروء، و40 في المائة فشلوا في اختبار حل المشكلات المتغيرة. وربع الإسرائيليين (24.3 في المائة) فشلوا في جميع الاختبارات الثلاثة. ويضيف: «هؤلاء يعيشون بيننا، ولكنهم لا يفهمون العالم اللفظي أو العددي، ولا يمكنهم التكيف مع المواقف أو التغيرات. لقد حلت إسرائيل بالمرتبة 27 من أصل 31 دولة شاركت في هذه الدراسة، وهو أقل من المتوسط العالمي».

في إسرائيل، كما في جميع أنحاء العالم، يرتبط الأداء بالعمر، حيث حقق الشباب درجات أفضل من البالغين. وكما في جميع الدول يرتبط الأداء بالمستوى التعليمي، حيث تكون الدرجات أعلى كلما كان التعليم الرسمي أعلى. لكن مرة أخرى، في جميع فئات التعليم كانت إسرائيل أدنى من المتوسط العام للدول. على سبيل المثال، في اختبار فهم القراءة وصل الحاصلون على تعليم أقل من الثانوي في إسرائيل إلى المركز 27 من أصل 31 دولة، وحصل خريجو الثانوية على المركز 30 (!)، بينما حصل الأكاديميون الإسرائيليون على المركز 28 مقارنة بالأكاديميين في الدول الأخرى.

لكن المشكلة الأكبر ظهرت عندما فحصت الدراسة العلاقة بين مستوى المهارات ومؤشرات الرفاهية (well-being). وطُلب من المشاركين تقرير مدى رضاهم عن حياتهم بشكل عام، ومدى تقييمهم لصحتهم على أنها جيدة. ففي جميع الدول، تم العثور على علاقة إيجابية: كلما حقق المشاركون نتائج أفضل في اختبارات المهارات زادت معدلات رضاهم عن حياتهم وشعورهم بالصحة الجيدة. ولكن عند المقارنة بين الدول ظهرت حالتان استثنائيتان مثيرتان للاهتمام: اليابان التي حقق مواطنوها أعلى الدرجات في اختبارات المهارات، تأتي في آخر القائمة في مؤشرات الرضا والشعور بالصحة. بينما إسرائيل تُظهر الوضع العكسي: على الرغم من أنها تتخلف في ترتيب الأداء فإن 80.4 في المائة من الإسرائيليين أفادوا برضاهم العالي عن الحياة، وهو أعلى من المتوسط العالمي، وهي توجد في المركز الثامن من أصل 31 دولة. وأفاد 67.4 في المائة من الإسرائيليين بشعورهم بصحة جيدة جداً، وهو ما يضع إسرائيل في المركز الأول (!) من بين جميع الدول.

ويقول د.غيرتيل إن البحث يثبت أن الحكومات الإسرائيلية لم تتخذ سياسات لتحسين مهارات المواطنين الإسرائيليين، مما أثر على قدرتهم على الاندماج في الحياة الاجتماعية والمدنية. لكن، من المثير للاهتمام ما إذا كان ذلك قد حدث عن قصد أو نتيجة لعدم الكفاءة والافتقار إلى الاحترافية. على أي حال، قد تفسر المستويات المنخفضة المزمنة مستوى الرضا غير المتناسب والتقدير الذاتي المفرط في دولة تقف على حافة النرجسية. وهؤلاء الإسرائيليون، الذين يملاهم الفراغ، نعرفهم جيداً من الكنيست، ومن استوديوهات المعلقين في التلفزيون، ومن الشبكات الاجتماعية.