حمدوك إلى جوبا لاحتواء الأزمة الجديدة في جنوب السودان

«الإيقاد» تقرر التدخل العاجل حفاظاً على «السلام»

TT
20

حمدوك إلى جوبا لاحتواء الأزمة الجديدة في جنوب السودان

يتوجه رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، خلال الأيام المقبلة إلى جوبا للتباحث مع قادة الحكومة في جنوب السودان لاحتواء الأزمة على خلفية الاشتباكات المسلحة التي تدور بين الجيش الحكومي ومنشقين عن قوات نائب رئيس الحكومة رياك مشار، على الحدود السودانية.
وتبدي دول المنطقة قلقاً متزايداً من أن يهدد تجدد الصراع والقتال وسط قوات المعارضة عملية السلام الهشة في جنوب السودان.
وترأست وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، عبر تقنية الاتصال المرئي أمس، اجتماعاً طارئاً لوزراء خارجية منظمة «الإيقاد» ناقش تطورات الأوضاع في جنوب السودان.
ودعت المهدي، رئيسة المجلس الوزاري للمنظمة، جميع الأطراف لوقف القتال فوراً واللجوء إلى السبل السلمية لإيجاد حلول لخلافاتهم دون جر البلاد إلى حرب أهلية أخرى لا تخدم مصلحة أي من الأطراف.
وأكدت المهدي في بيان عقب الاجتماع، دعم السودان غير المحدود بصفته رئيساً للإيقاد لتنفيذ اتفاقية السلام المنشطة لحل النزاع في جنوب السودان. وقالت المهدي إن زيارة رئيس الوزراء، بصفته رئيس الدورة الحالية لمنظمة «الإيقاد»، إلى جوبا تهدف لتعزيز الثقة بين أطراف السلام وتنفيذ بنود اتفاقية السلام المنشطة.
وعبرت الوزيرة السودانية، عن قلق بلادها من الأحداث الأخيرة بين فصائل الحركة الشعبية في المعارضة وخطورتها. وشددت «على ضرورة إيجاد حلول ودية لما لها من آثار خطيرة على سلام واستقرار شعب جنوب السودان الشقيق».
وأكدت المهدي حرص وزراء خارجية دول الإيقاد والشركاء الدوليين (دول الترويكا والاتحاد الأوروبي وبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان) على السلام واستقرار الإقليم، ودعمهم لتفعيل دور «الإيقاد» في حل أزمات الإقليم وسرعة استجابتهم لعقد الجلسة الطارئة لإيجاد حلول عاجلة لاحتواء الأزمة.
واندلعت السبت الماضي معارك ضارية بين فصيل عسكري منشق من قوات نائب رئيس حكومة جنوب السودان، رياك مشار، خلفت 27 قتيلاً بحسب بيان الحركة، فيما تنذر حالة الحشد والتعبئة بتصاعد خطير للصراع.
وأجرى وزراء خارجية دول الإيقاد أول من أمس مشاورات للتحرك العاجل مع كافة أصحاب المصلحة للوقف الفوري لإطلاق النار، والتمهيد لحل سلمي للخلافات عن طريق الحوار. وشددوا على محورية اتفاقية السلام المنشطة لاستدامة السلام في جنوب السودان وضرورة التزام كافة الأطراف بها وتسريع تنفيذ البنود التي لم تنفذ، كما اتفقوا على تكثيف المشاورات بينهم حول تطورات الأوضاع.
وشارك في الاجتماع الطارئ للمنظمة، وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف، ووزيرة خارجية كينيا راهيل أومامو، ووزير خارجية الصومال محمد عبد الرزاق، ووزيرة خارجية جمهورية جنوب السودان باتريشيا خميسة واني، ووزير خارجية أوغندا أودنقو جيجي، والسكرتير التنفيذي للإيقاد وركنة قبيهو.
وعقب اندلاع القتال ناشدت الخرطوم كافة أطراف النزاع لوقف المواجهات المسلحة، والبحث عن طرق سلمية لمعالجة الخلافات داخل الحركة الشعبية التي تشارك في السلطة بناءً على الاتفاق.
وأعلنت الحكومة السودانية أنها ستتخذ موقفاً محايداً من جميع الأطراف، مشددة على الالتزام باتفاقية السلام، وعدم الخروج عنها.
ولعبت «الإيقاد» دوراً مهماً في رعاية المفاوضات بين الأطراف المتصارعة عقب الحرب الدامية التي شهدها الجنوب عام 2013، ونجحت في التوصل لاتفاق نهائي استضافته الخرطوم عام 2018، وهو الاتفاق الحالي الذي تتخوف «الإيقاد» من حدوث أي ارتدادات عنه. وتعمل منظمة الإيقاد، ومقرها جيبوتي، على تسوية الصراعات الإقليمية عبر الحول السلمية، والحفاظ على السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.