تعهد يمني بمساندة غروندبيرغ... وتراجع حوثي

لقاء سابق جمع غريفيث مع وزيرة الخارجية السويدية وهانز غروندبيرغ عندما كان سفيراً للاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تويتر)
لقاء سابق جمع غريفيث مع وزيرة الخارجية السويدية وهانز غروندبيرغ عندما كان سفيراً للاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تويتر)
TT

تعهد يمني بمساندة غروندبيرغ... وتراجع حوثي

لقاء سابق جمع غريفيث مع وزيرة الخارجية السويدية وهانز غروندبيرغ عندما كان سفيراً للاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تويتر)
لقاء سابق جمع غريفيث مع وزيرة الخارجية السويدية وهانز غروندبيرغ عندما كان سفيراً للاتحاد الأوروبي لدى اليمن (تويتر)

تعهد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك أمس (الأحد) إنجاح مهمة المبعوث الأممي الجديد إلى بلاده هانز غروندبيرغ، في حين تراجعت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران عن موقفها المرحب بعد ساعات، إذ عدت تعيينه «لا يعني شيئا» بحسب ما قاله المتحدث باسم الجماعة المعروف باسم محمد عبد السلام فليتة.
وفي حين يعتقد أن تراجع الجماعة الانقلابية عن الترحيب بتعيين الدبلوماسي السويدي في منصب المبعوث جاء بإيعاز إيراني، يتوقع مراقبون للشأن اليمني أن الجماعة تستعد لمسلسل جديد من المراوغات التي دأبت عليها أثناء عمل المبعوثين السابقين، في سياق سعيها لإفشال مساعي السلام والرهان على عامل الوقت لمواصلة تصعيدها العسكري.
وكان وزير خارجية الانقلاب هشام شرف سارع (السبت) إلى الترحيب بتعيين المبعوث الجديد، ونقلت النسخة الحوثية عنه قوله إنه يتمنى له النجاح في مهمته، دون أن يغفل عن تكرار شروط الجماعة لوقف القتال.
وبعد ساعات فقط من هذا الترحيب قال المتحدث باسم الجماعة محمد فليتة في تغريدة على «تويتر» إن «تعيين مبعوث جديد لا يعني شيئا ما لم يكن هناك إعلان صريح بوقف ما سماه بـ«العدوان ورفع الحصار». في إشارة إلى العمليات القتالية التي يخوضها الجيش اليمني بإسناد من تحالف دعم الشرعية وإلى القيود المفروضة على تهريب الأسلحة للجماعة عبر المنافذ الخاضعة لها.
وزعم المتحدث الحوثي الذي يعد الوزير الفعلي لخارجية الانقلاب أنه «لا جدوى من أي حوار قبل فتح المطارات والموانئ كأولوية وحاجة وضرورة إنسانية» وفق تعبيره.
يشار إلى أن الجماعة ترفض منذ أشهر خطة أممية للسلام تقوم على المبادرة السعودية التي تقترح وقفا شاملا لإطلاق النار، كما تقترح إعادة الرحلات التجارية إلى مطار صنعاء عبر الوجهات التي تعمل منها حاليا الخطوط الجوية اليمنية، إلى جانب تخصيص إيرادات ميناء الحديدة لدفع رواتب الموظفين الحكوميين، ثم الشروع في مشاورات الحل الشامل.
وإذ لا يتوقع العديد من المراقبين للشأن اليمني أن تسفر جهود المبعوث الجديد عن أي تقدم، بسبب التعنت المعهود عن الميليشيات الحوثية، أكد رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك أن حكومته الشرعية «ستقدم كل العون والمساندة لإنجاح مهام المبعوث الأممي الجديد وفق مرجعيات الحل السياسي الثلاث المتوافق عليها محليا والمؤيدة دوليا والمتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومنها القرار 2216».
تعهد الشرعية إنجاح مهمة المبعوث الأممي الرابع، جاء أمس (الأحد) خلال اتصال هاتفي بين رئيس الحكومة عبد الملك والمبعوث غروندبيرغ، بحسب ما ذكرته المصادر الرسمية.
وذكرت وكالة «سبأ» أن رئيس الوزراء تبادل مع المبعوث الأممي الجديد الأفكار والرؤى والمنطلقات التي سيتم البدء منها وآليات التنسيق والدعم الحكومي للجهود التي سيقوم بها المبعوث في مختلف الجوانب، بالاستفادة من الدعم الإقليمي والدولي غير المحدود لمهمته لإحلال السلام في اليمن واستئناف العملية السياسية.
وأفادت المصادر نفسها بأن عبد الملك «قدم التهنئة للمبعوث الأممي الجديد مع تمنياته له بالتوفيق والنجاح في مهامه والعمل وفق رؤية مختلفة انطلاقا من معرفته الكبيرة بشؤون اليمن والمنطقة وبما يؤدي إلى إحلال السلام وتطبيق القرارات الدولية الملزمة للحل السياسي في اليمن».
ونقلت الوكالة اليمنية الرسمية أن رئيس الوزراء تطرق خلال المحادثة الهاتفية إلى «تجارب الحوار مع ميليشيا الحوثي ونقضها المستمر للاتفاقات والضغط الأممي والدولي المطلوب باتجاه تجاوز المراوغات والتسويف من قبل الميليشيا وداعميها في طهران لإطالة أمد الحرب في اليمن، وتهديد أمن واستقرار المنطقة والعالم، مؤكدا أن استمرار التعامل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بذات الآليات والطريقة لن يؤدي إلى تحقيق أي نجاح ما لم تكن هناك وسائل ضغط عملية أكثر فاعلية وقوة».
وأشار عبد الملك إلى أن الشعب في بلاده «لم يعد يحتمل المزيد من المعاناة الإنسانية في ظل استمرار التعنت والصلف الحوثي في رفض كل الحلول والمبادرات السياسية، وتصعيد الميليشيات العسكري ضد المدنيين والنازحين واستهداف دول الجوار».
وفيما أعرب عن تطلعه إلى أن يثمر الإجماع الدولي والإقليمي في الوصول إلى حل سياسي في اليمن بنتائج إيجابية تحقق تطلعات الشعب في الاستقرار ورفع المعاناة التي يعيشها منذ انقلاب الميليشيات الحوثية على السلطة الشرعية وإشعالها للحرب أواخر العام 2014 نسبت المصادر الرسمية نفسها إلى المبعوث الجديد، أنه «عبر عن تقديره لكل الأفكار التي طرحها رئيس الوزراء وما تبديه الحكومة اليمنية من استعداد للتعاون الإيجابي مع الحل السياسي» وأنه «أكد أنه سيبذل كل الجهود للوصول إلى حل للأزمة في اليمن واستئناف العملية السياسية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.