«مغامرة النظام» في درعا «تعكر الأجواء» بين دمشق وموسكو

مساعٍ روسية لتهدئة في جنوب سوريا

صورة أرشيفية من غارات سابقة للنظام السوري  على درعا (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية من غارات سابقة للنظام السوري على درعا (أ.ف.ب)
TT
20

«مغامرة النظام» في درعا «تعكر الأجواء» بين دمشق وموسكو

صورة أرشيفية من غارات سابقة للنظام السوري  على درعا (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية من غارات سابقة للنظام السوري على درعا (أ.ف.ب)

بدا أن موسكو التي تقوم بجهود نشطة منذ أكثر من أسبوع للوساطة في درعا تقف للمرة الأولى منذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا، في نهاية سبتمبر (أيلول) 2015، أمام اختبار جدي لقدرتها على «لجم تحركات النظام»، وإعادته إلى مربع التفاهمات التي لعبت دوراً أساسياً في إقرارها سابقاً حول الوضع في الجنوب السوري.
وسبق أن واجهت موسكو صعوبات في إدارة العمليات العسكرية والسياسية في أكثر من منطقة، خصوصاً بسبب خلافات ميدانية ظهرت مع النظام وإيران حول آليات إدارة المعارك. وعلى الأقل يمكن ذكر مثالين في معركة حلب ومعركة الغوطة الشرقية. لكن الجديد أن تأجيج الموقف حول درعا جاء في وقت اطمأنت فيه موسكو إلى تثبيت خطوط النار على مناطق النفوذ القائمة حالياً في سوريا، وعدم الرغبة في وقوع تفجير يمكن أن يؤدي إلى اندلاع مواجهات واسعة، فضلاً عن أن تغير المشهد العسكري على الأرض، والسياسي المحيط بسوريا، جعل موسكو تضع أولوياتها في دفع المسار السياسي، وفقاً للتأويل الروسي له، من خلال تقديم مهام الإصلاح الدستوري ومسألتي عودة اللاجئين وإعادة الإعمار.
لكن التحول المفاجئ الذي واجهته موسكو لم يبدأ من درعا، إذ سبق ذلك «شعور واسع بخيبة الأمل»، كما قال لـ«الشرق الأوسط» مصدر روسي مطلع، بسبب مضمون ولهجة خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد بعد انتخابات دافعت عنها موسكو طويلاً في وجه التشكيك الدولي، إذ رأت الأوساط الروسية في لهجة الخطاب محاولة لتقويض مسار الإصلاح الدستوري، وعودة إلى محاولة تثبيت معادلة «المنتصر والمهزوم».

ورأى المصدر أنه «ليست موسكو وحدها التي قيمت الخطاب بشكل سلبي، بل العالم أجمع، لأنه في الظروف الحالية الكارثية التي يعيشها الشعب السوري في غالبيته جاء الخطاب خالياً من أي منطق بناء يتحمل المسؤولية في معالجة أوضاع الشعب السوري سياسياً واقتصادياً، وظهر الرئيس السوري كأنه يمثل فئة صغيرة جداً من الشعب السوري».
ومع اتفاق المحللين الروس مع الرؤى التي قدمها عدد من الخبراء حول أسباب تصعيد النظام في درعا، بعدما شعر أن فتح الحوار الروسي - الأميركي يمنحه هامشاً للتحرك، خصوصاً مع التحرك الأردني تجاه واشنطن، ورسائل التطمين التي وصلت إلى دمشق من أطراف إقليمية وازنة، فإن موسكو رأت في التصعيد تحدياً لتحركاتها الأخيرة، خصوصاً في ظل التقييم الإيجابي لنتائج إعادة فتح قنوات التنسيق الروسي - الأميركي.
ووفقاً للمصدر الروسي، فإن «موسكو غير راضية وغير مرتاحة لكثير من الممارسات التي تقوم بها القيادة في دمشق، وهناك شعور بأن عملية عرقلة البدء بمسار الانتقال السياسي على أساس قرار مجلس الأمن (2254) بالدرجة الأولى تتحمل مسؤوليتها القيادة في دمشق، وأن التوتر في الجنوب، وإرسال الجيش السوري لمحاصرة مدينة سورية، من أحد أهدافه خلق واقع جديد للابتعاد أكثر عن الواقع الذي يطالب به المجتمع الدولي، بتنفيذ قرار مجلس الأمن، وهذا يتعارض مع ما تسعى إليه روسيا في السير بخريطة الطريق التي أعلنت في ختام مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي 2018».
وخلال الأسبوع الأخير، التزمت موسكو الصمت على المستوى الرسمي، ولم تصدر تعليقاً على المستويين العسكري أو الدبلوماسي حول التدهور الحاصل في درعا، لكنها في المقابل نشطت تحركاتها على الأرض بشكل قوي، بهدف منع انزلاق الموقف، ومحاولة التوصل إلى صيغة مقبولة لاتفاق جديد على التهدئة.
ومع غياب الموقف الرسمي المعلن، فإن تسريبات أشارت في أكثر من موضع إلى أولويات موسكو في درعا. وتتمثل الأولوية القصوى، وفقاً لرأي المستشار لدى وزارة الخارجية رامي الشاعر، في المحافظة على نظام التهدئة، ومنع التصعيد أو توسيع المواجهات، وهو مع «تفهمه» مشاعر «القلق والخوف المستبدين بأهل درعا البلد، خاصة مع ورود معلومات عن عمليات (تعفيش) من قبل عناصر الجيش السوري في أثناء عمليات التفتيش لبعض المنازل، حيث تم سرقة الممتلكات من داخلها، وتركت خالية تماماً»، يؤكد أن الموقف الروسي ينطلق من أن «نظام التهدئة ما زال سائداً بشكل عام، ولا توجد أي عمليات قتالية عسكرية واسعة النطاق».
لكن في الوقت ذاته، بدا أن تعنت النظام، ورفضه عدداً من المقترحات التي قدمها الوسطاء، سبب إزعاجاً جدياً لموسكو، وهو ما انعكس على تسريبات حول قيام ضابط روسي بطلب مغادرة وزير الدفاع السوري أحد الاجتماعات أخيراً.
لكن الأهم من ذلك هو تعبير المصادر الروسية عن «رفض حازم لمطالب القيادة في دمشق بمغادرة بضع مئات من الأشخاص من درعا إلى الشمال»، وعد ذلك «أمراً غير مقبول، ولا يمكن السماح به»، إذ يظهر هذا الموقف -إذا تمسكت به موسكو- مستوى وحجم التحول الذي حصل على الأرض السورية، ودرجة تبدل أولويات روسيا، قياساً بإصرار الروس في مراحل سابقة على إخراج سكان عدد من المناطق، ونقلهم إلى الشمال السوري.

النقطة الثانية المهمة التي أشار إليها الشاعر كانت حول أنه «لا شك أن مقاطعة مناطق في الجنوب السوري لعملية الانتخابات الرئاسية الأخيرة أزعجت القيادة في دمشق»، وتظهر تفهماً روسياً وقناعة لدى موسكو بأن قطاعات واسعة من السوريين لم تعد تقبل بعودة سيطرة النظام على مناطقها، وأن على النظام أن ينطلق من هذه الحقيقة للتعاطي مع الواقع على الأرض، بدلاً من التلويح مجدداً بقدرته على «استعادة السيطرة على كل شبر». بهذا المغزى جاءت رسالة المستشار الروسي حول أن «سيادة الدولة على التراب السوري لا تتجسد في فرض نظامها وقوانينها الأمنية، بل بتأمين مقومات الحياة الأساسية للمواطنين، من ماء وكهرباء وتدفئة ودواء وغذاء وفرص عمل ومؤسسات تعليمية، وتوفير الإحساس للمواطن بالأمن والاستقرار، وضمان حقه في التعبير عن رأيه بحرية تامة، فهل يجوز للسلطات في دمشق التي تعجز عن تأمين الحد الأدنى من هذه الاحتياجات أن تحشد جيشها، وتخطط لعملية اقتحام مدن يقدر عدد سكانها بنحو 50 ألف لمجرد أنهم جميعاً غير راضين عن الأوضاع ونظام الحكم الراهن؟».
هنا، يمكن التوقف عند قناعة روسية بأن الجهد المبذول حالياً مع ملف تثبيت الهدنة، وعودة الهدوء في الجنوب، يهدف إلى «إيجاد آلية دولية لتأمين المساعدات الإنسانية لأهل الجنوب، خاصة في المناطق التي فرض عليها الجيش السوري الحصار».



وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT
20

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)
من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».