العراق يسترجع 17 ألف قطعة في أكبر عملية لاستعادة الآثار

صناديق خشبية تحتوي على قطع أثرية مسروقة استردها العراق من الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
صناديق خشبية تحتوي على قطع أثرية مسروقة استردها العراق من الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
TT

العراق يسترجع 17 ألف قطعة في أكبر عملية لاستعادة الآثار

صناديق خشبية تحتوي على قطع أثرية مسروقة استردها العراق من الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
صناديق خشبية تحتوي على قطع أثرية مسروقة استردها العراق من الولايات المتحدة (إ.ب.أ)

عندما هبطت طائرة رئيس الوزراء العراقي في بغداد، خلال الأسبوع الماضي، بعد زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية، كانت الشحنة التي تحملها تتضمن 17 ألف قطعة أثرية مُسترجَعة من متحف بارز، وإحدى جامعات «رابطة اللبلاب»، مما يجعلها أكبر عملية استعادة للآثار العراقية المنهوبة.
وبدأت يوم الثلاثاء عملية وضع الصناديق الخشبية، التي تحمل داخلها آلاف الألواح الفخارية والأختام التي يعود أصلها إلى بلاد الرافدين، حيث أقدم حضارة عرفها العالم، بجوار منضدة معروض عليها بعض القطع الأثرية، بينما يتسلم وزير الثقافة العراقي تلك الكنوز الثقافية لتصبح في عهدته.
وتمثل عملية استعادة كل تلك القطع نهاية لفصل في قصة بلد تمزَّق بفعل عقود من الصراع والحرب لدرجة سمحت للصوص باستخراج تاريخه من باطن الأرض وبيعه في الخارج، لينتهي به المطاف في متاحف بلدان أخرى. ويعد ذلك انتصاراً ونجاحاً لمحاولة عالمية قامت بها دول للضغط على مؤسسات غربية من أجل إعادة قطع أثرية ذات أهمية ثقافية تشبه عملية الدفع باتجاه إعادة مجموعة المنحوتات البرونزية الأثرية إلى نيجيريا.
وقال حسن ناظم، وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي، في اتصال هاتفي، إنّ «الأمر لا يتعلق بمجرد إعادة آلاف الألواح الأثرية إلى العراق، بل يتعلق بالشعب العراقي. إنّها ليست استعادة لألواح فحسب، بل لثقة الشعب العراقي، من خلال تعزيز الهوية العراقية، ودعماً في تلك الأوقات العصيبة».
وكانت المؤسسة التي بحوزتها نحو 12 ألف قطعة، هي متحف الكتاب المقدس، وهو متحف في واشنطن أسّسته وموّلته العائلة الإنجيلية المسيحية التي تمتلك سلسلة متاجر التحف «هوبي لوبي»، منذ أربعة أعوام. وكان الهدف من جلب قطع أثرية يعود أصلها إلى بلاد الرافدين القديمة هو تقديم سياق للأحداث التي جاء ذكرها في العهد القديم.
وكانت وزارة العدل الأميركية قد فرضت غرامة قدرها 3 ملايين دولار على «هوبي لوبي»، لعدم تدقيقها في عمليات استحواذها على أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية، كانت بعضها ضمن تلك المجموعة التي أُعيدت إلى العراق، الأسبوع الماضي.
كذلك كانت جامعة كورنيل تمتلك أكثر من 5 آلاف قطعة من القطع التي أُعيدت خلال الأسبوع الماضي. وكان جامع تحف أميركي قد تبرَّع بتلك المجموعة، التي يعود تاريخها إلى مدينة غارسانا السومرية، إلى الجامعة عام 2000. ونظراً لأنّ تلك المدينة كانت مجهولة في ذلك الوقت، كان كثير من علماء الآثار يشكون في أنّ مصدرها هو موقع أثري منهوب في جنوب العراق. وتسلّط تلك المقتنيات الضوء على سوق مزدهرة لبيع الآثار المنهوبة، وكذا على نكبة دول مثل العراق، الذي تعرّض إلى عملية نهب لآثاره تمتد لنحو ثلاثة عقود. ويعود أصل كثير من الألواح الفخارية والأختام التي استعيدت إلى مدينة أريساكرك القديمة المفقودة، ولم يُعرف بوجودها إلا بعد ضبط الألواح التي يأتي فيها ذكر المدينة، ومصادرتها على الحدود الأردنية عام 2003. في حين وصلت آلاف من القطع الأخرى إلى أسواق الآثار الدولية. ويضم جنوب العراق، الذي يُعد جزءاً من بلاد الرافدين القديمة، آلاف المواقع الأثرية التي لم تُكتشف بعد، والتنقيب بها بين نهري دجلة والفرات، حيث بدأت أقدم حضارات العالم. وقد ازدهرت كل من مدينتي بابل وأور، حيث وُلد النبي إبراهيم، حسب ما هو معروف، في تلك المنطقة، وحيث نشأت الكتابة، وازدهر علم الفلك، ووُضع أول قانون معروف.
ولا تضم مجموعة القطع، التي استعيدت من «هوبي لوبي»، ما كان يعد أشهر المقتنيات القادمة من بلاد الرافدين، وهو جزء من لوح فخاري عمره نحو 3500 عام، منقوش عليه جزء من ملحمة غلغامش، وهي ملحمة بطولية قديمة تروي قصة فيضان هائل وجنة عدن قبل العهد القديم بعدة قرون.
وقد صادرت وزارة العدل الأميركية، اللوح التي تصفه بأنّه من «الممتلكات العراقية المسروقة»، عام 2019. ويعدّ القطعة الأثرية الوحيدة من مجموعة «هوبي لوبي»، التي عُرضت في متحف الكتاب المقدس. وقد تم شراء بعض القطع الأثرية ضمن مجموعات تحتوي على ألفي قطعة في إطار عملية وصفها المدير الحالي للمتحف بأنّها مجرد أعمال ورقية غامضة، لدرجة أنّ المتحف نفسه لم يكن يعلم بما يجلبه حقاً. ونظراً لعدم دراسة أكثر القطع، التي تمّ شراؤها لصالح المتحف، تظل لغزاً غامضاً. وكانت القطعة الوحيدة، التي استبعدت من المجموعة، هي قالب من الحجر منقوش عليها كتابة مسمارية مأخوذ من معبد يعود تاريخه إلى عهد الملك نبوخذ نصر، ويُعدّ أصلها واضحاً.
ويذكر المتحف أنّ أوراق التصدير الخاصة بالأسرة التي تبرعت بها توضح أنّه قد جُلبت بطريقة قانونية من العراق إلى الولايات المتحدة الأميركية، خلال عشرينات القرن العشرين.
على الجانب الآخر، درس باحثون القطع الأثرية، التي أعادتها جامعة كورنيل، ونشروا نتائج البحث. وينتقد كثير من علماء الآثار أي بحث يتعلق بالقطع المنهوبة، إذ يرون أنّ هذا لا يحرم الدول التي تنتمي إليها القطع، من فرصة دراستها فحسب، بل يساعد أيضاً في دعم تجارة القطع الأثرية المنهوبة من خلال رفع أسعار قطع مماثلة معروضة في السوق السوداء.
وقد ذكرت جامعة كورنيل، التي لم تكشف كثيراً عن عملية إعادة مجموعتها، أنّها قد أعادت 5.381 لوحاً فخارياً إلى العراق. وكانت وزارة العدل الأميركية قد حثّت الجامعة عام 2013، على إعادة آلاف الألواح القديمة التي يُعتقد أنها قد نُهبت من العراق خلال تسعينات القرن العشرين حسب صحيفة «لوس أنجليس تايمز».
* خدمة «نيويورك تايمز»



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.