جعفر عبد الكريم لـ «الشرق الأوسط»: لا وطن لي... وبرنامجي للإنسان

زار بيروت في ذكرى الانفجار وصوّر الوجع

خلال الحلقة الخاصة بانفجار مرفأ بيروت
خلال الحلقة الخاصة بانفجار مرفأ بيروت
TT

جعفر عبد الكريم لـ «الشرق الأوسط»: لا وطن لي... وبرنامجي للإنسان

خلال الحلقة الخاصة بانفجار مرفأ بيروت
خلال الحلقة الخاصة بانفجار مرفأ بيروت

في ذلك «الفان» البارد، بعد حلقة ساخنة تحت لهيب الشمس، يجلس جعفر عبد الكريم لالتقاط الأنفاس. أمام العينين تماماً، تقف إهراءات مرفأ بيروت بصمود مُشلع. برنامج «جعفر توك» يزور العاصمة اللبنانية، في حلقة خاصة عن الانفجار الوجع.
تعلو الأصوات ويشتعل النقاش، فيُسمع بين الحضور مدافعون عن زعيم ومُبررون لتجاوزات سياسية. تحلق «الدرون» في السماء على بُعد أمتار من النوارس، ملتقطة صوراً وموثقة لحظات. على الجانب، مبنى كُتب عليه: «انتبه ممنوع الاقتراب. خطر انهيار». ومع ذلك، يتسمر رجال الحرس تحته، إلى جانب بعض المستريحين من جحيم الرطوبة، لربما وقع إشكال بين الضيوف، فيتدخلون ويفضون. يلخص الإعلامي الآتي من برلين موقفه لـ«الشرق الأوسط»: «رسالتي الإنسان خارج أي إطار. لا يهم الانتماء المكاني أو الجغرافي. المهم هي القيمة البشرية. أعمل من أجل إنسانية تتقبل التعدد».
ترك «شباب توك» في عز نجاحه بعد ثماني سنوات من حلقات التفاعل. ماذا يميز «جعفر توك»، فيجيب انطلاقاً من عنوانه: «الاختلاف بداية الحوار»، مع التفسير: «بدأنا (شباب توك) بعد ما سُمي (ثورة الربيع العربي). كنتُ كشبان وشابات جيلي، مُحملاً بالأسئلة وأتوق لإيجاد جواب. أردتُ أن أفهم. آنذاك، كان توجه الإعلام العربي نحو الترفيه، وقلما قدم للشباب منصة للتعبير عن الهواجس في السياسة والاقتصاد والشأن اليومي. (شباب توك) لمرحلة عمرية وفئة شبابية. اليوم، تختلف المرحلة. ننتقل من نقاش المواضيع إلى مقاربة الاختلاف حولها».
الفارق بسيط وعميق: «كثر يناقشون، لكن بأي تعدد واختلاف؟ بوجهة نظر واحدة، أو من وجهات نظر؟ لهذا انتقلنا إلى (جعفر توك)». لا يريد الإعلامي الشاب حصر نفسه في سن معينة إلى الأبد: «ما بدي طول حياتي (كون شاب). أمر بمراحل، فأنضج وأتطور. قربي من المشاهدين، تجولي في الدول، وإصغائي للناس، يتخذ شكلاً مغايراً. التجديد في عمق المحتوى».
يقاطع اللقاء ضيوف من حلقته، يطرقون الباب ويدخلون. يرد المُحاور بأن لا ضرورة للاعتذار بسبب النبرة المرتفعة في النقاش. «لا بأس، هذا ما شعرتم به. البرنامج لكل الأصوات». يروق جعفر عبد الكريم وصفه بالمحايد والموضوعي. «نعم، أنا كذلك. لا أُحسب على طرف أو جهة». ما الذي يصنع المرء؟ ولادته؟ وطنه؟ ظروفه؟ تربيته؟ ليس عبد الكريم ممن يمدحون الهويات.
الوطن بالنسبة إليه هو المكان الذي يمنحه الطمأنينة والسعادة. يسكن في برلين، ولا يعامل المدينة كوطن. يعاملها كحيز يقيم فيه أحبة، كما يعامل لبنان كحيز يقيم فيه الأهل. ما هو عليه ليس فحسب نتيجة الولادة في ليبيريا ثم الانتقال إلى سويسرا، فالخزان الثقافي جراء العيش في برلين وإتقان اللغات. هو أولاً خلاصة النبع الداخلي. «الإنسان الذي أنا عليه». وثمرة العمل في مؤسسة تحترم التعدد. يتحدث بحُب عن «دوتشيه فيله»، فقد منحته «الوظيفة الحلم». لا يشعر أنه في عمل، بل في شغف. يمارس قناعاته وفق السؤال المُلح: «لماذا لا أستطيع أن أكون كما أريد؟». هذا ما يحركه وهو يتنقل بين الدول. «أبحث عن الإنسان، لا عن الإطار الذي يحجمه. الطاقات الشبابية هائلة، تحدها الاختلافات وتعرقل سيلها».
يسمع حكايات من لبنان والعراق والسودان وبلدان عربية لا تزال تحطم أبناءها. «هذا برنامجي، عن الفوارق والتحديات. والأسئلة من أجل الوصول إلى أفضل نسخة منك كإنسان».
يُحسب لعبد الكريم أنه برغم الموضوعات الجدلية، يحافظ على مستوى الحوار خارج الرخص والإفلاس. حين اندلع التراشق الطائفي في حلقة انفجار بيروت، وتطايرت الروائح المذهبية، وضع حداً: «لا أريد حواراً يستفز طائفياً في برنامجي. الرجاء التوقف».
معيار النقاش: «لماذا لا أكون ما أريد؟ إنه السؤال الصحافي». لا يزال مذهولاً من حجم التخاذل في لبنان. يحمل الحلقة معه إلى جلستنا: «أم تفقد ابنها في انفجار كارثي، ولا تعرف ماذا جرى. شابة تتخرج ولا تجد فرصة عمل. عائلات عاجزة عن تأمين الطعام لأطفالها. أليس من حقهم الاحتجاج والتعبير عن الغضب؟». حقهم ونص!
ربما هو القرب من المرفأ ما يجعل أقل هزة، ولو كانت خبطة مارٍ بجانب الباب، تتراءى على شكل انفجار. يطلب جعفر عبد الكريم شربة ماء لعلها تهدئ الخوف، ونكمل الحوار. يستيقظ الشاب النشيط عند السادسة صباح كل يوم، يقرأ الصحف ويتصفح مواقع التواصل حتى الثامنة والنصف.
متابعته أخبار لبنان لا تختلف عن متابعته أخبار أي دولة أخرى بحكم العمل. وإدارة الحلقة في لبنان لا تختلف عن إدارتها في أي بلد آخر. يعنيه المطبخ اللبناني والأغنية اللبنانية أكثر مما يعنيه الانتماء الخالص إلى الأرض. وما يسري على لبنان يُطبق على ألمانيا. يُذكر: «لا هوية لي. هويتي الإنسانية. يمكن أن أعيش في أي بلد ومجتمع ووطن».
يفضل عدم المقارنة بين هموم الشباب الألماني والشباب العربي، «لا تقارَن، برغم أن الهاجس الأساسي لدى كل الشباب تحقيق السعادة وإثبات الذات». يشغل «السوشيال ميديا» وفق ما يراه مناسباً: «أتفاعل مع الناس، أستمع للرأي والنقد، لكن لا أنزلق إلى الإهانة والشخصنة. أتجنب التعبير عن رأيي في المواضيع السياسية، وأترك حسابي على إنستغرام لخارج الصحافة. أسيطر على مواقع التواصل ولا أدعها تسيطر علي».
على سبيل الفضول، سؤال: لِمَ أثارت مقابلاتك الفنية بلبلة؟ «لأنني ببساطة أحاور الجميع بالمثل، أكان الضيف فناناً أم رجل سياسة أم رجل مجتمع. أسقط الهالة عن ضيفي وأحاوره كإنسان».
الرجاء قبل الوداع، إفشاء السر: لِمَ حب البطيخ؟ لِمَ يرافقك طوال الوقت؟ يضحك قليلاً ثم يجيب: «لأنه يجمع كثيراً من الناس. البطيخ فاكهة محبوبة، تترك إحساساً بالسعادة. يُشعرني بالطاقة الإيجابية ويعبر عن شخصيتي الفرِحة. أتشارك به مع مَن أحبهم أحلى اللحظات».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.