توثيق مشوار الراحل يوسف إدريس بين الأدب والسينما

الأفلام المحدودة المأخوذة عنه لم تنصفه كـ«أمير للقصة القصيرة»

غلاف كتاب «يوسف إدريس بين الأدب والسينما»
غلاف كتاب «يوسف إدريس بين الأدب والسينما»
TT

توثيق مشوار الراحل يوسف إدريس بين الأدب والسينما

غلاف كتاب «يوسف إدريس بين الأدب والسينما»
غلاف كتاب «يوسف إدريس بين الأدب والسينما»

رغم إبداعات وتألق الأديب الكبير المصري الراحل يوسف إدريس في مجال القصة القصيرة، وتلقيبه بـ«أمير القصة القصيرة»، لمضاهاة كتاباته مؤلفات الأديب الروسي أنطون تشيخوف، فإنّ السينما المصرية لم تعط إدريس حقه، بل ظلمته، قياساً بغيره من كبار الأدباء المصريين الذين عاصروه، على غرار نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، إذ لم يظهر اسمه على الشاشات سوى 11 مرة، منها تسع مرات عن قصص وروايات له، حسب الكاتب والسيناريست عاطف بشاي، مؤلف كتاب «يوسف إدريس بين الأدب والسينما» الذي صدر أخيراً ضمن إصدارات الدورة الـ22 لمهرجان الإسماعيلية للأفلام الوثائقية والقصيرة».
يؤكد بشاي في كتابه أن السينما لم تستطع أن تنهل - كماً وكيفاً - من بحر أدب إدريس الفياض وعمق رؤيته الفريدة للعالم، رغم أنّ إبداعاته هي الأكثر تعبيراً عن البيئة المصرية، كما أنّ قلمه كان يرسم الشخصيات والأجواء الاجتماعية بعبقرية، ورغم أنّه ساهم في كتابة عدد من سيناريوهات القصص والروايات المأخوذة عنها، مثل فيلمي «حادثة شرف» و«لا وقت للحب»، فإن السينما لم تقدم في معظمها إبداعاته بمستواها الروائي نفسه، باستثناء فيلم «الحرام».
وقدمت السينما روايتين ليوسف إدريس هما «الحرام» و«العيب»، وثلاث روايات قصيرة هي «لا وقت للحب»، و«قاع المدينة»، و«حلاوة روح... عن العسكري الأسود»، وأربع قصص قصيرة هي «حادثة شرف»، و«النداهة»، و«على ورق سوليفان»، و«العسكري شبراوي»، كما قدمت قصصه كمشروعات تخرج طلاب معهد السينما على غرار «أكان يا لي لي لا بد أن تضيئي النور؟» التي أخرجها مروان حامد كفيلم قصير.
«الحرام»
في بداية الكتاب يكشف المؤلف عن العلاقة الوطيدة التي جمعته بالأديب الكبير، بعدما وقع في غرام قصته القصيرة «لغة الآي آي»، واختارها لتكون مشروعاً لفيلم تخرجه في المعهد العالي للسينما عام 1976، وحصل بموجبه على المركز الأول بتقدير جيد جداً، وحدث أن عرض المذيع الراحل شفيع شلبي، الفيلم في حلقة من برنامجه «سينما الشباب» ودعا بشاي والأديب الراحل لمناقشته.
يروي الكاتب لـ«الشرق الأوسط» أنّه كان «يرتعد خوفاً وهو يجلس بجوار إدريس، لكنّه فوجئ برد فعله عقب عرض الفيلم إذ قال له (أنت أفضل من جسد عملاً فنياً مأخوذاً عن قصة لي)». وكان هذا بداية توطيد الصداقة بينهما، ويكشف بشاي أنّه كتب سيناريو مسلسل عن رواية «الحرام» برؤية مغايرة، وكانت الفنانة ماجدة الخطيب مفتونة بشخصية عزيزة التي جسدتها فاتن حمامة في الفيلم، وبعد الانتهاء من كتابة السيناريو رفضته الرقابة على المصنفات الفنية ولم يُنتج.
كان فيلم «الحرام» أول أعمال يوسف إدريس السينمائية، كتب له السيناريو والحوار الكاتب سعد الدين وهبة وأخرجه هنري بركات، ولعبت بطولته فاتن حمامة، وعبد الله غيث، وزكي رستم، وقد ترشح الفيلم لنيل جائزة السعفة الذهبية من مهرجان كان عام 1965، كما اختير في المركز الخامس في استفتاء أفضل مائة فيلم مصري، ووفقاً للمؤلف فإنّ هذا العمل يعد من أفضل أعمال إدريس في السينما، إذ يرى أنّ المخرج التزم كثيراً بما جاء في القصة مبرزاً انفعالات بطلته أكثر من اهتمامه بالصورة الخارجية للقرية محور الحدث.
«حادثة شرف» و«الندّاهة»
فيلم «حادثة شرف» إنتاج عام 1971 الذي لعبت بطولته زبيدة ثروت وكتب له المعالجة السينمائية مصطفى محرم وشفيق شامية، الذي أخرجه أيضاً قد أثار أزمة، فرغم إيمان إدريس بأن السيناريو عمل قائم بذاته، فإنّه اعترض على سيناريو الفيلم، وأعاد كتابته بنفسه مبرراً ذلك بقوله: «لقد أدركت أنّ أحداً آخر لن يستطيع أن يجسد ما أريد وبالطريقة التي أريدها، ووقعت أزمة بين السيناريست مصطفى محرم وإدريس حين اتهمه الأول بالسطو على السيناريو الذي كتبه، وأدى ذلك إلى فشل الفيلم، فلم يحقق نجاحاً نقدياً أو جماهيرياً، فيما حقق فيلم «النداهة» إنتاج عام 1975، الذي لعبت بطولته ماجدة أمام شكري سرحان وأخرجه حسين كمال، نجاحاً ملحوظاً، وأشاد به الناقد سمير فريد مؤكداً أنّ الفيلم أضاف خطوطاً ثانوية في السيناريو بمثابة تعليقات على حياة الناس في القاهرة المعاصرة المحملة بالكثير من الذنوب والخطايا والكثير أيضاً من العمل والكفاح.
«لا وقت للحب»
أدان كثير من النقاد فيلم «العيب» الذي أخرجه جلال الشرقاوي عام 1976، من بطولة لبنى عبد العزيز ورشدي أباظة، إذ اتهموا صناعه بتشويه الرواية الأصلية والإساءة إلى مضمونها الفكري والاجتماعي، وكان المخرج صلاح أبو سيف قد حوّل قصة إدريس «قصة حب» إلى فيلم سينمائي بعنوان «لا وقت للحب» عام 1953 من بطولة فاتن حمامة ورشدي أباظة، الذي وصفه المؤلف بأنّه كان تجربة أكثر نجاحاً وتعبيراً عن رواية إدريس، وهكذا تراوح تعامل السينما مع أدب يوسف إدريس بين الفشل والنجاح، فهناك أفلام جاءت مخيبة للآمال ولم تعبر عن عمق رؤية الأديب الكبير التي يستعرضها المؤلف موضحاً مواطن الخلل، ومستشهداً بآراء نقاد كبار تعرضوا لهذه الأفلام في حينها.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.