ما وراء دعوى سكارلت جوهانسن على «ديزني»؟

خلاف على الأجر أم خيبة أمل تجارية؟

TT

ما وراء دعوى سكارلت جوهانسن على «ديزني»؟

فاجأت الممثلة سكارلت جوهانسن، قبل أيام قليلة، هوليوود بأسرها عندما رفعت دعوى قضائية ضد إمبراطورية ديزني بتهمة «خرق اتفاق». تقول إن العقد المبرم يلزم أكبر مؤسسات السينما حول العالم بدفع تعويض. ديزني بدورها اعتبرت أن جوهانسن إنما ترمي لتحقيق أجر إضافي واصفة ذاك بـ«الانحطاط».

- أمام مفاجأة
سبب الخلاف هو فيلم Black Widow أو بالأحرى الطريقة التي ترى الممثلة أنها عوملت بعقد لا يشمل ما قامت به ديزني ولا يعفيها من مسؤولياتها حيالها. إنه آخر أفلامها الجديدة وهو غصن من شجرة «ذا أفنجرز» حيث تؤدي شخصية الجاسوسة الروسية ذات المواهب القتالية الفريدة.
الشخصية في سلسلة «ذا أفنجرز» هي مساندة كمعظم شخصيات الفيلم الأخرى المقتبسة من شخصيات شركة مارفل للكوميكس التي تنتمي إلى إمبراطورية ديزني وإن كان العقد بينهما يعتبر أن لمارفل كياناً خاصاً ضمن الكيان العام.
هذا مهم لأن دعوى جوهانسن فرقت بين مارفل وديزني. لم ترفع دعواها ضد الأولى بل خصتها بالشركة الثانية (ديزني) وعن قصد، كون هذه هي المسؤولة عن التمويل والتوزيع والتسويق وإبرام العقود كذلك.
عندما عرضت ديزني على جوهانسن بطولة فيلم «بلاك ويدو» كبداية جديدة لسلسلة مستقلة عن «ذا أفنجرز»، رحبت الممثلة بذلك لدوافع شتى أغلبها يفوح برائحة الفائدة المادية. فأجرها عن هذا الفيلم هو 20 مليون دولار والفيلم سيكون تمهيداً لأفلام أخرى تنال فيها الأجر ذاته أو ربما أكثر منه ويبقيها مطلوبة لبضع سنوات في إطار الطلب على هذه الشخصية الكوميدية الشهيرة.
ما أثار غضب جوهانسن لم يكن مستوى الفيلم فنياً (لا أحد يعتبر أن ذلك سبباً كافياً لرفع دعوى)، بل إنها فوجئت بديزني تعرض الفيلم في وقت واحد بالصالات كما عبر محطتها Disney Plus التي تبث أفلامها للمشتركين. هذا لم يكن في حسبانها، كما تقول، لأن العقد المبرم لا يأتي على ذكر عرض الفيلم في أي وسيط آخر سوى صالات السينما. يلزم العقد ديزني بتوزيع الفيلم على 1500 صالة في الحد الأدنى. واعتقاد جوهاسن هنا بأن هذا ما كان على ديزني أن تفعله فتمنح الفيلم حياته على الشاشات الكبيرة قبل أن تستثمره في أي وجهة أخرى.

- أرقام مخيبة للآمال
في ردها على الدعوى قالت ديزني إن العقد لا يذكر مطلقاً أن عرض الفيلم سيكون في الصالات وحدها، وإنها حرة، كمنتج، في اختيار الطريقة التي ستعرض فيها الفيلم فهذا من اختصاصاتها المبدئية. وهي أوحت بأن مطامع جوهانسن هي قبض أجر إضافي لا ترى الشركة أن الممثلة تستحقه قانونياً.
لكن المسألة هي أبعد من ذلك. صحيح أن ربح الدعوى سيخولها نيل مبلغ وفير عن عروض الفيلم على الإنترنت يُقال إنه يقدر بـ50 مليون دولار كتعويض، لكن الممثلة ترى أن هذا التعويض في مكانه الصحيح لأن عرض الفيلم على الأثير حرمها من نسبة عائدات عن إيرادات الفيلم في صالات السينما كانت تحسب لها حساباً كبيراً.
على أن المسألة هي مثل حلقات متتابعة. فالفيلم تكلف نحو 250 مليون دولار (لا تتبدى على الشاشة لكن هذا ما أُعلن عنه) وسجل في افتتاحه نحو 80 مليون دولار ما جعل هوليوود تدرك أن صالات السينما استردت بالفعل نحو 50 في المائة أو أكثر قليلاً من عافيتها السابقة للوباء.
ما حدث بعد ذلك هو أن الفيلم لم يكمل مساراً تصاعدياً مرضياً. أنجز حول العالم 320 مليون دولار لكنه لم يصل إلى سقف الـ500 مليون دولار، وهذا دون الحد الأدنى لأفلام الكوميكس التي سبق للكثير منها أن حصد مليار دولار قبل أن يأوي إلى العروض الجانبية. بذلك هو خيبة أمل لصانعيه كما لسكارلت جوهانسن التي بنت بعض الآمال على نجاحه، ووجدت أن عرض ديزني الفيلم عبر محطتها الخاصة تسبب في خفض نسبة الإيرادات، وبالتالي إفشال الفيلم وإحباط جهودها.
بدورها، لا تعتبر ديزني نفسها مسؤولة حيال أي طلب من أي فنان شارك في الفيلم حين يتعلق الطلب بمردود من محطتها الأثيرية. فهي عرضته في محطتها ولم تبعه إلى محطة أخرى، هذا واحد، وعدم وجود نص في العقد يلزمها دفع أجر أو تعويض عن عروضها في محطتها أمر ثان يؤكد على حقها في الامتناع عن دفع أي تعويض.

- تحد متبادل
المسألة شائكة وتتجاوز سكارلت جوهانسن التي تستطيع أن تعتبر أنها لن تعود إلى شخصية بلاك ويدو في المستقبل لا كشخصية من شخصيات «ذا أفنجرز» ولا كشخصية مستقلة في جزء ثان. تصور، لو أنها ربحت الجولة ضد ديزني وقضت المحكمة التي ستنظر في هذا الموضوع بتعويضها، ما سيكون حال ديزني عندما يلوح الممثلون الرئيسيون الآخرون بحقوقهم كذلك.
للأمانة، الوضع المستشري حالياً لا يقع للمرة الأولى، ما يقع للمرة الأولى هو تحدي نجمة كبيرة لشركة كبرى وقيام هذه بتحدي النجمة ورمي القفاز في وجهها. هذا لأن شركة وورنر واجهت المعضلة ذاتها باكراً هذا العام عندما تعاقدت مع شركة HBO Max على عرض كل إنتاجاتها الكبيرة على شاشة تلك المحطة، العاملة أيضاً بنظام الاشتراكات فقط، بموازاة العرض التجاري في الصالات. من بين هذه الإنتاجات الكبيرة «ووندر وومَن» بطولة غال غادوت و«غودزيلا ضد كونغ»، بطولة ألكسندر سكارغارد و«أشياء صغيرة» بطولة دنزل واشنطن.
هذا القرار أثار حفيظة مخرجين وممثلين عديدين وجدوه مجحفاً وخطراً على مستقبل العروض السينمائية. فما كان من شركة وورنر إلا أن وزعت تعويضات مرضية للممثلين الأساسيين لأفلامها بلغ مجموعها 250 مليون دولار.
إذا ما ربحت سكارلت جوهانسن هذه الدعوة فإن الجميع سيهب مطالباً بحقوقه، إن لم تكن عن أفلام سابقة فعلى الأقل، وبالتأكيد، على أفلام مقبلة ما يجعل ديزني مكبلة اليدين بعقود وتكاليف أخرى.
أما إذا ما ربحت ديزني الدعوى فسيشجعها ذلك على المضي في منوالها، معتبرة أنها حرة في التصرف بالفيلم طالما أنها التزمت بالعروض السينمائية كما نصت عقودها.
في حال توصل الفريقين إلى تسوية الأمر خارج المحكمة، وهو دائماً أمر متوقع، فإن المسألة لن تنته لأن ديزني وسواها ما زالت بحاجة للأسماء الكبيرة والمكلفة لتحقيق أفلامها وهذه الأسماء ستكون أشطر وأكثر حذراً وستطالب بحقها من العروض الموازية.
سلاح ديزني في هذا الشأن هو الإكثار من إسناد البطولات إلى ممثلين طموحين لم يصلوا بعد إلى مستوى النجوم. هؤلاء، افتراضياً حتى الآن، مستعدون للتغاضي عن مثل هذا الشرط وقبول بطولة أفلام كانت ستُسند إلى آخرين من ذوي الشهرة.

- يستحق... لا يستحق
وسط كل هذا يتناهى السؤال الذي لا يطرحه أحد حول ما إذا كان «بلاك ويدو» يستحق، على مستوى فني، أن يتعرض لمثل هذه الأزمة.
«بلاك ويدو» لمخرجته كايت شورتلاند هو أقل مما صبا إليه عشاق هذه الشخصية. يسرد مرحلتين في وقت واحد، الأولى عن حياة شخصية «بلاك ويدو» السابقة حين كانت ما زالت فتاة صغيرة، الثانية عن لقائها بشقيقتها (من أب آخر وقامت بها فلورنس بوف) وصدامهما ثم عملهما معاً ضد الذين يطاردون بلاك ويدو لقتلها. ليس أن مشاهد المعارك والمطاردات والقتل ليست متوفرة، لكن حتى هذه مُعالجة وظيفياً وطموحاتها البصرية منافسة أفلام بسيارات أخرى تطير وانفجارات تدمر ومشاهد هروب مطولة.
في وسط كل مشهد من هذا النوع تفعيل مستميت لجديد مصطنع.
أما على الصعيد الفني فإن للفيلم نواقص عدة تجعله غير قادر على تلبية أولئك الذين عرفوا قيمة الجمع بين الدراما المُصاغة جيداً ومشاهد الأكشن والخيال التي لا يمكن درء تأثيرها الإيجابي الكبير في معالجة فنية في الأسلوب وفي التنفيذ، كما حال أفلام كريستوفر نولان السابقة في هذا المضمار وفي مقدمتها «باتمان يبدأ».


مقالات ذات صلة

ترمب وهوليوود... حربٌ من طرفٍ واحد؟

الولايات المتحدة​ انطلق ترمب من عالم الشهرة والإعلام لكن الرئيس الأميركي ليس محبوب المشاهير (أ.ف.ب)

ترمب وهوليوود... حربٌ من طرفٍ واحد؟

ليس دونالد ترمب محبوب المشاهير وهم لم يوفّروا فرصة لمهاجمته خلال ولايته الأولى وخلال فترة ترشّحه، لكنهم هذه المرة سيتجنّبون استفزازه لأسباب كثيرة.

كريستين حبيب (بيروت)
الولايات المتحدة​ المغينة الشهيرة بيونسيه تحتضن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي (د.ب.أ)

بين بيونسيه وتايلور سويفت... لماذا لم يكن دعم المشاهير لهاريس كافياً؟

رغم قدرة نجوم ونجمات من عيار بيونسيه وتايلور سويفت مثلاً على استقطاب الحشود الجماهيرية، لم ينجح دعمهما هاريس في التغلب على ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق «جاك سبارو» في المستشفى (إ.ب.أ)

«القرصان» جوني ديب يُفاجئ أطفالاً في مستشفى إسباني

فاجأ الممثل جوني ديب النزلاء في جناح علاج الأطفال بأحد المستشفيات الإسبانية، وهو يرتدي ملابس شخصية «جاك سبارو» من سلسلة الأفلام الشهيرة «قراصنة الكاريبي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
آسيا ميريل ستريب خلال حدث «إشراك المرأة في مستقبل أفغانستان» (إ.ب.أ)

ميريل ستريب: القطط تتمتع بحقوق أكثر من النساء في أفغانستان

قالت الممثلة الأميركية الشهيرة ميريل ستريب، الاثنين، إن القطط تتمتع اليوم بحرية أكبر من النساء في أفغانستان التي تحكمها حركة «طالبان».

«الشرق الأوسط» (كابل)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.