كاريكاتير صلاح جاهين يستدعي «نوستالجيات» مصرية

في معرض يستضيف 40 لوحة أصلية من أعماله

TT

كاريكاتير صلاح جاهين يستدعي «نوستالجيات» مصرية

يتيح التجوّل بين رسوم الراحل صلاح جاهين، بعد سنوات طويلة من إنجازها، فرصة خاصة لتأمل خفة ظل ذلك الفنان المصري الراحل وقدرته على التعبير الدرامي المدهش من خلال المشاهد المرسومة، بالإضافة للحس النقدي اللاذع المُشتبك مع الأحوال الاجتماعية في مصر خلال فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي التي واكبت تلك الرسوم.
ففي المعرض الخاص الذي يستضيفه مركز إبداع بيت السحيمي بشارع المعز التاريخي وسط القاهرة، يمكن الاقتراب من أعمال الفنان المصري بعين نوستالجية تستبصر تاريخ الشوارع والمناسبات الاجتماعية، والاحتفالات، والمهن التي نظر إليها جاهين ودوّنها عبر خطوطه المشاكسة على مدار سنوات خلال «مربع الكاريكاتير» الذي كان مُخصصاً لنشر أعمال جاهين الكاريكاتيرية في مجلة «صباح الخير» العريقة، التي ظهرت أولى رسوماته بها منتصف الخمسينات من القرن الماضي.
ويعد الفنان الراحل صلاح جاهين (1930 - 1986) أحد أبرز الفنانين الذين جمعوا خلال مسيرتهم بين عدة ألوان فنية ما بين الكتابة والشعر والتمثيل ورسم الكاريكاتير، وحسب الفنان فوزي مرسي، رئيس الجمعية المصرية للكاريكاتير، التي تقوم بتنظيم المعرض، فإن هذا المعرض يضم الأعمال والاسكتشات الأصلية التي قام جاهين برسمها قبل نشرها في المجلة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «المعرض يضم أربعين لوحة أصلية لرسوم جاهين، ضمن سلسلة معارض تنظمها الجمعية تحت عنوان (من تراث الكاريكاتير) التي تهدف للحفاظ على تراث فن الكاريكاتير المصري، والتعريف بمبدعيه».
ويشارك في تنظيم المعرض أيضاً «متحف الكاريكاتير» الكائن بمحافظة الفيوم وصاحبه الفنان التشكيلي محمد عبلة، الذي قدّم للمعرض تسع لوحات أصلية لكاريكاتير جاهين، بحسب مرسي، الذي يضيف قائلاً: «سبق وتعاونا من قبل مع متحف الكاريكاتير بمحافظة الفيوم في تنظيم مسابقات دولية منها مسابقة فنان الكاريكاتير الراحل صاروخان، وهذه المرة فإن التعاون مع المتحف يتيح عرض أعمال أصلية لجاهين تعد من المقتنيات الخاصة للمتحف كأحد أبرز الفنانين الرواد».
ويمكن تأمل تفاصيل الأعمال الأصلية لجاهين في المعرض، لا سيما الخطوط العفوية التي دوّن بها التعليقات الساخرة المُصاحبة للرسوم، فيما ترك البعض الآخر «دون تعليق»، ويغلب على الأعمال طابع اليوميات الساخرة، التي تُبرز نظرة جاهين للمتغيرات من حوله، ويغلب عليها طابع الطرافة لموضوعات لا يزال أغلبها قائماً إلى اليوم، كالتوتر الذي يُصاحب الطلبة خلال فترة الامتحانات، وتوافد بعض أنواع الأطعمة الجديدة على الذائقة المصرية، ومطاردة البلدية للباعة الجائلين، وأحوال لاعبي كرة القدم، وسهر المقاهي حتى منتصف الليل، وغيرها من التفاصيل اليومية في الشارع المصري.
وكانت الهيئة العامة المصرية للكتاب، التابعة لوزارة الثقافة المصرية، قد قامت عام 2013 بنشر كتاب، يقع في مجلدين، يجمع الأعمال الكاريكاتيرية الكاملة لصلاح جاهين التي نشرها في الفترة بين عامي 1956 و1962. ويضم في عدة فصول رسوم الكاريكاتير التي نُشرت لجاهين في صحف «روز اليوسف» و«صباح الخير» و«الأهرام»، وقامت الهيئة في هذا الوقت بجمع مشروع جاهين بالتعاون مع الجمعية المصرية للكاريكاتير ومركز توثيق التراث الحضاري، وجاء نشر الهيئة للأعمال الكاريكاتيرية في هذا الوقت كخطوة تبعت إصدارها للأعمال الشعرية الكاملة لجاهين، بالإضافة للأغاني والأوبريتات.


مقالات ذات صلة

تونس: نقابة الصحافيين تندد بمحاكمة 3 إعلاميين في يوم واحد

شمال افريقيا من تظاهرة سابقة نظمها إعلاميون احتجاجاً على ما عدوه «تضييقاً على الحريات» (أ.ف.ب)

تونس: نقابة الصحافيين تندد بمحاكمة 3 إعلاميين في يوم واحد

نددت نقابة الصحافيين التونسيين، الجمعة، بمحاكمة 3 صحافيين في يوم واحد، بحادثة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

«الشرق الأوسط» (تونس)
إعلام الدليل يحدد متطلبات ومسؤوليات ومهام جميع المهن الإعلامية (واس)

السعودية: تطوير حوكمة الإعلام بدليل شامل للمهن

أطلقت «هيئة تنظيم الإعلام» السعودية «دليل المهن الإعلامية» الذي تهدف من خلاله إلى تطوير حوكمة القطاع، والارتقاء به لمستويات جديدة من الجودة والمهنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».