مسرحية «ديجافو» تجتذب الجمهور في موسمها الثالث

رؤية فلسفية - كوميدية عن مواقف حياتية مكررة

لقطات من مسرحية «ديجافو» (المصدر: مخرج العرض)
لقطات من مسرحية «ديجافو» (المصدر: مخرج العرض)
TT

مسرحية «ديجافو» تجتذب الجمهور في موسمها الثالث

لقطات من مسرحية «ديجافو» (المصدر: مخرج العرض)
لقطات من مسرحية «ديجافو» (المصدر: مخرج العرض)

هل يمكن للإنسان أن يتورط دون أن يدري، ليجد نفسه طرفاً في أزمات متلاحقة لا يستطيع الخروج منها، هذا ما حدث لبطل مسرحية «ديجافو» التي تعرض حالياً في موسمها الثالث بمسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية، وذلك بعد الإشادة النقدية وإقبال الجمهور الذي اصطف في طوابير طويلة أمام المسرح لمشاهدتها، وهي من إعداد وإخراج أحمد فؤاد، وبطولة خمسة من الشباب المسرحيين الذين نجحوا في تحقيق تفاعل كبير مع الجمهور، وهم حمزة العيني، وأحمد السلكاوي، ومحمد يوسف، ورحمة أحمد، ورشا جابر.
«ديجافو» كلمة فرنسية تعني «شوهد من قبل»، حيث يجري سرد أحداث العرض ليبدو كل مشهد كما لو كان قد حدث من قبل، ومع توالي المشاهد بتفاصيل متباينة تتضح الحقيقة، المسرحية مأخوذة عن نص سويسري معاصر بعنوان «إثبات العكس» للكاتب أوليفيه شاشياري، يتطرق من خلاله إلى فكرة تورطنا جميعاً فيما يحدث من حولنا، حتى لو كانت تلك الأحداث بعيدة عنا، فالمعرفة نفسها أحد أشكال التورط التي تدفعنا للانحياز لجانب دون آخر، ما يجعلنا نصبح طرفاً في مشاكل كبيرة كنا نظن أننا لا علاقة لنا بها.
من خلال ديكور بسيط جداً وإضاءة هادئة، يستيقظ البطل الشاب على دقات عنيفة ليُفاجأ بعصابة مسلحة من رجلين وامرأتين يبحثون عن صديقه المتورط في قضايا عديدة، ويهددونه بالقتل إذا لم يخبرهم بمكانه، ورغم ثقة البطل ببراءة صديقه فإنه مع الوقت ينتابه الشك ويقضي على قناعاته فيتورط في تصديق رواياتهم، وفي تأييد وجهة نظرهم، وأن صديقه الغائب هو مرتكب الجرائم الفاضحة في الحي الذي يقطن به.
يحمل العرض قيمة فكرية عميقة لا تخلو من المتعة والضحك، وتثير فكر المتفرج بحسب الناقد محمد بهجت، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «عرض مختلف، ذو طبيعة خاصة، يتعرض مؤلفه السويسري لظاهرة ذهنية تتعلق بما سبق رؤيته، فأحياناً نقابل أشخاصاً نظن أننا رأيناهم من قبل وأحداثاً نرى أنها وقعت قبل ذلك، قد تكون حقيقية، أو تخيلات مخزنة في العقل الباطن، فالمسرحية تطرح كيف يقع الإنسان ضحية لمؤامرات الآخرين عليه من خلال البطل الضحية الذي يقع في مأزق مع أربعة أشخاص».
وعن المعالجة المسرحية التي قدمها المؤلف المصري، يقول بهجت: «قدم المخرج أحمد فؤاد إعداداً جيداً للنص الأصلي ليقدمه بشكل فانتازي، مبتعداً به عن المحاذير الأخلاقية التي لا تصلح لمجتمعنا، والتي يحفل بها النص مثل الخيانات الزوجية، ليجعل منه قصة تصلح لأي مجتمع ويطرح مخاوف كامنة في الشعور، وخبرات قديمة تنطوي على قدر من القلق والتوتر».
ويؤكد: «لقد جعلني العرض منتبهاً ومنجذباً لتفاصيله بشدة على مدى ساعة وربع الساعة، عبر ديكور وإضاءة بسيطة معبرة، فيما تميز أداء الممثلين بالحيوية، خصوصاً حمزة العيني ورحمة أحمد، ورغم ذلك، فإنني كنت أتمنى أن يحمل العرض عنواناً عربياً يليق بالمصداقية التي نجح في تحقيقها وليس اسماً أجنبياً مثل اسمه الحالي».
بدوره، أوضح المخرج الشاب أحمد فؤاد سبب حماسه لهذا النص قائلاً: «توجد ظاهرة علمية يطلق عليها (ديجافو)، تشير إلى أن أحد فصي مخ الإنسان يقوم بتجميع الصورة بشكل أسرع من الفص الآخر، فنراها كأنها صورة من الذاكرة، وكأننا رأيناها من قبل، وقد استهواني النص بشكل كبير حين قرأته وقمت بعمل إعداد يناسب واقعنا، واستغنيت عن فكرة الراوي الذي يعلق على الأحداث، مع الحفاظ على روح النص ومغزاه الفلسفي ليصل إلى الجمهور بشكل مبسط، وهذا ما قمت به أيضاً عندما قدمت مسرحية (بلا مخرج) بحكم دراستي للفلسفة، فأنا مغرم بالنصوص الفلسفية، حيث أعد حالياً رسالة ماجستير بأكاديمية الفنون عن (فلسفة الفن).
ومع معاودة عرض «ديجافو» في موسم جديد وبنجوم جدد، يعد، بحسب المخرج، بمثابة إخراج جديد للمسرحية، حيث جرت تعديلات على النص وحركة الممثلين، ما استدعى إجراء بروفات مكثفة تواصلت على مدى أيام عديدة قبل عيد الأضحى.
وسبق لفؤاد تقديم عروض مسرحية لافتة، من بينها «اعترافات زوجية» التي عرضت بالمسرح القومي، كما قدّم عرضين في إيطاليا هما «بابا أين روما» و«نزهة في أرض المعركة» بنسخة إيطالية عرضت في روما، ونسخة مصرية عرضت بمسرح الهناجر، وحصل فؤاد على جائزة الدولة للإبداع الفني، وفاز بعدة جوائز مسرحية من بينها جائزة أفضل مخرج في مهرجان ليالي المسرح بالجزائر.


مقالات ذات صلة

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المسرح وجمعية المسرح السعوديتين على هامش المؤتمر (جمعية المسرح)

جمعية المسرح السعودية تطلق 8 مشاريع لتعزيز عطاء المبدعين

أطلقت جمعية المسرح والفنون الأدائية في السعودية 8 مشاريع لتعزيز أدوارها في القطاع بوصفها رابطة مهنية للممارسين في مختلف الفنون المسرحية والأدائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مهرجان الخليج للمسرح ينطلق من الرياض في دورته الـ14 (حساب المهرجان على منصة إكس)

«المسرح الخليجي" يستأنف مسيرته من الرياض بعد غياب 10 سنوات

أطلق مهرجان المسرح الخليجي أعماله، في مدينة الرياض، التي تحتضنه للمرة الأولى منذ عام 1988 من خلال دورته الـ14.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.