اقتصاد أميركا بين زيادة العجز و«ثقة في السماء»

زاد العجز الأميركي في تجارة السلع خلال يونيو مع استمرار زيادة الواردات (رويترز)
زاد العجز الأميركي في تجارة السلع خلال يونيو مع استمرار زيادة الواردات (رويترز)
TT

اقتصاد أميركا بين زيادة العجز و«ثقة في السماء»

زاد العجز الأميركي في تجارة السلع خلال يونيو مع استمرار زيادة الواردات (رويترز)
زاد العجز الأميركي في تجارة السلع خلال يونيو مع استمرار زيادة الواردات (رويترز)

زاد العجز الأميركي في تجارة السلع خلال يونيو (حزيران) الماضي مع استمرار زيادة الواردات وسط تسارع النشاط الاقتصادي، مما يشير إلى احتمال أن تظل التجارة عبئاً على النمو في الربع الثاني من السنة. وقالت وزارة التجارة، الأربعاء، إن عجز تجارة السلع زاد 3.5 في المائة إلى 91.2 مليار دولار الشهر الماضي. ونُشر التقرير قبيل البيانات الأولية للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني والمقرر صدورها اليوم الخميس.
ورغم أن زيادة العجز التجاري تمثل عبئاً اقتصادياً من جهة؛ فإنها من جهة أخرى تدل على نمط طلب استهلاكي قوي، يدلل على متانة الاقتصاد وارتفاع حواجز الثقة.
ويتوقع مسح أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين أن يكون الاقتصاد قد نما بنسبة قوية بلغت 8.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الماضي، ارتفاعاً من 6.4 في المائة خلال الربع الأول. وستكون وتيرة النمو المتوقعة في الربع الثاني هي الأسرع منذ 1983 وقد تشكل ذروة الدورة الحالية.
ورفع صندوق النقد الدولي بشكل كبير توقعاته للنمو في الولايات المتحدة إلى 7 في المائة لعام 2021 وإلى 4.9 في المائة لعام 2022، بزيادة 0.6 و1.4 نقطة مئوية على الترتيب على توقعات أبريل (نيسان) الماضي. وتفترض التوقعات أن الكونغرس الأميركي سيوافق على اقتراح الرئيس جو بايدن تقديم نحو 4 تريليونات دولار لدعم الإنفاق على البنية التحتية والتعليم والأسر.
وأظهر تقرير اقتصادي، نشر الثلاثاء، استمرار ارتفاع مؤشر ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة خلال يوليو (تموز) الحالي للشهر السادس على التوالي، مع ازدياد تفاؤل الأميركيين بشأن الوضع الراهن للأعمال وسوق العمل.
وارتفع مؤشر «معهد كونفرنس بورد» المستقل لثقة المستهلكين إلى 129.1 نقطة خلال الشهر الحالي، مقابل 128.9 نقطة خلال يونيو الماضي. وكان المحللون الذين استطلعت وكالة «بلومبرغ» آراءهم يتوقعون تراجع المؤشر إلى 123.9 نقطة.
في الوقت نفسه؛ تراجعت توقعات المستهلكين بالنسبة للتضخم بنسبة طفيفة، رغم استمرارها مرتفعة. كما ارتفع المؤشر الفرعي لخطط المشتريات للمستهلكين. وارتفع المؤشر الفرعي للحالة الراهنة للأعمال في أميركا إلى 160.3 نقطة، ليصل إلى مستوى قياسي جديد منذ بداية الوباء. كما زادت نسبة المستهلكين الذين يرون أن الوظائف «متوفرة» إلى أعلى مستوى لها منذ 21 عاماً. كما تحسنت رؤية المستهلكين لحالة الأعمال الراهنة بنسبة طفيفة.
وبالتزامن، أظهر تقرير نشر الثلاثاء ارتفاع أسعار المساكن في الولايات المتحدة مجدداً بأعلى معدل لها منذ أكثر من 30 عاماً. وارتفع مؤشر «إس آند بي كورلوجيك كيس - شيلر» لأسعار العقارات في الولايات المتحدة بنسبة 16.6 في المائة سنوياً خلال مايو (أيار) الماضي، بعد ارتفاعه بنسبة 14.8 في المائة خلال أبريل (نيسان) الماضي، ليستمر ارتفاع المؤشر للشهر الثاني عشر على التوالي.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى أن مؤشر أسعار العقارات في الولايات المتحدة ارتفع بأعلى وتيرة له منذ صدوره في 1988، متجاوزاً الرقم القياسي السابق للارتفاع في أبريل الماضي، في ظل نقص المعروض في السوق العقارية مع استمرار أسعار الفائدة المنخفضة للتمويل العقاري.
وقال كريغ لازارا، الرئيس العالمي لـ«استراتيجية مؤشر الاستثمار» في مؤسسة «إس آند بي داو جونز إندكسيس»: «أجد نفسي وقد نفدت كلمات التفضيل لدي» في الإشارة إلى وتيرة ارتفاع أسعار المساكن. وأضاف: «لقد اقترحنا سابقاً أن القوة في سوق الإسكان في الولايات المتحدة مدفوعة جزئياً برد الفعل على الوباء، حيث ينتقل المشترون المحتملون من الشقق الحضرية إلى منازل الضواحي. ولا تزال بيانات مايو متوافقة مع هذه الفرضية».
في الوقت نفسه؛ ارتفعت أسعار المساكن في أكبر 20 مدينة أميركية بنسبة 17 في المائة، متجاوزة متوسط توقعات المحللين الذين استطلعت وكالة «بلومبرغ» آراءهم. ويعدّ هذا الارتفاع هو الأكبر منذ أغسطس (آب) عام 2004.


مقالات ذات صلة

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.