قاضي محاكمة البشير يطلب تنحيته خشية «الانزلاق فيما تأباه العدالة»

بحجة تشكيك هيئة الاتهام والدفاع في انحيازه للمتهمين

صورة أرشيفية لمحاكمة عمر البشير في الخرطوم (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمحاكمة عمر البشير في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

قاضي محاكمة البشير يطلب تنحيته خشية «الانزلاق فيما تأباه العدالة»

صورة أرشيفية لمحاكمة عمر البشير في الخرطوم (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمحاكمة عمر البشير في الخرطوم (أ.ف.ب)

تقدم القاضي المكلف إدارة محاكمة الرئيس المعزول عمر البشير، و27 من مساعديه الذين خططوا ونفذوا انقلاب الثلاثين من يونيو (حزيران) 1989، بطلب من رئيس القضاء لتنحيته من المحاكمة، خشية وقوعه فيما أطلق عليه «ما تأباه العدالة»؛ وذلك لتشكيك كل من هيئة الاتهام والدفاع في حياده وانحيازه للاتهام، في حين قالت هيئة الاتهام إنها لم تسمع بمذكرة الدفاع، التي شكك فيها بانحياز القاضي للاتهام، إلا مما تلاه القاضي في الجلسة.
وقال قاضي الوسط ورئيس المحكمة، المكونة من ثلاثة قضاة، أحمد علي أحمد، في الجلسة الدورية للمحاكمة أمس، إنه طلب من رئيس القضاء إعفاءه من متابعة القضية، وفي انتظار قرار رئيس القضاء تقرر رفع الجلسات لمدة أسبوعين، على أن تعقد المحاكمة في العاشر من أغسطس (آب) المقبل.
ويعد علي أحمد علي القاضي الثاني، الذي يتنحى أو يطلب التنحي من رئاسة جلسات محاكمة البشير ومعاونيه. فقد بدأت المحاكمة برئاسة القاضي عصام الدين محمد إبراهيم، وبعد 11 جلسة اعتذر عن مواصلة جلسات المحاكمة، وبرر طلبه بأسباب صحية، وقد استجاب له رئيس القضاء وعين القاضي الحالي، الذي طالب هو الآخر بإعفائه من مواصلة التقاضي.
وأوضح قاضي الوسط في حيثيات قراره، الذي تلاه أمام جلسة أمس، أن هيئة الاتهام ذكرت في عريضة تقدمت بها، أنه يظل في القاعة بعد رفع الجلسة، ويتجمع حوله عدد من محامي الدفاع عن المتهمين، دون أن يعرف الدفاع بتفاصيل ما يدور. مضيفاً أن هيئة الاتهام ذكرت في عريضتها «إن صح أن رئيس المحكمة يختلي ببعض أعضاء هيئة الدفاع لأمر يتعلق بالدعوى، فهذا يستحق المساءلة حقاً».
وأشار القاضي أحمد علي إلى أن الاتهام سبق أن تقدم بشكوى مماثلة. وقال مدافعاً عن قراره «لأن النفس أمّارة بالسوء، وحتى لا تحملني إلى ما تأباه العدالة، طلبت من السيد رئيس القضاء تنحيتي عن هذه المحاكمة، وإلى حين البت في الطلب، أقرر رفع الجلسة إلى يوم 10 من أغسطس 2021».
من جهته، قال المتحدث باسم هيئة الاتهام، المحامي المعز حضرة لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتهام فوجئ بما ذكرة القاضي عن المذكرة، التي قال فيها إن هيئة الدفاع تتهمه فيها بالانحياز للاتهام، وأنه سمع بالمذكرة لأول مرة من القاضي في جلسة أمس، ولا يعرف متى قدمت وكيف تمت الإجابة عنها.
ونفى حضرة أن تكون المذكرة التي تقدم بها الاتهام لرئيس القضاء طالبت بتنحية قاضي المحكمة، بل تقدمت بشكوى من مخالفات قانونية وإجرائية أثناء سير المحاكمة، ولم توجه لقاضي المحكمة اتهامات بالانحياز لأي من الأطراف.
وقاطعت هيئة الاتهام جلسات سابقة من المحاكمة، احتجاجاً على ما أطلقت عليه «المخالفات القانونية والإجرائية المرتكبة في المحكمة»، واعتبرتها مجهضة للعدالة وخيانة للشعب السوداني. ورفعت الهيئة الأحد الماضي مذكرة إلى رئيس القضاء السوداني المكلف، تتعلق بإجراءات المحاكمة وما يحدث فيها من مخالفات منذ بدايتها، وقالت إنها تقدمت بمذكرة لرئيس القضاء، اشتكت فيها من أن ما يحدث من مخالفات للقانون والإجراءات يمكن أن يؤدي إلى «إجهاض العدالة، وانهيار قواعد المحاكمة العادلة»، مبرزة أن «الصمت عما يحدث أو المشاركة فيه، يرقى إلى درجة خيانة الشعب السوداني، الذي نمثله في هذه المحاكمة». لكن البيان لم يشر إلى الطلب من رئيس القضاء تنحية قاضي المحكمة، ولم تتحدث عن انحيازه للدفاع.
ويخضع الرئيس المعزول عمر البشير، و15 من ضباط الجيش، و8 مدنيين من قادة الحركة الإسلامية (الاسم المحلي لتنظيم الإخوان) للمحاكمة أمام محكمة خاصة منذ يوليو (تموز) 2020، باتهامات تصل عقوبتها للإعدام، وتتعلق بتقويض النظام الدستوري، بتنفيذ انقلاب 30 يونيو 1989 على النظام الديمقراطي، تم تدبيره من قبل الحركة الإسلامية، التي كان يترأسها الراحل حسن الترابي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.