أدت زيادة تنظيم الحكومة الصينية لقطاع التعليم الخاص، إلى تأثير مزلزل تخطى أسواق المال المحلية وتسلل خارجها يوم الاثنين. وانخفض مؤشر «هانغ سينغ» لبورصة هونغ كونغ بنسبة 3.5 في المائة إلى26360 نقطة. كما انخفض مؤشر «سي إس آي - 300»، الذي يضم أسهم أكبر 300 شركة مدرجة من البر الرئيسي الصيني، بصورة حادة إلى 4902 نقطة.
وتجاوز الأمر التأثير المحلي إذ تراجعت الأسهم الأميركية بدورها عن مستويات مرتفعة، ما مثَّل بداية ضعيفة لأسبوع متخم بنتائج أعمال شركات التكنولوجيا واجتماع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
ونزل المؤشر داو جونز الصناعي 5.69 نقطة أو ما يعادل 0.02 في المائة إلى 35055.86 نقطة. وتراجع المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 2.21 نقطة أو ما يعادل 0.05 في المائة إلى 4409.58 نقطة، بينما انخفض المؤشر ناسداك المجمع 15.96 نقطة أو ما يعادل 0.11 في المائة إلى 14821.03 نقطة.
وبعدما حددت إطاراً لشركات التكنولوجيا العملاقة، تشدد بكين حالياً سياستها حيال قطاع التعليم الخاص المربح الذي تراجعت أسهمه الاثنين، في تدبير تنظيمي جديد.
وتشكل الدروس الخصوصية وتلك التحضيرية للامتحانات سوقاً مربحة جداً في الصين، حيث التعليم تنافسي ونخبوي بشكل خاص. وعام 2018 كان هذا القطاع يمثل نحو 260 مليار دولار (220 مليار يورو)، بحسب مكتب «إل آي كيه كونسالتينغ» الاستشاري.
ولا يتردد الأهالي الصينيون الذين يهتمون كثيراً بنجاح أبنائهم في الإنفاق على حصص الدعم المدرسي، ما سمح بإنشاء شركات تعليم عملاقة، بعضها مسجّل في الولايات المتحدة. لكن يتمّ التنديد أكثر فأكثر بعبء العمل الزائد على التلاميذ الصينيين والتكاليف الباهظة للتعليم.
وبحسب تعليمات جديدة نشرتها الحكومة السبت، ينبغي على شركات الدعم المدرسي من الآن فصاعداً أن تُسجّل كجمعيات لا تبغي الربح. ولن تتمكن بعد الآن من إعطاء دروس في عطلات نهاية الأسبوع ولا في أيام الأعياد الرسمية ولا خلال العطل المدرسية... ويخشى محللون أن يعرّض هذا القانون للخطر عمليات تسجيل التلاميذ في المستقبل وأن يقوّض في نهاية المطاف عائدات شركات القطاع.
وتسبب القانون الجديد بانهيار أسهم شركات التعليم الخاصة الصينية. فقد سجّلت أسهم شركة «نيو أورينتال إديوكيشن» الرائدة في هذا القطاع، تراجعاً بنسبة 47 في المائة في بورصة هونغ كونغ.
ومن جهتها تراجعت أسهم شركة «كوليرن تكنولوجي» المتخصصة بالدروس عبر الإنترنت، أكثر من 33 في المائة، فيما سجّلت أسهم شركة «تشاينا مايبل ليف إديوكيشن» التي تحضّر خصوصاً التلاميذ للدخول إلى الجامعات الأجنبية، تراجعاً بقرابة 11 في المائة. وأدى ذلك إلى تراجع بورصة هونغ كونغ التي أغلقت على انخفاض بنسبة تفوق 4 في المائة.
وسبق أن خسرت شركة «تال إديوكيشن غروب» العملاقة المسجّلة في نيويورك، 71 في المائة من أسعار أسهمها على خلفية تداول شائعات حول تشديد القانون. وتراجعت قيمة ثروة رئيس مجلس إدارتها تشانغ بانغشين بنحو 1.1 مليار دولار، بحسب وكالة «بلومبرغ» المالية.
وفي إطار التحركات الحكومية، خسر المعلم السابق الذي أصبح أحد أغنى أغنياء العالم، لاري تشين، وضعه كملياردير في ظل الإجراءات الصارمة التي تتخذها الصين في قطاع التعليم.
وتراجعت ثروة تشين، المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «غاوتو تيك إيدو»، الآن إلى 336 مليون دولار، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات، وذلك بعد أن تراجعت أسهم شركته للخدمات التعليمية عبر الإنترنت بنحو الثلثين في بورصة نيويورك يوم الجمعة الماضي بسبب تقارير الإصلاح التنظيمي في الصين.
وتعد هذه أحدث ضربة لتشين، الذي خسر أكثر من 15 مليار دولار من ثروته منذ أواخر يناير (كانون الثاني)، مع تراجع أسهم غاوتو. وذكرت بلومبرغ أن تشين قال في بيان عبر موقع ويبو الصيني في وقت متأخر مساء السبت إن غاوتو «سوف تمتثل للوائح وستفي بمسؤولياتها الاجتماعية».
ولم يكن تشين الوحيد الذي تراجعت ثروته بسبب اللوائح، حيث تراجعت ثروة الرئيس التنفيذي لمجموعة تال إديوكيشن، تشانغ بانغ تشين، بمقدار 2.5 مليار دولار لتصل إلى 1.4 مليار دولار بعد أن هوت أسهم الشركة بنسبة 71 في المائة في بورصة نيويورك يوم الجمعة الماضي.
وفقد رئيس مجلس إدارة شركة نيو أورينتال إديوكيشن آند تكنولوجي غروب، يو مينهونغ، وضعه كملياردير أيضاً بعد أن خسر 685 مليون دولار لتصل قيمة نصيبه في الشركة إلى 579 مليون دولار بعد أن تراجعت أسهم الشركة بنسبة 54 في المائة. وأصدرت الشركتان بيانات مماثلة تعهدت فيها بالامتثال للقواعد الجديدة.
وتأتي التدابير الجديدة التي تهدف إلى تخفيف العبء عن كاهل التلاميذ الصينيين والضغوط المالية عن أهلهم، في وقت تسعى بكين إلى التشجيع على الإنجاب على خلفية تباطؤ اقتصادي. وغالباً ما يمنع العبء المالي الأزواج الصينيين الشباب من إنجاب الأطفال.
ويأتي تشديد القوانين في قطاع التعليم بالتزامن مع إجراءات مماثلة اتخذت في مجال التكنولوجيا، بحيث سمح القانون المتراخي نسبياً فيما يخصّ البيانات مع غياب المنافسين الأجانب، لشركات عملاقة محلية بالظهور.
وفي الأشهر الأخيرة، أظهرت السلطات صرامة أكبر وأطلقت إجراءات ضد كبرى الشركات في القطاع التي طُلب منها «تصحيح» ممارسات كان مسموحاً بها حتى الآن.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، حكم على شركة «علي بابا» الصينية العملاقة للتجارة عبر الإنترنت التي أسسها الملياردير جاك ما، بدفع غرامة قدرها 2.3 مليار يورو لعرقلة المنافسة. وتُستهدف شركة «ديدي» التي تهيمن على سوق حجز سيارات مع سائق (في تي سي) في الصين، بتحقيق مرتبط بجمعها بيانات خاصة.
ويأتي ذلك بعد أن جنت شركة «ديدي» 4.4 مليار دولار لدى دخولها أواخر يونيو (حزيران) بورصة نيويورك، وهو أمر لم تكن بكين تؤيده. وأصبحت شركة «تنسنت» الصينية العملاقة لألعاب الفيديو آخر شركة تستهدفها بكين. فقد تعرّضت لانتقادات من جانب الهيئة الناظمة بسبب ممارسات منافية للمنافسة وطُلب منها التخلي عن حقوقها الموسيقية الحصرية. وسجّل سهم «تنسنت» الاثنين تراجعاً بنسبة 7.7 في المائة في بورصة هونغ كونغ.
ارتدادات زلزال «التعليم الخاص» تتجاوز أسواق المال الصينية
انهيار أسهم الشركات... ومليارديرات يفقدون ثرواتهم
ارتدادات زلزال «التعليم الخاص» تتجاوز أسواق المال الصينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة