ارتدادات زلزال «التعليم الخاص» تتجاوز أسواق المال الصينية

انهيار أسهم الشركات... ومليارديرات يفقدون ثرواتهم

تجاوز حجم قطاع التعليم الخاص في الصين 260 مليار دولار عام 2018 مع نموه بشكل هائل منذ ذلك الوقت (رويترز)
تجاوز حجم قطاع التعليم الخاص في الصين 260 مليار دولار عام 2018 مع نموه بشكل هائل منذ ذلك الوقت (رويترز)
TT

ارتدادات زلزال «التعليم الخاص» تتجاوز أسواق المال الصينية

تجاوز حجم قطاع التعليم الخاص في الصين 260 مليار دولار عام 2018 مع نموه بشكل هائل منذ ذلك الوقت (رويترز)
تجاوز حجم قطاع التعليم الخاص في الصين 260 مليار دولار عام 2018 مع نموه بشكل هائل منذ ذلك الوقت (رويترز)

أدت زيادة تنظيم الحكومة الصينية لقطاع التعليم الخاص، إلى تأثير مزلزل تخطى أسواق المال المحلية وتسلل خارجها يوم الاثنين. وانخفض مؤشر «هانغ سينغ» لبورصة هونغ كونغ بنسبة 3.5 في المائة إلى26360 نقطة. كما انخفض مؤشر «سي إس آي - 300»، الذي يضم أسهم أكبر 300 شركة مدرجة من البر الرئيسي الصيني، بصورة حادة إلى 4902 نقطة.
وتجاوز الأمر التأثير المحلي إذ تراجعت الأسهم الأميركية بدورها عن مستويات مرتفعة، ما مثَّل بداية ضعيفة لأسبوع متخم بنتائج أعمال شركات التكنولوجيا واجتماع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
ونزل المؤشر داو جونز الصناعي 5.69 نقطة أو ما يعادل 0.02 في المائة إلى 35055.86 نقطة. وتراجع المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 2.21 نقطة أو ما يعادل 0.05 في المائة إلى 4409.58 نقطة، بينما انخفض المؤشر ناسداك المجمع 15.96 نقطة أو ما يعادل 0.11 في المائة إلى 14821.03 نقطة.
وبعدما حددت إطاراً لشركات التكنولوجيا العملاقة، تشدد بكين حالياً سياستها حيال قطاع التعليم الخاص المربح الذي تراجعت أسهمه الاثنين، في تدبير تنظيمي جديد.
وتشكل الدروس الخصوصية وتلك التحضيرية للامتحانات سوقاً مربحة جداً في الصين، حيث التعليم تنافسي ونخبوي بشكل خاص. وعام 2018 كان هذا القطاع يمثل نحو 260 مليار دولار (220 مليار يورو)، بحسب مكتب «إل آي كيه كونسالتينغ» الاستشاري.
ولا يتردد الأهالي الصينيون الذين يهتمون كثيراً بنجاح أبنائهم في الإنفاق على حصص الدعم المدرسي، ما سمح بإنشاء شركات تعليم عملاقة، بعضها مسجّل في الولايات المتحدة. لكن يتمّ التنديد أكثر فأكثر بعبء العمل الزائد على التلاميذ الصينيين والتكاليف الباهظة للتعليم.
وبحسب تعليمات جديدة نشرتها الحكومة السبت، ينبغي على شركات الدعم المدرسي من الآن فصاعداً أن تُسجّل كجمعيات لا تبغي الربح. ولن تتمكن بعد الآن من إعطاء دروس في عطلات نهاية الأسبوع ولا في أيام الأعياد الرسمية ولا خلال العطل المدرسية... ويخشى محللون أن يعرّض هذا القانون للخطر عمليات تسجيل التلاميذ في المستقبل وأن يقوّض في نهاية المطاف عائدات شركات القطاع.
وتسبب القانون الجديد بانهيار أسهم شركات التعليم الخاصة الصينية. فقد سجّلت أسهم شركة «نيو أورينتال إديوكيشن» الرائدة في هذا القطاع، تراجعاً بنسبة 47 في المائة في بورصة هونغ كونغ.
ومن جهتها تراجعت أسهم شركة «كوليرن تكنولوجي» المتخصصة بالدروس عبر الإنترنت، أكثر من 33 في المائة، فيما سجّلت أسهم شركة «تشاينا مايبل ليف إديوكيشن» التي تحضّر خصوصاً التلاميذ للدخول إلى الجامعات الأجنبية، تراجعاً بقرابة 11 في المائة. وأدى ذلك إلى تراجع بورصة هونغ كونغ التي أغلقت على انخفاض بنسبة تفوق 4 في المائة.
وسبق أن خسرت شركة «تال إديوكيشن غروب» العملاقة المسجّلة في نيويورك، 71 في المائة من أسعار أسهمها على خلفية تداول شائعات حول تشديد القانون. وتراجعت قيمة ثروة رئيس مجلس إدارتها تشانغ بانغشين بنحو 1.1 مليار دولار، بحسب وكالة «بلومبرغ» المالية.
وفي إطار التحركات الحكومية، خسر المعلم السابق الذي أصبح أحد أغنى أغنياء العالم، لاري تشين، وضعه كملياردير في ظل الإجراءات الصارمة التي تتخذها الصين في قطاع التعليم.
وتراجعت ثروة تشين، المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «غاوتو تيك إيدو»، الآن إلى 336 مليون دولار، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات، وذلك بعد أن تراجعت أسهم شركته للخدمات التعليمية عبر الإنترنت بنحو الثلثين في بورصة نيويورك يوم الجمعة الماضي بسبب تقارير الإصلاح التنظيمي في الصين.
وتعد هذه أحدث ضربة لتشين، الذي خسر أكثر من 15 مليار دولار من ثروته منذ أواخر يناير (كانون الثاني)، مع تراجع أسهم غاوتو. وذكرت بلومبرغ أن تشين قال في بيان عبر موقع ويبو الصيني في وقت متأخر مساء السبت إن غاوتو «سوف تمتثل للوائح وستفي بمسؤولياتها الاجتماعية».
ولم يكن تشين الوحيد الذي تراجعت ثروته بسبب اللوائح، حيث تراجعت ثروة الرئيس التنفيذي لمجموعة تال إديوكيشن، تشانغ بانغ تشين، بمقدار 2.5 مليار دولار لتصل إلى 1.4 مليار دولار بعد أن هوت أسهم الشركة بنسبة 71 في المائة في بورصة نيويورك يوم الجمعة الماضي.
وفقد رئيس مجلس إدارة شركة نيو أورينتال إديوكيشن آند تكنولوجي غروب، يو مينهونغ، وضعه كملياردير أيضاً بعد أن خسر 685 مليون دولار لتصل قيمة نصيبه في الشركة إلى 579 مليون دولار بعد أن تراجعت أسهم الشركة بنسبة 54 في المائة. وأصدرت الشركتان بيانات مماثلة تعهدت فيها بالامتثال للقواعد الجديدة.
وتأتي التدابير الجديدة التي تهدف إلى تخفيف العبء عن كاهل التلاميذ الصينيين والضغوط المالية عن أهلهم، في وقت تسعى بكين إلى التشجيع على الإنجاب على خلفية تباطؤ اقتصادي. وغالباً ما يمنع العبء المالي الأزواج الصينيين الشباب من إنجاب الأطفال.
ويأتي تشديد القوانين في قطاع التعليم بالتزامن مع إجراءات مماثلة اتخذت في مجال التكنولوجيا، بحيث سمح القانون المتراخي نسبياً فيما يخصّ البيانات مع غياب المنافسين الأجانب، لشركات عملاقة محلية بالظهور.
وفي الأشهر الأخيرة، أظهرت السلطات صرامة أكبر وأطلقت إجراءات ضد كبرى الشركات في القطاع التي طُلب منها «تصحيح» ممارسات كان مسموحاً بها حتى الآن.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، حكم على شركة «علي بابا» الصينية العملاقة للتجارة عبر الإنترنت التي أسسها الملياردير جاك ما، بدفع غرامة قدرها 2.3 مليار يورو لعرقلة المنافسة. وتُستهدف شركة «ديدي» التي تهيمن على سوق حجز سيارات مع سائق (في تي سي) في الصين، بتحقيق مرتبط بجمعها بيانات خاصة.
ويأتي ذلك بعد أن جنت شركة «ديدي» 4.4 مليار دولار لدى دخولها أواخر يونيو (حزيران) بورصة نيويورك، وهو أمر لم تكن بكين تؤيده. وأصبحت شركة «تنسنت» الصينية العملاقة لألعاب الفيديو آخر شركة تستهدفها بكين. فقد تعرّضت لانتقادات من جانب الهيئة الناظمة بسبب ممارسات منافية للمنافسة وطُلب منها التخلي عن حقوقها الموسيقية الحصرية. وسجّل سهم «تنسنت» الاثنين تراجعاً بنسبة 7.7 في المائة في بورصة هونغ كونغ.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يستقبل نظيره الفرنسي جان نويل بارو في الرياض (واس)

فيصل بن فرحان يناقش التطورات اللبنانية مع نظيريه الفرنسي والأميركي

ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، التطورات على الساحة اللبنانية والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال لقائه في مكتبه بالرياض السفير الفرنسي لودوفيك بوي (وزارة الدفاع السعودية)

وزير الدفاع السعودي والسفير الفرنسي يناقشان الموضوعات المشتركة

ناقش الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي مع لودوفيك بوي سفير فرنسا لدى المملكة، الاثنين، عدداً من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.