إردوغان عن عملية السلام مع الأكراد: «إعلان ترك السلاح» يجب تطبيقه على الأرض

انقرة: استخدام «التحالف» لقاعدة «إينجيرليك» في الحرب ضد «داعش» غير مطروح حاليا

إردوغان عن عملية السلام مع الأكراد: «إعلان ترك السلاح» يجب تطبيقه على الأرض
TT

إردوغان عن عملية السلام مع الأكراد: «إعلان ترك السلاح» يجب تطبيقه على الأرض

إردوغان عن عملية السلام مع الأكراد: «إعلان ترك السلاح» يجب تطبيقه على الأرض

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «إن إعلان ترك السلاح (من قبل حزب العمال الكردستاني) يشكل مرحلة مهمة في مسيرة تعزيز الديمقراطية، وسلطة القانون، والسلام، والاستقرار، والأمان في بلدنا».
جاء ذلك في كلمة إردوغان أمام رؤساء الجامعات التركية، في مقر مجلس التعليم العالي، بالعاصمة التركية أنقرة أمس، ونقلتها وكالة الأناضول التركية، قال فيها: «نظرا لعدم إمكانية تحقيق كل ما سبق من خلال التصريحات وحسب، أتمنى أن لا تبقى التطورات الأخيرة حبيسة تلك التصريحات، وأن يتم تنفيذها على الأرض، خصوصا أن الدولة، والحكومة، وجميع المؤسسات ذات الصلة، قامت بتنفيذ مسؤولياتها، وهي لا تزال تواصل تنفيذ تلك المسؤوليات بكل دقة وثبات، في هذا الصدد».
وحض الرئيس التركي الجامعات على إجراء دراساتها الخاصة في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط قائلا: «لا يتعين علينا أن نتابع شؤون الشرق الأوسط من خلال المستشرقين الغرب، بل يتوجب متابعتها من خلال الدراسات التي تجريها جامعاتنا في ديار بكر، وغازي عنتاب، وهطاي».
وأشار إردوغان إلى أنه لا يريد من الأساتذة الجامعيين، والمساعدين، والباحثين الوقوف إلى جانبه، بل يريد منهم أن يكونوا دوما إلى جانب الحق، والحقيقة، والعلم، مشددا على أن «الجامعات يجب أن تكون بمثابة نبراس ينهل منه الطالب الحكمة، والعلم، بعيدا عن الفوضى، وأعمال الشغب، والإرهاب، وإلقاء الحجارة، وقنابل المولوتوف».
يشار إلى أن زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، المسجون مدى الحياة في تركيا، دعا في 28 فبراير (شباط) الماضي، من خلال نائب البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي سري ثريا أوندر، قيادات حزبه إلى عقد مؤتمر طارئ خلال فصل الربيع، «لاتخاذ قرار تاريخي بالتخلي عن العمل المسلح».
من جهته قال نائب رئيس الوزراء التركي، يالتشين آق دوغان، إن عيد الربيع (النوروز) سيكون منعطفا هاما في مسيرة السلام الداخلي، الرامية إلى القضاء على الإرهاب في تركيا.
وأضاف آق دوغان، في كلمة ألقاها خلال اجتماع اتحاد الغرف والبورصات التركي، قائلا: «في النوروز سنحرق العنف والأسلحة بنيران الديمقراطية، وسنقفز معا من فوق تلك النيران»، مؤكدا أن «منظمات المجتمع المدني شريك هام في مسيرة السلام الداخلي»، وقال: «علينا أن لا نتجنب الحديث عن أو مناقشة أي قضية.. ليس هناك أي شيء أخفيه عن الشعب في مسيرة السلام. نواصل هذه المسيرة بموافقة ودعم الشعب. والخطوات الرئيسية يمكن الإقدام عليها عبر إرادة المجلس (البرلمان)، ما يعني أن لا شيء مخفي أيضا عن المجلس».
من جهة أخرى قال قائد القوات الجوية التركية المقاتلة، عابدين أونال، أمس: «إن الطلعات الجوية لطائرات RF - 4F (إف - 4)، ستوقف اعتبارا من يوم غد (اليوم)».
يأتي ذلك عقب تحطم طائرتين من الطراز نفسه في الآونة الأخيرة، الأولى سقطت في 24 فبراير الماضي في ولاية ملاطيا، والثانية يوم الخميس الماضي في ولاية قونيا، أي بفارق 10 أيام بين الحادثين.
ولفت أونال، في مؤتمر صحافي عقده في مدينة أسكيشهير، وسط تركيا، إلى أن كثيرا من التعليقات والتأويلات ظهرت وانتشرت عقب الحادثين، وأن بعض التعليقات، التي لا تستند إلى معلومات صحيحة، وجهت الرأي العام باتجاه خاطئ. وأوضح أن طائرات «RF - 4F» مصممة من أجل تنفيذ المهمات الاستطلاعية فحسب، مشيرا إلى أن اختبارات أجريت على طائرات «إف – 16» وانتهت أمس، وأصبحت بذلك قادرة على إجراء طلعات استكشافية حربية.
وفي سياق متصل بالمؤسسة العسكرية التركية، أفاد الناطق باسم الخارجية التركية،، تانغو بيلغيج، بأن استخدام قاعدة «إينجيرليك» الجوية قد تكون جزءا من مرحلة شاملة (لاحقا)، في العمليات التي يجريها التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، إلا أن ذلك غير مطروح في الوقت الراهن.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده في مقر الوزارة في أنقرة، وردا على سؤال حول مساهمة تركيا في العملية العسكرية المرتقبة ضد التنظيم في مدينة الموصل العراقية.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»