كشف الفنان المصري الكبير حسن يوسف، عن تمنيه الاعتزال عقب تجسيد سيرة الشيخ محمد متولي الشعراوي في مسلسل «إمام الدعاة» ليكون أفضل ختام لمسيرته، ووفاءً للإمام الراحل الذي جمعته به صداقة، مؤكداً في حديثه لـ«لشرق الأوسط» اعتزازه بتاريخه الفني، موضحاً أنه لن يقبل بأي عمل ينتقص من هذا التاريخ، مشيراً إلى أنه يعكف منذ فترة على كتابة سيرته الذاتية ليصدرها في كتاب تحت عنوان «50 عاماً من الفن».
وقدم حسن يوسف مسيرة حافلة بالأعمال الفنية شملت نحو 120 فيلماً سينمائياً منذ ظهوره الأول في فيلم «التلميذة» عام 1961 أمام الفنانة شادية، واشتهر بأدوار «الولد الشقي»، وهو اللقب الذي أطلقه عليه النقاد، كما قدم أفلاماً كمخرج ومنتج أيضاً إلى جانب عدد من المسلسلات الناجحة على غرار «ليالي الحلمية»، «زينب والعرش»، وشهد المسرح القومي بدايته كممثل.
وأثارت صورة «سيلفي» حديثة، جمعته بزوجته الفنانة المعتزلة شمس البارودي، اهتمام جمهور «السوشيال ميديا» الذين أبدوا إعجابهم بروح المحبة التي تظلل حياتهم بعد سنوات طويلة من الزواج، وعن ذلك يقول يوسف: «هذه الصورة أثارت ردوداً جيدة أسعدتنا وأكدت حب الجمهور لنا، وهذه نعمة كبيرة من الله».
ويكشف حسن يوسف أسرار زواجه الناجح من شمس البارودي قائلاً: «الزواج الناجح لا بد أن يقوم على حب واحترام وعطاء متبادل، ولا بد أن يكون عطاء الزوجين متعادلاً مثل كفتي ميزان، لقد كان عطاء شمس في حياتي كبيراً، يكفي أنها تنازلت بمحض إرادتها عن نجاحها ومجدها الفني، في وقت كانت في قمة نجوميتها وشبابها، كانت أجمل الفنانات في عصرها ولقبت بجميلة الجميلات، وكانت الأعلى أجراً لكنها تركت كل هذا إرضاءً لله، وتفرغت لبيتها ورعايتنا جميعاً، بل وساندتني في مشواري الفني فهي مستشاري الأول في كل عمل أقوم به».
- 50 سنة فن
في بدايته برع حسن يوسف في تجسيد «أدوار الولد الشقي»، خفيف الظل، خصوصاً في زمن أفلام «الأبيض والأسود» التي حقق بها نجاحاً كبيراً بين نجوم عصره، وحسبما يقول: «لم يخطر ببالي أن أشتهر بهذه الشخصية، وكان أول من قدمني بها المخرج الكبير حسن الإمام في فيلم (التلميذة) أمام شادية، وكان نجاحي فيها سبباً لاستمراري بناء على طلب المخرجين، وهذه الأدوار هي التي حققت لي الشهرة والنجاح في البداية.
ويعتز حسن يوسف بوجوده في زمن المخرجين الكبار الذين شكل ثلاثة منهم مسيرته الفنية، وهم حسب قوله: «حسن الإمام اختص بالميلودراما، وعاطف سالم كان صاحب التوجه الواقعي، وفطين عبد الوهاب تميز بتوجهه الكوميدي، فكل منهم أضاف التنوع الكبير لأدواري»، كما يعتز بوقوفه كممثل أمام أغلب نجمات مصر بدءاً من فاتن حمامة مروراً بسعاد حسني وشادية وهند رستم، ونادية لطفي ولبنى عبد العزيز، حتى ميرفت أمين ويسرا، «كلهن كن مثل إخوتي ما عدا شمس التي أحببتها وتزوجتها، كما مثلت أمام عبد الحليم حافظ في فيلم (الخطايا): اشتغلت معه وتصادقنا طويلاً».
ويعكف الفنان الكبير حالياً على كتابة مذكراته، التي ينوي إصدارها في كتاب بعنوان «50 عاماً في عالم الفن»، يسرد فيها رحلته الفنية ومشواره الثري الذي قدم خلاله نحو 120 فيلماً وعشرة مسلسلات، بالإضافة إلى أعماله المسرحية والإذاعية، لكن مذكراته تتعثر وحسبما يقول: «أنا كسول في مسألة الكتابة، أكتب صفحتين وأتوقف بعدها أسبوعين، وجاءت (كورونا) لتنشر الكسل أكثر على العالم».
ورغم أنه أمضى أكثر من ستين عاماً في مسيرته الفنية بحسب تأكيده، فإنه يقول: «بدأت الاحتراف عام 1960 من خلال المسرح القومي، وقد تربيت فنياً على يد العملاق حسين رياض - رحمه الله - وخرجت من المسرح للسينما، أي أن مشواري الفني تجاوز 60 عاماً، لكنني أتناول في مذكراتي 50 سنة شكلت ملامح رحلتي، قدمت بالمسرح القومي مسرحيات عديدة أبرزها «زواج الحلاق» كما عملت في المسرح الخاص لكن أغلب عروضه كانت تجارية».
وخاض الفنان الكبير تجربة الإخراج كما أنتج بعض أعماله، «كان فيلم (ولد وبنت وشيطان) هو أول أفلامي كمخرج وقد صورته في مصر واليونان وإيطاليا وألمانيا وفرنسا والنمسا، وكان من بطولة نجلاء فتحي وممثلة ألمانية ومن إنتاجي أيضاً.
وكان نجاحه سبباً في استمراري وأخرجت بعد ذلك أربعة أفلام من بطولة زوجتي شمس هي (الجبان والحب)، (كفاني يا قلب)، (دموع بلا خطايا)، (الطيور المهاجرة)، وكلها مأخوذة عن روايات الكاتب الراحل موسى صبري، فقد وجدت في رواياته خطاً إنسانياً، وجمعتني به صداقة، وكان مفيد فوزي يطلق عليه (أسطى الصحافة)».
وبرغم قرار اعتزال زوجته وبطلة أفلامه المفاجئ، فإنه لم يغضب: «شمس اتخذت هذا القرار بإرادتها ولم أناقشها فيه، بل سلمت باختيارها، فقد تعودنا على أن يستقل كل منا في قراره، طالما أن هذا القرار لن يؤثر على حياتنا الأسرية».
- مكتبة إسلامية
واتجه حسن يوسف، في مرحلة تالية لتقديم سير الأئمة والدعاة في الدراما، وحسبما يؤكد: «التزام شمس الديني أثر عليّ، وبدأت في تقديم المسلسلات الدينية، وكان أول مسلسل أشارك به (ابن ماجه) ثم (الإمام النسائي)، ثم (إمام الدعاة محمد متولي الشعراوي)، و(الإمام المراغي)، ثم (إمام الأئمة الشيخ عبد الحليم محمود)، وقد مكنتني هذه الأعمال من تقديم مكتبة درامية إسلامية ضخمة أفخر وأعتز بها جداً».
ورغم تعدد أعماله الدينية، فإن مسلسل «إمام الدعاة» كان الأكثر نجاحاً، لكنه لا يرجع هذا النجاح لنفسه قائلاً: «النجاح لا ينسب لنا، وإنما لصاحب السيرة، فقد كان الشعراوي، رحمه الله صاحب شعبية طاغية في الشارع العربي، وبين المثقفين والعامة على السواء، واستطاع ببساطة أن يصل بعلمه إلى الناس على اختلاف ثقافتهم، وقد اقتربت منه، وعلمت بفضائل كثيرة في حياته أحببت أن أعرضها للمشاهد الذي تعلق به أكثر، وحقق المسلسل نجاحاً كبيراً ولا يزال يعرض حتى الآن رغم تصويره منذ 19 عاماً، وأتمنى أن نعود لإنتاج ولو مسلسل إسلامي واحد في رمضان وسط هذا الزخم من المسلسلات الاجتماعية والوطنية، لنقدم من خلاله الصورة الصحيحة للإسلام.
- أزمة الكبار
لا يؤمن حسن يوسف بسن معينة لاعتزال الفنان، ويقول: «لكل مرحلة سنية الأدوار التي تناسبها لكن الفنان عندنا حين يكبر سناً لا تكتب له أدوار وهناك فنانون كبار لا يحتفى بوجودهم بيننا بأعمال تناسبهم مثل رشوان توفيق، وعبد الرحمن أبو زهرة، وعزت العلايلي، قبل وفاته، والذي أتصور أنه مات مقهوراً لأنه لم يجد أعمالاً تليق به، مع أنه في السينما العالمية تبرز أسماء فنانين كبار يقدمون لآخر لحظة بطولات مهمة كأنتوني كوين، وروبرت دي نيرو، وأنتوني هوبكنز، لكن للأسف الشديد المؤلفين لدينا لا يزالون متوقفين عند البطل الصغير، وإذا استعانوا بفنان كبير يختارونه كضيف شرف ولا يدفعون أجراً يليق به، رغم أنهم يدفعون 30 مليون جنيه أجر لممثل صغير».
ويؤكد: «طوال حياتي لم أستجدِ العمل من المنتجين، كما لا أقبل عملاً يؤثر على تاريخي الفني سلباً، ولو كنت مرتاحاً مادياً لاعتزلت بعد مسلسل الشعراوي ليكون أفضل خاتمة، لكن الأجور في زماننا كانت ضعيفة، وأنا وشمس من النوع المسرف، وأنا من بين عيوبي أنني لا أجري وراء الشغل مكتفياً بحياتي العائلية مع شمس وأولادي، وهذا هو الجانب الأهم في حياتي وحتى ابني عمر مثلي رغم أنني أقول له إن جيله غير جيلي».
ويختتم حواره بالإشارة إلى أنه في هذه المرحلة من العمر يتمنى صحة وسكينة، وأن يسعد أسرته لآخر يوم في حياته: «ليس لي أطماع بالدنيا، أنا رجل زاهد، وكان الشيخ الشعراوي يقول جملة جميلة وهي أن (الكولسترول موجود فقط على موائد الأغنياء)».