موسكو تصعّد تحركها ضد الغارات الإسرائيلية على سوريا

عززت الدفاعات الجوية السورية بمعدات حديثة وخبراء روس

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث أمام جنوده في قاعدة حميميم السورية في ديسمبر 2017 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث أمام جنوده في قاعدة حميميم السورية في ديسمبر 2017 (أ.ب)
TT

موسكو تصعّد تحركها ضد الغارات الإسرائيلية على سوريا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث أمام جنوده في قاعدة حميميم السورية في ديسمبر 2017 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث أمام جنوده في قاعدة حميميم السورية في ديسمبر 2017 (أ.ب)

حملت بيانات وزارة الدفاع الروسية الأخيرة، حول الغارات الإسرائيلية على سوريا، إشارات غير مسبوقة إلى تغير في تعامل موسكو مع «الاعتداءات المتواصلة على السيادة السورية».
وبعدما كانت موسكو تكتفي بانتقاد الغارات بلهجة خجولة خلال السنوات الماضية، جاء دخول وزارة الدفاع على الخط خلال الأسبوع الأخير، ليضع قواعد جديدة للتعامل ويعكس تطورا على الأرض بعدما عمدت موسكو إلى تعزيز الدفاعات الجوية السورية بمعدات حديثة وخبراء روس يتولون بشكل مباشر الإشراف على عملها.
وكانت وزارة الدفاع الروسية التي لم تعلق سابقا على الغارات الإسرائيلية أصدرت بيانين منفصلين خلال الأيام الماضية، أعقبا غارتين إسرائيليتين، واحدة استهدفت مركز أبحاث في ريف حلب، والأخرى موقعا لتمركز قوات إيرانية في القصير قرب حمص. وحملت لهجة البيانين «رسائل مباشرة» إلى إسرائيل، فهما تحدثا عن نجاح الدفاعات الجوية السورية في التصدي للهجومين و«إسقاط الصواريخ المهاجمة». وفي البيان الثاني الذي صدر أول من أمس، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أنظمة الدفاع الجوي السوري أسقطت كل الصواريخ الـ4 التي أطلقتها المقاتلات الإسرائيلية أثناء الغارة. وقال نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، فاديم كوليت، إن «مقاتلتين إسرائيليتين من طراز «إف 16» أطلقتا من المجال الجوي اللبناني بين الساعة 1:11 و1:19 في 22 يوليو (تموز) 4 صواريخ موجهة إلى مواقع في محافظة حمص. وأضاف أن «جميع الصواريخ الـ4 تم تدميرها من قبل أنظمة «بوك إم 2 إي» الروسية الصنع، والتابعة لقوات الدفاع الجوي السورية».
وفي وقت سابق، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت 7 صواريخ من أصل 8 أثناء الغارة الإسرائيلية يوم 19 يوليو (يوليو).
وأثار التبدل في اللهجة الروسية حيال الغارات الإسرائيلية تساؤلات، فضلا عن سبب التحول النوعي في فعالية تعامل الدفاعات الجوية السورية مع الهجمات الإسرائيلية في المرتين الأخيرتين.
وقال مصدر روسي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن «هذا له علاقة مباشرة بالمحادثات التي انطلقت مع الولايات المتحدة في أعقاب القمة الأولى التي جمعت الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن الشهر الماضي»، موضحا أن «موسكو كانت تحسب ردات فعلها في السابق لأن تل أبيب تنسق كل تحركاتها مع واشنطن، في حين أن قنوات الاتصال الروسية مع واشنطن كانت مقطوعة، وبدا من الاتصالات الجارية مع الجانب الأميركي حاليا، أن موسكو حصلت على تأكيد بأن واشنطن لا ترحب بالغارات الإسرائيلية المتواصلة». وأفاد المصدر أنه «لذلك تم تصعيد اللهجة بشكل واضح ضد أي عمل عسكري إسرائيلي يستهدف سيادة سوريا، ويخالف القرارات الدولية».
لكن الجانب الأهم من ذلك، وفقاً للمصدر الروسي أن «الإسرائيليين شعروا أنه تم تفعيل الدفاعات الجوية في سوريا، وحقيقة أنه تم تدمير كل الصواريخ المطلقة عمليا، تفيد بتغير أساسي في آليات التعامل مع هذا الملف». وأوضح أن «طيران إسرائيل لم يعد منذ وقت يدخل المجال الجوي السوري، ويقوم بتنفيذ الهجمات من أراض مجاورة، وهذه الهجمات لم تعد لها فعالية كبيرة لأن شبكة المضادات الجوية السورية تم تعزيزها أخيرا، وأكملت موسكو هذا التعزيز بتزويد دمشق بمعدات دفاع جوية حديثة فضلا عن قيام الخبراء الروس بالإشراف عليها بشكل مباشر».
وزاد المصدر أن الخبراء العسكريين الروس «لم يشاركوا في السابق في صد هجمات إسرائيلية فيما يقومون حاليا بمساعدة العسكريين السوريين في هذه المهام». ورأى أن التطور حمل رسائل مباشرة إلى الإسرائيليين بأن الوضع تغير ولا بد من التعامل مع الواقع الجديد على الأرض.
واللافت أن المصدر رأى أن هذا التغير «يشمل كل الأهداف المحتملة داخل الأراضي السورية»، في إشارة إلى أن موسكو كانت تصمت في الغالب عند استهداف المواقع الإيرانية في حين تنتقد استهداف مواقع القيادة والتحكم ومراكز الأبحاث السورية التي تشرف عليها موسكو مباشرة.
التطورات الأخيرة، بينما تعكس تحولا نوعيا في تعامل موسكو مع الهجمات الإسرائيلية، فهي تعد مؤشرا إلى أن موسكو «نفد صبرها» بسبب مواصلة تل أبيب تجاهل الدعوات الروسية لوضع قواعد واضحة للتعامل على الأرض السورية.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وجه بداية العام، رسالة للإسرائيليين بأهمية الاتفاق على «قواعد جديدة» للتحرك في سوريا، وقال إن بلاده تحافظ على «تنسيق وثيق» مع الجانب الإسرائيلي و«ترفض استخدام الأراضي السورية ضد إسرائيل»، داعياً في الوقت ذاته، إلى عدم تحويل سوريا إلى ساحة صراع بين الأطراف الإقليمية.
وكشف لافروف في حينها أن بلاده اقترحت على إسرائيل إبلاغها بالتهديدات الأمنية الصادرة عن أراضي سوريا لتتكفل بمعالجتها حتى لا تكون سوريا ساحة للصراعات الإقليمية. وأوضح: «إذا كانت إسرائيل مضطرة، كما يقولون، للرد على تهديدات لأمنها تصدر من الأراضي السورية، فقد قلنا لزملائنا الإسرائيليين عدة مرات: إذا رصدتم مثل هذه التهديدات، فيرجى تزويدنا بالمعلومات المحددة حول ذلك ونحن سنتعامل معها».
لكن هذه الدعوة وفقاً للافروف لم تجد رد فعل إيجابيا من الجانب الإسرائيلي.
رغم ذلك، رأى المصدر الروسي في حديثه مع «الشرق الأوسط» أمس، أن الحديث «لا يدور هنا عن نفاد صبر موسكو، بل عن تبدل في المعطيات السياسية»، مشيرا إلى أن فتح قنوات الحوار مع الأميركيين «أزال عمليا عقبة أساسية كانت تعترض تعامل موسكو مع ملف حماية المجال الجوي السوري والسيادة السورية»، موضحا أن «الظروف بسبب فقدان التنسيق والحوار مع واشنطن كانت أعقد بكثير».
إلى ذلك، دانت الخارجية السورية الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت بالصواريخ بعض المناطق في منطقة القصير وسط سوريا، فجر الخميس. وقالت الوزارة في بيان، إن «سلطات الاحتلال الإسرائيلية أقدمت في حوالي الساعة الواحدة و13 دقيقة من فجر الخميس على ارتكاب عدوان جوي جديد على أراضي الجمهورية العربية السورية، وذلك عبر إطلاقها موجات متتالية من الصواريخ من تجاه شمال شرقي العاصمة اللبنانية بيروت، والتي استهدفت بعض المناطق في منطقة القصير بمحافظة حمص».
وأضافت الوزارة أن هذا الاستهداف الإسرائيلي جاء بعد يومين على شن عدوان جوي استهدف منطقة السفيرة في جنوب شرقي محافظة حلب.
وشددت الوزارة في بيانها على أن سوريا تؤكد أن استمرار السلطات الإسرائيلية في ممارسة الإرهاب بالمنطقة ما كان ليتم دون حماية الإدارات الأميركية المتعاقبة وبعض الدول الغربية لها، والتغطية على جرائمها.
وتابعت الوزارة في بيانها أن «سوريا تؤكد أن استمرار تجاهل بعض أعضاء المجتمع الدولي الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية، والتي زادت في الآونة الأخيرة، يجعل منه شريكا آخر لإسرائيل في إجرامها، إلى جانب التنظيمات الإرهابية المسلحة المنتشرة في بعض مناطق سورية كـجبهة النصرة وداعش وغيرهما من التنظيمات المصنفة كإرهابية وفقاً لقوائم مجلس الأمن ذات الصلة... كما تؤكد سورية أنها لن تتوانى عن ممارسة حقها بالدفاع عن أرضها وشعبها وسيادتها بكل الطرق التي يكفلها دستورها وميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي».
وطالبت الوزارة في بيانها مجلس الأمن الدولي مجددا بأن يتحمل مسؤولياته في إطار ميثاق الأمم المتحدة، وأهمها صون السلم والأمن الدوليين، وأن «يلزم إسرائيل باحترام قراراته المتعلقة باتفاقية فصل القوات لعام 1974 ومساءلة كل الأطراف، التي تدعم الإرهاب وتشن الاعتداءات على السيادة السورية، عن إرهابها وجرائمها التي ترتكبها بحق الشعب السوري والتي تشكل جميعها انتهاكات صارخة لميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي».



توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
TT

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)

تعتزم الجماعة الحوثية في اليمن تأسيس كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس والمناسبات في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة.

جاء ذلك خلال دعوة وجهتها ما تسمى الغرفة التجارية والصناعية الخاضعة للحوثيين في صنعاء لمُلاك صالات الأعراس والمناسبات تحضهم على حضور ما تسميه اللقاء التأسيسي لقطاع صالات الأعراس والمناسبات تحت إدارة ورعاية وإشراف قيادات في الجماعة.

جانب من اجتماع قيادات حوثية تدير أجهزة أمنية في صنعاء (إعلام حوثي)

يتزامن هذا التحرك مع شن الجماعة مزيداً من حملات فرض الإتاوات والابتزاز والاعتقال لمُلاك صالات الأعراس والفنانين والمُنشِدين بذريعة حظر الغناء والتصوير وكل مظاهر الفرح، ضمن مساعيها لإفساد بهجة السكان وتقييد حرياتهم.

ووضعت قيادات حوثية تُدير شؤون الغرفة التجارية في صنعاء شروطاً عدة للانضمام والمشاركة في اللقاء التأسيسي المزعوم، من بينها امتلاك مالك القاعة الذي سيحضر سجلاً تجارياً، وأن تكون بطاقة عضويته في الغرفة الحوثية مُجدَّدة لعام 2024، كما حدّدت الجماعة يوم 11 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، موعداً لانعقاد اللقاء التأسيسي لمُلاك صالات الأعراس.

وسبق للجماعة الحوثية أن داهمت في أواخر مايو (أيار) العام الماضي، مقر الغرفة التجارية والصناعية في صنعاء، وعيّنت أحد عناصرها رئيساً لها بالقوة، وأزاحت رئيس وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين.

ويقول ناشطون حقوقيون في صنعاء إن إنشاء هذا الكيان الرقابي يندرج ضمن توجه الجماعة لفرض كامل السيطرة على القطاع، وإرغام الصالات على الالتزام بالتعليمات فيما يخص حظر الأغاني، ودفع مزيد من الإتاوات والجبايات.

دهم وخطف

أكدت مصادر محلية في محافظة عمران (شمال صنعاء) قيام الجماعة الحوثية باختطافات وإجراءات تعسفية ضد ملاك صالات الأعراس والمنشدين، كان آخرها قيام القيادي في الجماعة أبو داود الحمزي المعيّن مديراً لأمن مديرية خمر باعتقال المُنشد محمد ناصر داحش، وثلاثة من أعضاء فريقه الإنشادي من صالة عُرس وسط المدينة.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحمزي ومسلحيه اقتحموا صالة العُرس، وباشروا بمصادرة ونهب ما فيها من أجهزة ومعدات، وخطف مالك الصالة والمُنشد وفريقه، والزج بهم في أحد السجون.

حالة هلع بحفل زفاف اقتحمه حوثيون لمنع الغناء في عمران (إكس)

ويتهم القيادي الحمزي، وفق المصادر، المُنشد داحش بتحريض الفنانين والمُنشدين وملاك قاعات الأفراح والسكان بشكل عام على رفض القرارات التعسفية الصادرة عن جماعته، التي تشمل منع الأغاني في الأعراس.

وصعدت الجماعة على مدى الفترات الماضية من عمليات الدهم والمصادرة والخطف التي ينفّذها عناصر تابعون لها تحت اسم «شرطة الأخلاق»، ضد قاعات الأفراح والفنانين.

وأرغم الحوثيون، أخيراً، نساء يمنيات في مناطق بمحافظة إب على ترديد «الصرخة الخمينية»، والاستماع إلى الزوامل الحوثية داخل صالات الأعراس، مقابل السماح لهن بإقامة الأفراح في الصالات بعد الالتزام بالشروط كافة.

كما فرض الانقلابيون في منتصف الشهر الماضي قيوداً مُشددة على مُلاك قاعات الأعراس في ريف صنعاء، حيث حددوا وقت أعراس النساء في الصالات إلى الساعة الثامنة مساءً، ومنعوا التصوير ومكبرات الصوت، كما حظروا دخول العريس للقاعة لأخذ عروسه، ومنعوا استدعاء الفنانين والفرق الغنائية في الأعراس.