نديم مهنا لــ«الشرق الأوسط»: إخراج الدراما محاكاة للواقع بعيداً عن الإبهار

انتهى من تصوير فيلمه الجديد «المزرعة»

TT

نديم مهنا لــ«الشرق الأوسط»: إخراج الدراما محاكاة للواقع بعيداً عن الإبهار

«في بلادنا لدينا خياران: إما الاستسلام والخنوع، وإما الصراع من أجل البقاء. وأنا اخترت الثاني لأن هناك 50 عائلة تحتاج إليّ». هكذا رد المخرج اللبناني نديم مهنا على أسباب استمراريته وتمسكه بإنتاجه الأفلام السينمائية والمسلسلات الدرامية المحلية. مؤخراً انتهى من تصوير فيلم «المزرعة» وهو من بطولة نخبة من النجوم اللبنانيين والسوريين كوسام حنا ومالك محمد وميرفا قاضي ورولا شامية وعهد ديب وغيرهم. تدور قصة الفيلم حول قضية النازحين السوريين التي ألهمت بأحداثها مخرج ومنتج العمل نديم مهنا لتنفيذها.
يقول مهنا في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تربيت على اللاطائفية وعدم التفريق بين الجنسيات. وما نشهده في لبنان من مناوشات بين شعبينا اللبناني والسوري، رغبتُ في تناوله على طريقتي ومن منظاري الخاص. فبُعيد احتكاكي بالسوريين اكتشفت نقاط تشابه كثيرة بيننا وبينهم. فهم شعب طيب ومضياف ويعيش مثلنا في مزرعة كبيرة. وجاء نزوحهم ليذكّرنا بما عانينا منه لسنوات طويلة. عايشت أحداثاً كثيرة ترتبط بهم، فولّدت عندي أفكاراً نيّرة. فهذا الشعب مثلنا تماماً يتسم بالطيبة، والسياسة فرّقت بينه وبين الآخرين. كل ذلك ألهمني لتنفيذ فيلم (المزرعة) الذي انتهيت من تصويره في لبنان مؤخراً. وهو فيلم مشترك لبناني وسوري».
هل يتضمن الفيلم رسالة اجتماعية؟ يرد: «لا أقوم بأي عمل من دون استخراجه من الواقع». فهو دائماً ينقل قصة حقيقية تماماً كمسلسلات «بردانة أنا»، و«راحوا»، و«رفيق الحريري»، و«سكت الورق»، وسلسلة أفلام «ساعة ونص». فللأحداث الواقعية أثرها الأكبر على المشاهد. «نلوّن هذه الدراما بقليل من الخيال والأبعاد الدرامية اللازمة، ولكن الحبكة الأساسية تكون واقعية. يستهويني الكتاب الذين يجيدون هذا النوع من الدراما، وغالبية الذين تعاونت معهم ينتمون إلى هذه المدرسة ككلوديا مرشيليان. أما كتابة هذا الفيلم فحيكت ضمن ورشة مؤلفة من فؤاد يمين ورامي عوض وأنطوني حموي. ويمر العمل بمخاضات كثيرة مما يسمح له بأن ينضج بشكل أكبر».
وعمّا يتضمنه فيلم «المزرعة» يوضح في سياق حديثه: «ينطوي على كثير من الإنسانية ومن الطبيعة والطيبة بين الناس. ويلقي الضوء على السطحية في مجتمعاتنا، وكيفية التعاطي بسخافة مع واقع معين، كما يطل أيضاً على براءة الحيوانات».
الفيلم من إنتاج شركة «NMPRO»، ومن المتوقع أن يرى النور قريباً. استغرق تصويره نحو شهرين وتنقّل بين مناطق لبنانية وبينها شمال لبنان (منطقة إهدن) والساحل والبحر وبيروت. ويعلق: «شملت مواقع التصوير 15 مكاناً، كان أبرزها في منطقة الشمال الجميلة. إنه بمثابة فيلم عربي وليس من النوع الخفيف أبداً، بل يتناول موضوعاً حيوياً».
وكان نديم مهنا قد أنتج وأخرج مؤخراً مسلسل «راحوا» التلفزيوني الذي نافس في موسم رمضان الفائت، وتفوق بنسب مشاهدة مرتفعة، خوّلته أن يتصدر باقي المسلسلات المعروضة في لبنان.
انتقادات عدة واجهها «راحوا»، وفي المقابل أكثرية أثنت عليه ورأت أنه يخاطب اللبناني بلسان حاله. فكيف يردّ مهنا على منتقديه الذين رأوا في «راحوا» استسهالاً للدراما، ونصحوه بالعودة إلى تقديم برنامجه الشهير «موتور شو» حول السيارات؟ يرد: «هذا النوع من الانتقادات السخيفة لا تستأهل منّي الرد عليها. وفي المقابل أرحب بمناقشة انتقادات موضوعية. فأنا درست الإخراج في هوليوود وأعمل في هذا المجال منذ عام 1994 وأخرجت أفلاماً إعلانية لشركات عالمية. وموضوع السيارات ورياضتها تستهويني ليس أكثر، ولكنه لم يشكّل يوماً مهنتي الأساسية. وعن مسألة الاستسهال الدرامي ألفت إلى أن الدراما التلفزيونية مبنية على السهل الممتنع، وعلى مخرجها محاكاة الواقع بعيداً عن عنصر الإبهار. في مسلسلات المنصات يختلف الوضع لأن المطلوب هو الاقتراب من الصورة والقصة السينمائية وهو ما يميز بين النوعين». وماذا عن التطويل الذي شهدته الحلقات؟ يرد: «هناك أنواع دراما ترتكز على حلقات طويلة (سوب أوبرا) و(راحوا) هو من هذا النوع، بحيث يعكس الواقع بتفاصيله الدقيقة والبسيطة. والتطويل لأحداث المسلسل لا يشكل نقطة في بحر مسلسل تركي مثل (مرارة الحب). فلقد خصصوا أكثر من حلقة تروي لنا ظروف موت شخصية (جومانا) إحدى نجمات العمل. فماذا لو اتّبعنا ذلك في أحد مسلسلاتنا؟».
ومن الانتقادات التي واجهها مسلسل «راحوا»، تلك التي طالت بطل العمل بديع أبو شقرا، ومشهد حميم يجمع صاحبة شخصية «لما» وزوجها حسيب (الممثل فيصل أسطواني) في العمل. ويرد نديم مهنا: «الممثل بديع أبو شقرا هو كتلة إحساس يذوب في الحالة التي يؤديها. وأنا شخصياً أتركه على سجيته، لأن تمثيله حقيقي. في مسلسل (بردانة أنا)، غاص أبو شقرا في أحد مشاهده، إلى حد دفعه للبكاء على كتفي لإحساسه المرهف في التمثيل. فممثل على طرازه وكاتبة على نحو كلودا مرشيليان، لا يمكن أن يُنتقدا إلا من أشخاص بمستواهما الفني. مسلسل (راحوا) وعلى مدى 70 ليلة نافس وحصد أكبر نسب مشاهدة. ولذلك لا أرد على هذه الانتقادات لأنها تأتي من أصحاب خلفية معروفة».
ويشير نديم مهنا إلى أنه بدّل في شكل الممثل فيصل أسطواني إلى حد كبير، كي يبدو قبيحاً. وأنه رغب في ذلك للإشارة إلى المعاناة التي يمكن أن تقع فيها فتاة خالفت التقاليد والأعراف، عندما وجدت نفسها حاملاً من دون زواج، فاضطرت للارتباط بشخص مثل (حسيب) من أجل السترة، ولتعيش وجعاً من نوع آخر. ويعلق: «حتى في الحلقة الأخيرة من المسلسل سلّطنا الضوء على ضرورة تنبه الأهل إلى أولادهم وإحاطتهم، كي لا يكونوا فريسة أخطاء تتطلب حلولها تضحيات مؤلمة. وأصررت على إبراز هذه الأوجاع ليشعر المشاهد بمسؤوليته أكان من الأهل أو الأولاد. ونهاية العمل جاءت مناسبة لأحداثه بحيث لم يمر الشرير من دون عقاب، فيما اضطرت شخصيات أخرى إلى القبول بمصيرها. فلم نحاول تجميل أحداث مريرة بل تركناها تعكس واقعاً أليماً».
وعما إذا كان هو ينتقد نفسه يقول: «طبعا أنتقد نفسي. ولو قُدِّر لي إعادة ما أصوّره لكنت غيّرت فيه الكثير. التطور ضرورة وهو مطلوب لدى كل شخص، كي يتقدم في عمله».
وعن مدى قربه من دراما المنصات اليوم يقول: «لا نستطيع الإفلات والابتعاد عنها. فهي تخاطب فئات شبابية وصولاً إلى عمر الـ50 الذين تخلوا عن التلفزيون وباتوا يفضّلونها. يجب أن نتمتع بليونة التأقلم لنتطور. وبعد فيلمي الجديد أستعد لخوض معترك دراما المنصات».


مقالات ذات صلة

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».