«معجزة زرقاء»... فيلم المستضعفين والقتال ضد الخوف

«بابا عمر» والقبطان «وايد»
«بابا عمر» والقبطان «وايد»
TT

«معجزة زرقاء»... فيلم المستضعفين والقتال ضد الخوف

«بابا عمر» والقبطان «وايد»
«بابا عمر» والقبطان «وايد»

يحمل فيلم «معجزة زرقاء» (Blue Miracle) المعروض عبر «نتفليكس» وجهين: الأول «مُخادع» والآخر صادق. يصوّر وجهه الأول قصة عادية، عن أولاد أيتام يشاركون في بطولة صيد ويفوزون بالجائزة الكبرى؛ وهنا «الخديعة». في حين يصوّر الوجه الآخر قصة استثنائية عن الارتقاء الإنساني والإيمان العظيم بالروح المُنقذة. في شقّه «المُخادع»، يجعل الفيلم المُشاهد يطمئن إلى أنّ النهاية ستكون سعيدة. الحقيقة، أنّ الـ«Happy Ending» هنا ليست تحصيل حاصل. هي مسار من رفض التنازل حتى بلوغ الفرص المُستحقّة بعرق الجبين.
أمكن المخرج جوليانو كوينتانا الارتطام بالملل، لولا أنه أنقذ الوضع بمهارتين: اختيار عاطفي سلس شيّق للممثل جيمي غونزاليس بدور «بابا عمر»، والربط الوثيق بين القيم والجمال البصري، حيث الامتداد البديع لبحر كورتيز في جزيرة باجا كاليفورنيا المكسيكية. هذا الفيلم ليس يداً واحدة. هو تشابُك أيدٍ، تشكّل معاً تناغماً بشرياً رقيقاً.
تتفاقم الديون على ميتم «كاسا هوغار» ويهدّده المصرف بإجراءات قاسية. السلوك النبيل لـ«بابا عمر»، من أول الفيلم إلى آخره، هو الهدية إلى المُشاهد. هذا الرجل الآتي من ماضٍ مظلم، تؤرقه صورة غرق أبيه فتشرّده في الشوارع، إلى أن أنشأ الميتم فكرّس له نفسه الممزوجة بالتعاسة والخوف، وأصبح أباً بديلاً لعشرات الأولاد المستضعفين. من عمق المأساة ولوعة الخسارة، يتحوّل «بابا عمر» إلى نجدة الأرواح المشرّدة في عالم غير عادل. تتبدّل الأدوار فيُردّ الجَميل له من دون أن يطلب: ينتصر منقذ الأولاد من شوارع كابو سان لوكاس المكسيكية، على خوفه وينقذ مَيتمه المهدّد بالإخلاء. ردُّ الفضل على مستوى جماعي: أولاً بمساعدة «عمر» على تجاوز ذنب عجزه عن انتشال والده من أفواه الأمواج الجائعة، وثانياً بمساعدة الأولاد على التكاتف وتقدير نعمة السقوف في مواجهة الأيام الموحِشة.
نلمح بوضوح تدخلات الله في التعويض على البشر. الفيلم «مؤمن» من دون الحاجة إلى «طقوس» و«رفع صلوات». عذبٌ من هذا الجانب، حيث الصوت الداخلي يُجبر بخاطر التراكمات. هنا اختبار المعدن الإنساني أمام «المغريات» والظروف.
ثلاثة أيام هي مدة بطولة «بيسبي بلاك أند بلو» التي تقام سنوياً في كابو وجائزتها 250 ألف دولار لصاحب أكبر صيد بين صيادين يأتون من العالم بأحلام الثراء والمجد. يجرّ القدر «بابا عمر» وأولاداً من ميتمه إلى خوضها، مع قبطان أميركي غريب الأطوار، مسكون بجنون المغامرة وتحقيق الانتصارات هو «وايد مالوي» (دنيس كويد). عقبات وإخفاقات حتى كاد كل شيء ينتهي بالفشل. الأمل هو الآخر غريق، أو هكذا ظنّوا جميعاً. إلى أن انكشفت اللحظة الأخيرة بقدرة هائلة على الإثارة والحماسة. من حيث لم يدرِ أحد، من عمق الإحساس بالعجز، وصميم الاستسلام للخسارة، تحلّ القوة في الأعماق الخائفة وتتمدّد في الشرايين، فيصطاد «بابا عمر» سمكة المارلين الزرقاء، متغلّباً على الصور المؤلمة في ذاكرته والكوابيس الكريهة؛ محققاً له وللأولاد والكابتن الأميركي فوزاً نظيفاً من خارج التوقُّع.
المُثل في الفيلم هي عظمته. لم يكن سهلاً على «بابا عمر» المتورّط بالديون المجيء بأولاد من الشوارع وتعليمهم آداب السلوك. يضيف إلى أسس قواعد العلاقات البشرية المتعلقة بالاحترام والالتزام، قواعد أكثر ارتقاء بالجوهر الإنساني كالاعتراف بالأخطاء وتصحيحها. يبدو الاعتذار في الفيلم فضيلة أخلاقية يجسّدها نشّال متسكّع هو المراهق «موكو» (ميغيل أنجيل غارسيا). «تمرّده» المولود من القهر الاجتماعي والتخلّي الأسري، يتحوّل في لحظة مفصلية تدفقاً مدهشاً للطاقة الإيجابية داخل روح الفريق. الفوز الحقيقي هو أن يستحق الإنسان الحب ويمنحه أضعافاً بصدق.
يحدث كل شيء على مركب الكابتن «وايد» المهترئ: الغفران، الغضب، العتب، استعراض الندوب، وتشارُك الماسي. أولاد يحاولون التستّر على هشاشتهم الداخلية واهتزاز ثقتهم بأنفسهم، يجمهم الفقدان العبثي للأب بالرصاص أو السجن والمخدرات. وإذا بهم يلقّنون القبطان الأميركي الزاحف خلف المجد وهوس الفوز، درسا في «الأبوّة الحقيقية»، فـ«الأولاد لا يفضّلون آباء يرفعون الكؤوس، بل آباء يبقون معهم. تماماً كالمرساة».
هذه المرة، يحمل فوزه ورؤيته الجديدة لكونه أباً، ويعود بهما إلى موطنه. رغم أنّ نوع القبطان «وايد» قابض على ملامحه، غامض، متقلّب، فإنه يلتحم سريعاً بروح التجربة التي جمعته بأولاد ميتم «كاسا هوغار» ومكّنته من الفوز. كلها لعبة أقدار، تجعل المصائر متداخلة، فإنقاذ «بابا عمر» من مخاوفه، هو إنقاذ للميتم من الإفلاس وللأولاد من التشرّد وللكابتن من الزهو المغشوش وأوهام النداءات الخاطئة.
ما كانت الأمور لتبلغ الخواتم من دون «إشارات من فوق». يستجيب الله لأولاد يعترفون بالذنب أمام الحظ لكونهم بأمان في الميتم، بينما آخرون في الطرقات تحت المطر. يصبح إعصار «أدويل» ذريعة تبعث بها السماء لتغيّر حياة هؤلاء. فالخراب جراء العصف، يدفع بمنظّمي البطولة إلى التنازل عن رسوم الدخول الباهظة؛ مما يتيح فوز الأولاد المكسيكيين مع «بابا عمر» والقبطان «وايد». كان الظن أنّ الميتم لا يدار بالطيبة وحدها، وحل المشاكل لا يكون فقط بالرجاء. الفيلم ينتصر للمعدن الصافي. هنا سحره.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».