إقالة وزير الصحة التونسي لاتخاذه «قرارات شعبوية إجرامية»

المشيشي يتحدث عن {سوء تسيير}

تونسيون يتزاحمون للحصول على لقاح ضد «كورونا» مما أدى إلى إقالة وزير الصحة (أ.ف.ب)
تونسيون يتزاحمون للحصول على لقاح ضد «كورونا» مما أدى إلى إقالة وزير الصحة (أ.ف.ب)
TT

إقالة وزير الصحة التونسي لاتخاذه «قرارات شعبوية إجرامية»

تونسيون يتزاحمون للحصول على لقاح ضد «كورونا» مما أدى إلى إقالة وزير الصحة (أ.ف.ب)
تونسيون يتزاحمون للحصول على لقاح ضد «كورونا» مما أدى إلى إقالة وزير الصحة (أ.ف.ب)

أقال رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي وزير الصحة فوزي مهدي، مساء أول من أمس، بعد إفساح المجال لجميع التونسيين ممن تجاوزوا 18 عاماً طوال يومي عطلة عيد الأضحى لتلقي اللقاح المضاد لـ«كوفيد19»، في ذروة تفشي فيروس «كورونا» في البلاد، وهو القرار الذي أدى إلى ازدحام كبير في مراكز التلقيح الـ29 وحدوث تدافع في كثير منها وخيبات عدة لعدم توافر العدد الكافي من الجرعات، في وقت تشهد فيه البلاد ارتفاعاً غير مسبوق في عدد الإصابات، وتدهوراً سريعاً للأوضاع الصحية بسبب نفاد مخزون الأكسجين في المستشفيات، ونقص حاد في عديد الطواقم الطبية والأسرّة الشاغرة في أقسام الإنعاش، مما دفع في الأيام الأخيرة بعدد من الدول إلى إرسال مساعدات طبية.
وسيصبح وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي وزيراً للصحة بالنيابة، في حكومة سبق أن شهدت انسحاب العديد من الوزراء، الذين لم يخلفهم أحد بسبب تعديل حكومي صادق عليه البرلمان، لكنه لا يزال معلقاً.
وأوضح رئيس الحكومة هشام المشيشي، في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية أمس، أنه اتخذ قرار إقالة وزير الصحة بعد أن عاين «سوء التسيير في قيادة وزارة الصحة، التي تزخر بالكفاءات والمراجع العلمية والإدارية»، مضيفاً أنه جرى تسجيل أخطاء كارثية، قال إنها «أصبحت تتوالى، وصارت تهدد صحة التونسيين»، وفق تعبيره. وعدّ المشيشي أن قرار استدعاء كل التونسيين إلى تلقي التلاقيح يوم عيد الأضحى «قرار شعبوي»، واصفاً إياه بـ«الإجرامي»، خصوصاً أن فيه تهديداً لصحة التونسيين والسلم الأهلي؛ وفق تعبيره، معبّراً عن اعتذاره للتونسيين، الذين قدموا لتلقي اللقاح «لكنهم اصطدموا بسوء تنظيم كبير، وصل حد تهديد السلم الأهلي، وتهديد صحة المواطنين في الحملة المفتوحة».
وتابع المشيشي موضحاً أن قرار إقالة وزير الصحة «جرى تأخيره في عدة مناسبات من باب المسؤولية، نظراً للحرب التي تخوضها تونس ضد وباء (كورونا)»، مشدداً على أنه أمام ما حدث في مراكز التلقيح؛ فإنه «لا يمكن أن يتواصل»، وفق تقديره.
من جانبه، قال رئيس الجمهورية، قيس سعيد، في تصريح لقناة «العربية» إن تجميع التونسيين يوم عيد الأضحى لتلقي التلقيح المضاد لفيروس «كورونا»، «يعد جريمة، وراءها غايات سياسية»، حسب ما نقلته القناة على صفحتها الرسمية عن رئيس الجمهورية، مبرزاً أن إدارة الصحة العسكرية ستتولى إدارة الأزمة الصحية في البلاد.
من جهته، علّق وزير الصحة المقال في تدوينة له على «فيسبوك»، أمس، على قرار إقالته من وزارة الصحة، قائلاً: «تلقيت خبر إعفائي مثلكم عبر وسائل الإعلام، بعد أن نبهني إليه صديق بالهاتف».
وكتب مهدي في تدوينته: «لقد علمتني عقود الجندية الثلاثة أن لكل مهمة بداية ونهاية، وألا ألقي سلاحي أو أغادر موقعي إلا بتسليم العهدة لمن سيتحملها بعدي»، مضيفاً: «عملت في وزارة الصحة بعقل الوزير وأخلاق الطبيب، وشرف الجندي، ولم أسمح للسياسة وتقلباتها بأن تستدرجني، وكيف لها أن تستدرجني وأنا أرى يومياً رمالها المتحركة تبتلع معاش الناس وحياتهم».
في غضون ذلك، أعلن «حزب التيار الديمقراطي» أنه تقدم بشكاية جزائية إلى وكيل الجمهورية ضد رئيس الحكومة. وقال في بيان أصدره إنه يعاين «استهتار هذه الحكومة وتقصيرها في منع انتشار الوباء بين المواطنات والمواطنين، وتراخيها في إنفاذ القانون وتطبيق الإجراءات الصحية وفق المقتضيات الوبائية والعلمية، وتعمدها خرق القانون بالسماح بتنظيم تظاهرات حزبية ورياضية، وفشلها في التنسيق بين مختلف هياكل الدولة المعنية، سواء لضمان التزود بالأكسجين أو التلاقيح».
وعدّ «التيار الديمقراطي» هذه «الإخلالات المتعمدة والمتكررة سبباً مباشراً في ارتفاع عدد الإصابات، وإزهاق الأرواح، والإضرار بالأمن الصحي العام، وبمصالح أغلب الفئات الاجتماعية»، وبناء عليه؛ «فقد قرر التقدم بشكاية جزائية إلى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس ضد رئيس الحكومة هشام المشيشي، وكل من سيكشف عنه البحث من أجل تقصيره في أداء مهامه، والامتناع عن الإنجاد القانوني طبقاً للفصل (143) من المجلة الجزائية، والقتل عن غير عمد طبقاً لمقتضيات الفصل (217) من نفس المجلة».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.