بحر الإسكندرية مأوى لحطام سفينة بطلمية

غرقت نتيجة زلزال مدمر في القرن الثاني قبل الميلاد

TT

بحر الإسكندرية مأوى لحطام سفينة بطلمية

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية اكتشاف حطام سفينة حربية حطمها زلزال مدمر في القرن الثاني قبل الميلاد لتغرق تحت سطح البحر في منطقة خليج أبو قير بالإسكندرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وقالت الوزارة، في بيان صحافي أمس، إن «البعثة الأثرية المصرية - الفرنسية التابعة للمعهد الأوروبي للآثار الغارقة (IEASM)، العاملة في مدينة هيراكليون الغارقة بخليج أبي قير في الإسكندرية، اكتشفت حطام سفينة حربية من العصر البطلمي، وبقايا منطقة جنائزية إغريقية تعود لبداية القرن الرابع قبل الميلاد».
ومدينة هيراكليون واحدة من المدن المصرية القديمة، وكانت من أكبر موانئ مصر على مدى عدة قرون، قبل تأسيس مدينة الإسكندرية بواسطة الإسكندر الأكبر في عام 331 قبل الميلاد. وقد ظلت المدينة مفقودة لسنوات طويلة تحت سطح البحر، بعد أن أغرقتها الزلازل وموجات المد التي تسببت في هشاشة الأرض، وانهيار جزء مساحته نحو 110 كيلومترات مربعة من دلتا النيل، لتنهار مدينة هيراكليون، ومعها مدينة كانوب، تحت سطح البحر.
وقال إيهاب فهمي، رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة في وزارة السياحة والآثار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «منطقة خليج أبو قير منطقة غنية تاريخياً، حيث تقع عند مصب الفرع الكانوبي لنهر النيل، وكان هذا الفرع هو المكان الرئيسي الذي تدخل منه السفن الأجنبية إلى مصر، حيث لا يسمح بدخولها من موانئ أخرى، وبالتالي فإن من الطبيعي إنشاء مدن خدمية على بداية الفرع، من بينها مدينتا هيراكليون وكانوب اللتان كانتا تضمان موانئ وأرصفة ومعابد».
وأوضح فهمي أنه «في عام 1933، رأى طيار بريطاني شيئاً يشبه حدوة الحصان في قاع البحر، فأبلغ الأمير عمر طوسون. وعلى الفور، بدأ الغطاسون البحث، وتمكنوا من تحديد جزء من شرق مدينة كانوب. وعن طريق الخرائط، حددوا موقع مدينة هيراكليون الغارقة، لكنهم لم يعثروا عليها»، مشيراً إلى أنه «في عام 1996، بدأ البحث عن المدينة المفقودة باستخدام أجهزة حديثة تعطي صورة واضحة للقاع، وحُددت المواقع الأثرية، وهي مواقع غنية جداً تكشف كل يوم عن شيء جديد».
وأعيد اكتشاف المدينتين بواسطة بعثة المعهد الأوروبي للآثار الغارقة (IEASM)، بالتعاون مع الإدارة المركزية للآثار الغارقة بوزارة السياحة والآثار، في الفترة ما بين عامي 1999 و2001.
ووفق الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فإن «حطام السفينة المكتشفة يعود إلى سفينة كان من المقرر لها أن ترسو في القناة التي كانت تتدفق على طول الوجه القبلي لمعبد آمون، ولكنها غرقت نتيجة انهيار المعبد، وسقوط كتل ضخمة عليها خلال القرن الثاني قبل الميلاد، إثر وقوع زلزال مدمر»، مشيراً إلى أن «سقوط تلك الكتل الحجرية ساهم في الحفاظ على السفينة أسفل القناة العميقة المليئة الآن بحطام المعبد».
وقد عُثر على حطام السفينة بعمق 5 أمتار في الطين الصلب الذي يمثل قاع البحر الممزوج بآثار المعبد، وذلك باستخدام أجهزة الحفر تحت الماء، مثل أجهزة Sub - bottom profiler»، حسب الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية.
وتتمتع السفينة بقاع مسطح له عارضة مسطحة، وهو طراز مفيد للملاحة في نهر النيل وداخل الدلتا، وكانت ذات مجاديف مزودة بشراع كبير. ويؤكد الاكتشاف بعض السمات النموذجية لبناء السفن في مصر القديمة، إلى جانب البرهنة على إعادة استخدام الأخشاب، وبناء السفينة في مصر، حسب الدراسات الأولية للبعثة.
وقال فرانك جوديو، رئيس بعثة المعهد الأوروبي للأثار الغارقة (IEASM)، إن «اكتشاف السفن السريعة التي تعود لتلك الحقبة الزمنية لا يزال نادراً للغاية، إذ إن السفن الإغريقية من هذا النوع كانت مجهولة تماماً حتى اكتُشفت السفينة بونيقية مارسالا التي تعود إلى عام 325 قبل الميلاد، وهي المثال الوحيد لدينا». وأضاف جوديو أن «الدراسات الأولية تشير إلى أن طول السفينة كان يبلغ أكثر من 25 متراً، وأنها بنيت وفقاً للطراز الكلاسيكي الذي يعتمد على تقنية الدسرة والنقرة، لكنها في الوقت نفسه تحتوي على مميزات الطراز المصري القديم، وبالتالي فهي نوع مختلط من البناء».
واستغرقت أعمال الكشف عن السفينة نحو 4 سنوات، حسب فهمي الذي أوضح أن «السفينة كانت موجودة في قناة بجوار المعبد الرئيسي، وسقطت عليها جدران المعبد، لذلك فإن الكشف عنها تطلب في البداية إزالة الكتل الحجرية للمعبد، إضافة إلى التعامل بحرص مع خشب السفينة المشبع بالمياه»، مشيراً إلى أنه «كنا نتوقع أن حالتها سيئة، وأنها صغيرة، لكن الحفائر كشفت عكس ذلك».
وقال فهمي إن «أهم ما يميز هذه السفينة أنها مزجت بين الطراز المعماري المصري والإغريقي، وكانت تصلح للملاحة في مياه البحر وفي مياه النهر أيضاً».
الاكتشاف تضمن أيضاً بقايا منطقة جنائزية إغريقية تعود إلى بداية القرن الرابع قبل الميلاد، عُثر عليها عند مدخل القناة الشمالي الشرقي للمدينة، ويقول فهمي إن «هذا يشير إلى التجار اليونانيين الذين عاشوا في تلك المدينة، وتحكموا في مدخل مصر عند مصب الفرع الكانوبي لنهر النيل، وسُمح لهم باستيطانها خلال العصر الفرعوني المتأخر، وأقاموا معابدهم الجنائزية بالقرب من المعبد الرئيسي للمعبود آمون، ولكن نظراً للكوارث الطبيعية تم تدمير المنطقة». وكشفت البعثة عن بقايا أثرية مختلطة في معبد آمون مستقرة بالقناة العميقة في أثناء الهبوط الأرضي الناجم عن ظاهرة هشاشة الأرض. وتُعد تلك الآثار شاهداً على ثراء معابد تلك المدينة الواقعة الآن تحت سطح البحر المتوسط على بعد 7 كيلومترات من شاطئ أبي قير.


مقالات ذات صلة

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» لحماية آثار لبنان من هجمات إسرائيل

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» للنظر في توفير الحماية للآثار اللبنانية المهددة بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ميشال أبونجم (باريس)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».