أوروبا تسعى لتفادي موجة وبائية جديدة

«دلتا» يهدد القارة بمضاعفة الإصابات 5 مرات

تطعيم شاب بجنوب فرنسا وسط ارتفاع سريع في الإصابات (أ.ف.ب)
تطعيم شاب بجنوب فرنسا وسط ارتفاع سريع في الإصابات (أ.ف.ب)
TT

أوروبا تسعى لتفادي موجة وبائية جديدة

تطعيم شاب بجنوب فرنسا وسط ارتفاع سريع في الإصابات (أ.ف.ب)
تطعيم شاب بجنوب فرنسا وسط ارتفاع سريع في الإصابات (أ.ف.ب)

في حين يواصل متحوّر «دلتا» الفيروسي انتشاره السريع في جميع أنحاء العالم ويدفع بالحكومات إلى إعادة النظر في خطط المكافحة والعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، تواجه أوروبا أسبوعاً حاسماً في سعيها إلى منع ظهور موجة وبائية جديدة يخشى أن يعجز العديد من المنظومات الصحية عن التصدي لها، وتلجأ الدول تباعاً إلى فرض مزيد من تدابير العزل والاحتواء على مواطنيها والقيود الشديدة على الوافدين إليها من الخارج.
وتوقع «المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها»، في تقريره الأخير، أن يؤدي الارتفاع المطّرد في عدد الإصابات الجديدة بسبب من طفرة «دلتا» سريعة الانتشار، إلى مضاعفة الإصابات الحالية 5 مرات مع بداية الشهر المقبل. ويرجّح «المركز» أن يتكرر المشهد البريطاني في البلدان الأوروبية الأخرى، علماً بأن مستوى التغطية اللقاحية في المملكة المتحدة يتجاوز بكثير ما بلغته حتى الآن بلدان الاتحاد الأوروبي. وكانت الحكومة البريطانية أفادت بأن جميع السكّان البالغين تقريباً قد تلقّوا اللقاح؛ منهم 68 في المائة تلقّوا الدورة الكاملة، فيما تلقّى 89 في المائة جرعة واحدة من اللقاح.
وأعلن النظام الصحي البريطاني أنه لم يحسم قراره بعد بشأن تلقيح القاصرين حتى الثانية عشرة من العمر، علماً بأن اللجنة البرلمانية للتطعيم والتمنيع كانت نصحت الحكومة بالتريّث في تنفيذ برنامج تلقيح الأطفال إلى أن تتوفّر القرائن العلمية الكافية حول مخاطره المحتملة.
يذكر أن منظمة الصحة العالمية كانت أوصت بأن يقتصر تلقيح الأطفال في هذه المرحلة على الفئة الأكثر تعرّضاً بسبب من إصابتها بأمراض مزمنة أو حالات صحية حساسة.
وفي فرنسا، التي تسعى حكومتها بكل الطرق لتسريع وتيرة التلقيح بفرض إجراءات وقيود صارمة على الذين يرفضون أخذ اللقاح، قال وزير الصحة، أوليفيه فيران، إن وتيرة الإصابات الجديدة أسرع من الموجات السابقة بسبب من متحوّر «دلتا»، وأضاف: «إذا تناولنا جميعاً اللقاح؛ فلن يجز الفيروس من ينتشر فيه وينقطع سريانه». أما الناطق بلسان الحكومة الفرنسية، غابرييل آتال، فقد ذهب إلى حد التهديد بقوله: «إما التلقيح العام وإما التسونامي الفيروسي»، وذلك بعد أن تجاوزت فرنسا 10 آلاف إصابة يومياً خلال الأسبوع الماضي؛ أي بزيادة 50 في المائة على الأسبوع السابق.
وتخشى وزارة الصحة الفرنسية، في حال استمرار الوتيرة الراهنة، أن يصل عدد الإصابات اليومية إلى 120 ألفاً قبل نهاية الصيف؛ الأمر الذي يجعل من شبه المستحيل على النظام الصحي أن يستوعبها. وكانت فرنسا قد شهدت خلال نهاية الأسبوع مظاهرات حاشدة عمّت العاصمة باريس وعدداً من المدن الكبرى مثل مرسيليا وليون وليل، احتجاجاً على القرار الذي أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع الأسبوع الماضي، بفرض التلقيح على أفراد الطواقم الطبية والصحية وعقوبات صارمة على الرافضين له.
وكانت الاحتجاجات تتصاعد منذ أيام إلى أن بلغت ذروتها أمس الأحد، وشاركت فيها حركة «السترات الصفر» التي كانت حملتها العنيفة ضد الحكومة قد خمدت منذ بداية الوباء. لكن رغم اتساع الاحتجاجات على هذه التدابير، فإن آخر استطلاع أظهر أن ما يزيد على 60 في المائة من الفرنسيين يؤيدون التلقيح الإلزامي لأفراد الطواقم الصحية والفحص السلبي للدخول إلى الأماكن العامة.
يذكر أن فرنسا فرضت أيضاً فحصاً سلبياً على الملقّحين الوافدين من المملكة المتحدة وإسبانيا والبرتغال وقبرص واليونان وهولندا، إضافة إلى كوبا وإندونيسيا وتونس وموزامبيق.
وفي إيطاليا؛ أفادت وزارة الصحة، أمس، بأن عدد الإصابات الجديدة تضاعف خلال الأسبوع الماضي ووصل إلى المستوى الذي كان بلغه في مايو (أيار) الماضي. وكان «المعهد الوطني للصحة» قد حذّر من أن الفيروس عاد لينتشر بسرعة وكثافة، خصوصاً بين الشباب، وأن المتوسط العمري للمصابين الجدد تدنّى إلى 28 عاماً، وأن معظم المصابين لا تظهر عليهم أي أعراض. وكان «المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية» قد أفاد في تقريره الأخير بأن الارتفاع المرتقب في الإصابات لن يوازيه ارتفاع ملحوظ في الوفيات وعدد الحالات التي تستدعي العلاج في المستشفى.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».