بدأ حجاج بيت الله الحرام، اليوم (الأحد)، التوافد على مشعر منى، لقضاء يوم التروية، استعداداً لأداء الركن الأعظم من الحج، الذي يصادف يوم غدٍ (الاثنين) والمعروف بـ«يوم عرفة».
ويصادف اليوم، الثامن من شهر ذي الحجة، «يوم التروية» لهذا العام، ويحرم الحاج في صباح هذا اليوم أو في الظهيرة أو عصراً، لينزل في وادي منى استعداداً للوقوف يوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة) على صعيد عرفات لتأدية الركن الأعظم.
فما هو وادي منى، أكبر مشاعر الحج مساحة في مكة المكرمة؟
مشعر منى، هو وادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، وجمرة العقبة من جهة مكة المكرمة، ووادي محسر من جهة مشعر مزدلفة، ويعد أكبر المشاعر مساحة في مكة المكرمة.
وتعرف منى بأنها موضع أداء شعائر الحج ومبيت الحجاج في يوم التروية ويوم عيد الأضحى وأيام التشريق، وفيها موقع الجمرات التي تتم بين شروق وغروب الشمس، في تلك الأيام من الحج، ويذبح فيها الهدي، ولا تُسكن إلا في أيام الحج فقط.
وتؤوي منى سنوياً ما يزيد عن مليونين من الحجاج، فضلاً عن غيرهم من العاملين ومقدمي الخدمات المختلفة، وذلك ابتداءً من يوم التروية في 8 ذي الحجة حتى نهاية أيام التشريق في 13 ذي الحجة، عدا يوم عرفة في 9 ذي الحجة، بمجموع قدره 5 أيام للمتأخر أو أربعة أيام للمتعجل.
وينتهي في مشعر منى أطول طريق للمشاة في العالم، الذي يبدأ من جبل الرحمة بعرفات مروراً بمزدلفة، وهو طريق بـ4 مسارات يضم على طوله المظلات للوقاية من أشعة الشمس، ويحتوي على الكراسي والمياه الباردة.
ويقع مشعر منى شرق مدينة مكة، ويحدها من الشمال الغربي جمرة العقبة، ومن الجنوب الشرقي وادي محسر، ومن الجهة الشمالية جبل القويس، ومن الجهة الجنوبية جبل ثبير.
ويفصل بينها وبين مشعر مزدلفة وادي محسر، وتقدر مساحة منى نحو 7.82 كم مربع، والمستغلة فعلاً 4.8 كم مربع، أي ما يعادل 61 في المائة من المساحة الحقيقية، بينما تغطي 39 في المائة من المساحة جبال وعرة ترتفع قممها نحو 500م فوق مستوى سطح الوادي.
وتملأ منى خيام سكنية مصنوعة من الزجاج، مغطاة بمادة «التفلون»، لمقاومتها العالية للاشتعال، ومرتبطة ببعضها بعضاً بواسطة ممرات، وتحاط كل مجموعة خيام بأسوار معدنية تضم أبواباً رئيسية وأخرى للطوارئ، تمتد الخيام على مساحة 2.5 مليون متر مربع، وتستوعب نحو 2.6 مليون حاج.
ويقول المؤرخون إن تسمية (منى) أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة في الحج، وقيل لتمني آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنى.
بيعتا العقبة الأولى والثانية
في مشعر منى، تتجمع وفود الحجيج سنوياً، في أيام معدودات طمعاً وأملاً في نيل مغفرة رب العباد، فيه رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، وشهد أديم أرضه بيعتي العقبة الأولى والثانية، وفوق ثراه بُني مسجد العقبة.
ويقضي الحاج بمِنَى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ويستحب فيه المبيت تأسياً واتباعاً لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، وفي هذا اليوم يذهب الحجيج إلى مِنَى، إذْ يصلي الناس الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً دون جمع.
ويعود الحجاج إلى مِنَى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر، يوم التاسع من شهر ذي الحجة ومن ثم المبيت في مزدلفة.
أيام التشريق
ويقضي الحجاج في مِنَى أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه.
وسُميت هذه الأيام بأيام التشريق لأن العرب كما قال ابن حجر: كانوا يُشرِقون لحوم الأضاحي في الشمس وهو تقطيع اللحم وتقديده ونشره.
جسر الجمرات
ولخدمة الملايين من ضيوف الرحمن الذين يتقاطرون إلى مكة لأداء مناسك الحج، ما فتئت الحكومة السعودية تسخّر الإمكانات كافة لتوفير كل ما من شأنه الإسهام في أداء ملايين الحجاج نسكهم في راحة وطمأنينة، ومن تلك المشاريع الضخمة التي وجهت القيادة بإنشائها مشروع جسر الجمرات، الذي بلغت تكلفته (أكثر من 4 مليارات و200 مليون ريال).
هذا الجسر يتكون من (6) طوابق، ارتفاع كل منها 12متراً، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للطابق الواحد 120 ألف حاج لكل ساعة وبإجمالي 500 ألف حاج في الساعة، وتحتوي على: (6) مباني خدمات تتكون من 12 طابقاً ومبنيين مزودين بمهابط للطائرات، وفيها مصاعد مخصصة لخدمة نقل سيارات الإسعاف بين الأدوار، ويحتوي كل مبنى خدمات على 3 محطات كهربائية ومولد كهرباء احتياط.
كما يضم الجسر (11) مبنى سلالم منها (4) مبانٍ لنقل الحجاج دخولاً للطوابق، و(7) للخروج، ويحتوي كل مبنى سلالم على (28) سلماً كهربائياً مرتبطاً بنظام إدارة مبانٍ للتحكم بها (BMS)، كما توجد سلالم كهربائية حول الجسر وعددها (20) سلماً كهربائياً ليكون إجمالي عدد السلالم (328) سلماً.
ويحتوي الجسر على (13) نظاماً منها: أنظمة للمراقبة التلفزيونية فيها نحو (900) كاميرا، ونظام البث التلفزيوني لـ(4) قنوات تلفزيونية، ونظام الرسائل التوجيهية، ونظام العد الإلكتروني للحشود به (90) كاميرا، ونظام النداء العلني يحتوي على أكثر من (3000) سماعة ضخمة، ونظام إدارة المباني (BMS AND SCADA)، ونظام الطاقة غير المنقطعة (UPS) -، ونظام إنذار الحريق، ونظام إطفاء الحريق، ونظام التخلص من النفايات، ونظام (الواق واق) بالأنفاق، ونظام قياس مستوى أول أكسيد الكربون، ونظام قياس مستوى وضوح الرؤية بالأنفاق، و(226) عربة كهربائية صديقة للبيئة لنقل الحجاج داخل جسر الجمرات والمشاريع المتصلة به.
كما يوجد في الجسر (456) مكيفاً صحراوياً ليلطف الهواء، و(90) مروحة تعمل بالرذاذ، و(78) مكيفاً مركزياً، و(182) مكيفاً ذات وحدات منفصلة و(104) مضخات مياه.
ويرتبط جسر الجمرات بـ(4) أنفاق من الشعيبين حتى الدور الثالث، بأطوال إجمالية (3485 متراً طولياً)، ويحتوي على (46) ممشى كهربائياً لنقل الحجاج، و(4) محطات كهربائية مرتبطة جميعها بنظام تحكم عن بعد بنظام (SCADA)، وأنظمة الحماية والحريق والنداء العام والاتصال الداخلي ونظام إلكتروني لفصل الأنفاق أثناء الحريق.
ويرتبط مشروع الجمرات بأنفاق العزيزية المؤدية للدور الثاني للجسر بـنفقين بطول (485 متراً طولياً)، و(4) سلالم كهربائية وطرق بطول (4624 متراً طولياً)، كما يحتوي المشروع على (3) محطات كهربائية مرتبطة بنظام التحكم عن بعد بنظام (SCADA)، وتحتوي على أنظمة الحماية والحريق والنداء العام والاتصال الداخلي.