نما الاقتصاد الصيني بوتيرة أبطأ من المتوقع في الربع الثاني من العام، مع تباطؤ نشاط التصنيع وارتفاع تكلفة المواد الخام وتأثير ظهور بؤر تفشٍ جديدة لفيروس كورونا على قوة الانتعاش الدافعة.
وأظهرت بيانات رسمية الخميس أن الناتج المحلي الإجمالي نما 7.9 في المائة في الربع من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) مقارنة بالعام الذي سبقه، مخالفاً التوقعات بزيادة 8.1 في المائة في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين.
وتباطأ النمو بشدة بعد تسجيله زيادة قياسية بلغت 18.3 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار)، عندما تراجع معدل النمو على أساس سنوي بشدة بسبب الركود الناجم عن «كوفيد - 19» في الربع الأول من 2020.
وفي حين أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم تعافى بشدة من أزمة «كوفيد - 19»، مدعوماً بالطلب القوي على الصادرات ودعم السياسات، فإن البيانات في الأشهر الأخيرة تشير إلى بعض التراجع في القوة الدافعة. وتؤثر تكاليف المواد الخام المرتفعة ونقص الإمدادات وضوابط الحد من التلوث على النشاط الصناعي، في حين حدت بؤر تفشٍ محدودة لـ«كوفيد - 19» على إنفاق المستهلكين.
وقال المكتب الوطني للإحصاء إن الناتج المحلي الإجمالي زاد 1.3 في المائة على أساس ربع سنوي في الفترة من أبريل إلى يونيو (حزيران)، متجاوزاً التوقعات بزيادة 1.2 في المائة في استطلاع «رويترز». وعدل المكتب النمو بالخفض في الربع الأول من الربع الرابع من العام الماضي إلى 0.4 في المائة.
ومقارنة بالربع الأول من 2021 - وهو أساس أكثر واقعية للمقارنة - سجل إجمالي الناتج الداخلي ارتفاعاً نسبته 1.3 في المائة، بعد 0.6 في المائة في الفترة بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار). لكن المكتب الوطني للإحصاء حذر من أن الانتعاش «غير منتظم» و«الكثير من العوامل الخارجية الغامضة» ما زالت قائمة. وأضاف أنه «ما زالت هناك حاجة إلى بذل جهود لتعزيز أسس تعاف وتنمية مستقرين».
وكان هذا التباطؤ في النمو متوقعاً على نطاق واسع. وقد توقعت مجموعة من المحللين استطلعت وكالة الصحافة الفرنسية آراءهم تباطؤاً أكبر بنسبة 7.7 في المائة. ويشير المحلل راجيف بيسواس من مجموعة «آي إتش إس ماركت» في تصريح للوكالة إلى أن «الصادرات شكلت محركاً رئيسياً» بفضل الانتعاش في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا».
وفي يونيو، ارتفعت المبيعات الخارجية للدولة الآسيوية العملاقة بنسبة 32.2 في المائة خلال عام واحد.
لكن المحلل جوليان إيفانز بريتشارد من مجموعة «كابيتال إيكونوميكس» حذر من أنه «تم بلوغ الذروة» ويفترض أن تتراجع الصادرات. وعزز الطلب الأجنبي على المنتجات الإلكترونية (للعمل عن بعد) والمواد الصيدلانية، الصادرات الصينية في الأشهر الأخيرة. لكن يتوقع أن تكون الآن أضعف مع انتعاش الاقتصاد العالمي وتطور التطعيم.
وأشار المحلل جين ما من معهد التمويل الدولي إلى أنه في الربع الثاني «تسارع انتعاش الاستثمارات والاستهلاك والخدمات لكن (الصين) لم تخرج بالكامل بعد من المخاطر» على المستوى الصحي.
والسبب الرئيسي هو ظهور بؤرة لـ«كورونا» في الربيع، مما أثر بشكل خاص على النشاط والاستهلاك في مقاطعة غواندونغ (جنوب) المكتظة بالسكان وتضم العديد من المصانع.
كما كبح ارتفاع أسعار المواد الأولية الانتعاش.
ومن أجل تخفيف الصدمة، أعلنت بكين الشهر الماضي طرح معادن مستمدة من احتياطاتها الوطنية في السوق. ومع ذلك، انخفض نمو الإنتاج الصناعي الصيني في يونيو عندما بلغ 8.3 في المائة خلال عام واحد، مقابل 8.8 في المائة في الشهر السابق.
والأمر نفسه ينطبق على مبيعات التجزئة المؤشر الرئيسي للاستهلاك. فقد ارتفعت بنسبة 12.1 في المائة على مدى عام واحد، مقابل 12.4 في المائة في مايو (أيار). وما زال هذان المؤشران مع ذلك «صامدين» إلى حد ما وعند مستويات أعلى من توقعات المحللين، على حد قول بيسواس.
أما الاستثمار برأس المال الثابت، فقد تباطأ نموه خلال الأشهر الستة الأولى من العام إلى 12.6 في المائة حسب البنك الوطني السويسري. وبلغ معدل البطالة - المحسوب لسكان المدن فقط - في يونيو 5 في المائة بعدما بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق هو 6. 2 في المائة في فبراير (شباط) 2020 في ذروة الوباء.
وكانت وزارة التجارة الصينية أفادت يوم الأربعاء بأن الاستثمار الأجنبي المباشر المستخدم فعلياً في البر الرئيسي الصيني قفز بنسبة 28.7 في المائة على أساس سنوي، ليصل إلى 607.84 مليارات يوان (90.96 مليار دولار) في النصف الأول من العام الحالي.
ووفقاً لما نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) فإن الحجم زاد بنسبة 27.1 في المائة عن نفس الفترة من عام 2019. وبلغ الاستثمار الأجنبي في صناعة الخدمات 482.77 مليار يوان في هذه الفترة، بزيادة بنسبة 33.4 في المائة على أساس سنوي، مع زيادة الاستثمار الأجنبي في قطاع خدمات التكنولوجيا الفائقة بنسبة 42.7 في المائة.
وزاد الاستثمار من الدول الواقعة على طول الحزام والطريق بنسبة 49.6 في المائة، وارتفع الاستثمار من رابطة دول جنوب شرقي آسيا والاتحاد الأوروبي بنسبة 50.7 و10.3 في المائة على الترتيب في النصف الأول.
وكانت الصين الاقتصاد الكبير الوحيد الذي سجل نمواً في 2020 ويفترض أن تدخل الآن مرحلة جديدة من الانتعاش. واعترف رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ هذا الأسبوع بأن الشركات الصغيرة والمتوسطة - المصدر الرئيسي للوظائف - تتعرض لضغوط من ارتفاع أسعار المواد الخام.
وفي أجواء تباطؤ الانتعاش هذه، أعلن المصرف المركزي الجمعة خفض معدل الاحتياطي الإلزامي المطلوب للمصارف. ويفترض أن يمكنها هذا الإجراء من إقراض المزيد من الشركات بشروط أفضل وفي نهاية المطاف لدعم التوظيف. وقال البنك المركزي إنه يفترض أن يتيح هذا القرار ضخ ألف مليار يوان (130 مليار يورو) في الاقتصاد على الأمد الطويل.
ويتوقع صندوق النقد الدولي هذا العام زيادة إجمالي الناتج المحلي لثاني أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 8.4 في المائة، بعد 2.3 في المائة في 2020.
تراجع قوة الدفع بالاقتصاد الصيني
نمو فصلي أقل من التوقعات مع «عوامل عدم يقين خارجية»
تراجع قوة الدفع بالاقتصاد الصيني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة