«بيرقدار» التركية و«البجعة» الروسية تراقبان أجواء شمال غربي سوريا

تسيير دوريات مشتركة شرق الفرات

مروحية روسية فوق دورية مشتركة مع الجيش التركي شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
مروحية روسية فوق دورية مشتركة مع الجيش التركي شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

«بيرقدار» التركية و«البجعة» الروسية تراقبان أجواء شمال غربي سوريا

مروحية روسية فوق دورية مشتركة مع الجيش التركي شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)
مروحية روسية فوق دورية مشتركة مع الجيش التركي شمال شرقي سوريا أمس (أ.ف.ب)

حلقت طائرات مسيرة تركية من طراز «بيرقدار» فوق تعزيزات عسكرية دخلت إلى إدلب شمال غربي سوريا بالتزامن مع تحليق طائرة «البجعة» الروسية في أجواء تلك المنطقة، في تواصل قوات النظام قصف مناطق خفض التصعيد جنوب إدلب وتستمر الاشتباكات العنيفة والقصف المتبادل بين الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في منطقة «درع الفرات» بريف حلب الشمالي.
ودخل رتل عسكري تركي ضخم، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، من معبر كفر لوسين الحدودي مع ولاية هطاي جنوب تركيا إلى جنوب محافظة إدلب، ويتألف الرتل من 42 آلية عسكرية بينها دبابات وراجمات صواريخ وسيارات عسكرية مزودة برشاشات ثقيلة وسيارات محملة بمواد لوجيستية، إضافة إلى عربات مصفحة تقل جنوداً أتراكاً، وتوجه إلى نقاط المراقبة العسكرية الواقعة ضمن منطقة خفض التصعيد جنوب إدلب.
وقال ناشطون إن الرتل العسكري التركي رافقه طائرتا استطلاع طراز بيرقدار التركية من لحظة دخوله الأراضي السورية حتى وصوله إلى منطقة خفض التصعيد في البارة والفطيرة جنوب إدلب.
في الوقت ذاته، حلقت في أجواء محافظة إدلب طائرة «البجعة» الروسية واستمر تحليقها في الأجواء على مدار اليوم، وقامت فصائل المعارضة السورية المسلحة باستهداف الطائرة برشقات رشاشات متوسطة وثقيلة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن قصفاً صاروخياً نفذته القوات التركية والفصائل التابعة لها بعد منتصف ليل أمس الثلاثاء - الأربعاء، على مناطق في صوغانكه وأبين وعقيبة وقنيطرة ضمن مناطق نفوذ القوات الكردية بريف حلب الشمالي، دون معلومات عن خسائر بشرية إلى الآن، فيما دارت اشتباكات بين فصائل الجيش الوطني الموالية لأنقرة من طرف، والقوات الكردية من طرف آخر، على محور باصلحايا شمالي حلب، ترافقت مع استهدافات متبادلة، ولا أنباء عن إصابات حتى اللحظة.
وكان «المرصد» رصد في 11 الشهر الحالي، سقوط قذائف صاروخية أطلقتها القوات التركية والفصائل الموالية لها صباح اليوم الأحد، على مناطق في العريمة وكورهيوك ومزرعة الفوارس ضمن ريف حلب الشمالي الشرقي، ضمن مناطق نفوذ قوات مجلس الباب العسكرية وجبهة الأكراد، مما أدى لأضرار مادية، ولا معلومات عن إصابات.
وأكد العميد أحمد حمادة في «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا أن تبادل القصف والمواجهات التي اندلعت بين قوات الجيش الوطني السوري وقوات «قسد» خلال الساعات الماضية، أتت إثر محاولة تسلل مجموعات تابعة للأخيرة على محاور باصلحيا الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري، وإفشالها وتكبيدها خسائر، بينها مقتل 3 عناصر من «قسد» وتدمير مدفع رشاش.
في سياق آخر، حذر الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء» والأطباء من «كارثة وبائية» بسبب التصاعد الخطير في عدد الإصابات بمرض «كوفيد - 19» خلال الأيام الماضية، في مخيمات النازحين شمال سوريا.
ويشهد مخيم «أبو عبد الرحمن» القريب من منطقة دير حسان الحدودية ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا إلى 48 إصابة بينهم نساء وشيوخ وتم حجرهم وسط مخاوف من انتشار الفيروس في مخيمات مجاورة في الوقت الذي يواجه فيه النازحون تطبيق سبل ووسائل السلامة وعدم انتقال العدوى بسبب الفقر واعتماد النازحين على خزانات مياه الشرب المشتركة واكتظاظ الخيام.
وكشفت «شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة» التابعة لـ«وحدة تنسيق الدعم»، عن تسجيل 29 إصابة جديدة الأربعاء 14 يوليو (تموز)، بفيروس كورونا في مناطق الشمال السوري.
وذكرت الشبكة المعنية برصد حصيلة المصابين بـفيروس «كورونا»، أن الإصابات المسجلة لديها بلغت 26 ألف و82 إصابة، دون الكشف عن وفيات جديدة، وبذلك تتوقف عند 714 حالة، وتسجيل 21 حالة شفاء جديدة، ليصبح عدد حالات المتعافين من الفيروس 22936 شخصاً، وأن التحاليل الجديدة بلغت 556 تحليلاً، الأمر الذي يرفع عدد التحاليل إلى 160608 اختبارات.
من جانبه، قال مسؤول فريق لقاح سوريا في القطاع الشمالي لإدلب إن حملة التلقيح بلقاح «كوفيد - 19». مستمرة، وأنها تستهدف في المرحلة الثانية المصابين بالأمراض المزمنة وكبار السن كما تستمر فرق التلقيح في تلقيح العاملين الصحيين والعاملين الإنسانيين اللقاح الثاني.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.