ملف «سد النهضة» يغيب عن خطوات روسيا لدعم السودان

موسكو والخرطوم لدفع التعاون الثنائي وإحياء قنوات التنسيق

وزير الخارجية الروسي لدى استقباله نظيرته السودانية في موسكو أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي لدى استقباله نظيرته السودانية في موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

ملف «سد النهضة» يغيب عن خطوات روسيا لدعم السودان

وزير الخارجية الروسي لدى استقباله نظيرته السودانية في موسكو أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي لدى استقباله نظيرته السودانية في موسكو أمس (أ.ف.ب)

أجرى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس جولة محادثات مع نظيرته السودانية مريم الصادق المهدي، ركزت على دفع العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون في الملفات المختلفة. وعلى الرغم من الإعلان عن سلسلة خطوات لدعم الخرطوم في المرحلة الانتقالية، بينها التوجه لشطب ديون السودان، وتبني موسكو الدعوة إلى إلغاء العقوبات الدولية المفروضة عليها، بدا أن الزيارة لم تنجح في دفع موسكو إلى إعلان موقف مؤيد للسودان في السجالات المتصاعدة حول ملف سد النهضة.
وغاب هذا الملف تماما عن حديث الوزير لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الوزيرة الزائرة، ما عكس أن المحادثات التي جرت خلف أبواب مغلقة لم تحمل للجانب السوداني إشارة إلى استعداد موسكو للعب دور نشط في مواجهة خطوات إثيوبيا، وهو الأمر الذي ركزت عليه المهدي في حديثها مع وسائل إعلام روسية قبل انعقاد المحادثات، عندما أشارت إلى تطلع الخرطوم لأن تلعب موسكو دورا في التأثير على الجانب الإثيوبي.
وأعربت وزيرة الخارجية السودانية عن ثقتها في أن «روسيا تستطيع إقناع إثيوبيا بتحكيم صوت العقل»، فيما يخص أزمة سد النهضة في ظل تعثر المفاوضات. وقالت بهذا الخصوص: «مباحثاتي في موسكو تشمل الأوضاع في منطقتنا، والتطورات الأخيرة الخاصة بقضية سد النهضة، وستتضمن شرح وتوضيح مواقفنا ووجهة نظرنا في قضية سد النهضة، وسلوك إثيوبيا المتعنت تجاهنا، سواء كان في سد النهضة، أو في الحدود المشتركة بيننا».
مؤكدة أنه «يمكن لروسيا بما لديها من علاقات طيبة مع إثيوبيا أن تسعى إلى إقناع الجانب الإثيوبي بتحكيم صوت العقل، والوصول إلى اتفاق يضمن مصالح الدول الثلاث، وعدم الإضرار بالسودان، كما فعلت في الملء الأول لخزان سد النهضة».
وتعمدت الوزيرة خلال المؤتمر الصحافي المشترك الإشادة بتصريح مندوب روسيا الدائم لدى مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا، الذي كان انتقد «التصرفات الأحادية» التي تفاقم من الموقف، ورأت أن «تحركات إثيوبيا الأحادية يجب أن تلقى الشجب».
ومع غياب هذا الملف عن تصريحات لافروف الختامية، بدا أن التركيز الروسي انصب على الآليات المشتركة لتعزيز التعاون الثنائي في الملفات المختلفة، حيث شدد لافروف على دعم الجهود السودانية خلال المرحلة الانتقالية في إطار تطبيع الوضع الداخلي، وأكد استعداد بلاده لمواصلة جهودها، خصوصا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ليستعيد السودان مكانته على الساحة الدولية، مشددا على أهمية رفع عقوبات مجلس الأمن الدولي المفروضة على السودان. ومؤكدا أن «روسيا تؤيد ضرورة البدء في رفع العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي عام 2004، والتي لم تفقد معناها فحسب في ظل الظروف الحالية، بل أصبحت أيضا عقبة أمام تنمية البلاد».
وأضاف لافروف أن الطرفين بحثا، فضلا عن الملفات الثنائية، الأوضاع الإقليمية وخصوصا على صعيد النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، والوضع في سوريا وليبيا. مبرزا أن الطرفين اتفقا على تعزيز التنسيق في كل المجالات، وخصوصا في الأمم المتحدة. كما تطرق إلى ملف العلاقة الروسية - الأفريقية، موضحا أنه أبلغ الوزيرة الزائرة بمسار تطبيق قرارات القمة الروسية - الأفريقية الأولى، التي انعقدت في سوتشي قبل عامين، وبحث معها ترتيبات عقد القمة الثانية، التي من المقرر تنظيمها في القارة الأفريقية العام المقبل. كما أعلن لافروف عن اتفاق لإعادة إطلاق عمل اللجنة الروسية - السودانية المشتركة على مستوى نائبي وزيري الخارجية لمواصلة تنسيق الخطوات وتطوير العلاقات. من جهتها، قالت المهدي إن الطرفين سوف يوقعان اتفاق تفاهم مشترك بين وزيري المالية السوداني والروسي لإعفاء السودان من «دين مهم»، الأمر الذي سوف يساعد السودان خلال اجتماع باريس المرتقب. مشيرة إلى أنها توافقت مع نظيرها الروسي على معاودة أنشطة اللجنة السياسية التشاورية العليا، واللجنة الاقتصادية لتفعيل العلاقات بين البلدين.
كما تحدثت المهدي عن أهمية تعزيز التعاون في المجال الاستثماري، وتطوير البنى التحتية في السودان، وخصوصا في السكك الحديد، فضلا عن التعاون في مجالات التدريب وتنمية القدرات.
وفي إشارة لافتة، قالت الوزيرة إن «الحكومة السودانية تدعم تطوير العلاقات مع موسكو بشقيها المدني والعسكري، وفي إطار تعزيز وتنويع علاقات السودان مع كل الأطراف». وحملت هذه العبارة إشارة غير مباشرة إلى موضوع خلافي آخر بين موسكو والخرطوم، على خلفية إصرار موسكو على المصادقة على اتفاق وقع مع الحكومة السابقة لإنشاء مركز عسكري عملياتي روسي في بورتسودان، وهي الاتفاقية التي ينتظر أن يجري البرلمان الروسي المصادقة عليها بعد انقضاء عطلته الصيفية وفقا للافروف.
وقالت الوزيرة السودانية إن الاتفاق على إنشاء مركز لوجيستي للبحرية الروسية في السودان «سيكون مفتاحا استراتيجيا بين البلدين». موضحة أن «موضوع مركز الدعم اللوجيستي هو جزء من اتفاقيات وقع عليها المجلس العسكري عام 2019، لكن لم تتم المصادقة عليها بعد، وعملية المصادقة على أي اتفاقية دولية تشترط المرور عبر المجلس التشريعي، وفي غياب المجلس حاليا تجري ممارسة هذا الدور عن طريق إجازة الاتفاقية بواسطة المجلسين معا: المجلس السيادي ومجلس الوزراء».
وحول مستقبل عمل الشركات الروسية في السودان، أكدت الوزيرة أن «الشركات الروسية ستستمر في عملها في المجالات التي تعمل فيها، ونحن نروج لاستقدام المزيد من الشركات والبنوك والاستثمارات الروسية للسودان، لأن ذلك يؤسس لمصالح مشتركة بين البلدين».
كما أعلنت المهدي أنها ستجري خلال زيارتها محادثات مع وزير الموارد الطبيعية والبيئة، ألكسندر كازلوف، رئيس الجانب الروسي في اللجنة الوزارية السودانية - الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي.
وخلال تطرقها الى ملف التحضيرات للقمة الروسية - الأفريقية الثانية، شددت المهدي على أن «اختيار المكان مهم، ونتطلع لأن يكون الاختيار مرضيا لكل الأطراف». وزادت موضحة أن «السودان كنقطة تقاطع وتلاقي لكل الأطراف يتطلع لاستضافة هذا المؤتمر المهم»، وفي المقابل، لم يعلق الوزير الروسي على هذا الاقتراح.



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.