فوضى وصخب في ندوة بمعرض الكتاب بعد تنديد المحاضر بتدمير «داعش» للتماثيل

الزهراني لـ«الشرق الأوسط»: عاشت التماثيل والآثار 1400 سنة في ظل التسامح الإسلامي

لقطة لمجموعة من المحتسبين يقاطعون ندوة الدكتور معجب الزهراني في معرض الرياض الدولي للكتاب مساء امس
لقطة لمجموعة من المحتسبين يقاطعون ندوة الدكتور معجب الزهراني في معرض الرياض الدولي للكتاب مساء امس
TT

فوضى وصخب في ندوة بمعرض الكتاب بعد تنديد المحاضر بتدمير «داعش» للتماثيل

لقطة لمجموعة من المحتسبين يقاطعون ندوة الدكتور معجب الزهراني في معرض الرياض الدولي للكتاب مساء امس
لقطة لمجموعة من المحتسبين يقاطعون ندوة الدكتور معجب الزهراني في معرض الرياض الدولي للكتاب مساء امس

شهدت ندوة «الشباب والفنون.. دعوة للتعايش» التي أقيمت ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب مساء أمس صخبا أدى لإيقافها بعد أن قاطع محتسبون المحاضر الدكتور معجب الزهراني أثناء تنديده بتدمير تنظيم داعش للآثار الحضارية في الموصل بالعراق.
واعتبر الدكتور معجب الزهراني تدمير الآثار في العراق وغيرها اعتداء على الإرث الإنساني، إلا أن إشارته للتسامح الإسلامي إزاءها لم تقنع عددا من المحتسبين الذين ثاروا في وجهه معترضين على تنديده بتدمير الآثار، معتبرين أنه يدافع عن أصنام نبذها الإسلام.
وقال الدكتور معجب الزهراني لـ«الشرق الأوسط»، إنه «فوجئ بمجموعة من المحتسبين يعترضون على كلامه حين قال إن التماثيل والشواهد والآثار ظلت باقية خلال العصر الإسلامي على مدى 1400 عام دون أن يمسها أحد بسوء قبل أن يأتي هؤلاء السفهاء ليدمروا التراث الحضاري (في إشارة لتنظيم داعش في العراق).. فانبرى بعض المحتسبين ليصرخوا في وجهه بأن إبراهيم الخليل حطم الأصنام.. ثم ارتفعت الأصوات».
وفي وتعليق له على الحادث، قال الزهراني لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك فئات في هذا المجتمع السعودي العريق لا يطيقون الحديث عن الفن ولا يدركون أهمية الجمال في الحياة».
وقال أحد المحتسبين أن الأصنام تعرضت للتدمير منذ إبراهيم الخليل حتى نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي حطم الأصنام حين دخوله مكة. وحين قال المحاضر إن هناك فرقا شاسعا بين الأمرين ارتفعت الأصوات وتدخل عدد من المحتسبين لمناصرة صاحبهم الأمر الذي أدى لقطع المحاضرة بعد أن صعد المعترضون إلى المنصة ونادوا للصلاة.
وكانت الندوة قد أقيمت ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، وحضرها صالح النصار والدكتور أبو بكر باقادر الأستاذ بمنظمة التعاون الإسلامي، وكانت تناقش سبل وطرق التعايش مع الآخر.
من جانب آخر، أعلن الدكتور سعود كاتب، المتحدث الرسمي باسم وزارة الثقافة والإعلام، أن أجهزة معرض الرياض الدولي للكتاب ستكشف مدى صحة ما ينشر في مواقع التواصل حول بيع كتب ومؤلفات مخالفة تروج لليهودية وبعض المذاهب.
وقال: «الوزارة جعلت من كل شخص رقيبا، وعناوين مثل هذه الكتب ستكشف الحقيقة فبمجرد إدخال عنوان الكتاب ستظهر دار النشر التي تبيعه وموقعها». مضيفا: «قد يتم اكتشاف هذه الكتب عن طريق إبلاغ القائمين على المعرض وعندئذ ستطبق اللجنة الأنظمة بحق المتجاوزين».
وأشار الكاتب إلى أن المعرض به لجنة متخصصة للمتابعة، وقال: «نحن جعلنا من كل شخص رقيبا، لأن المعرض يحوي 600 ألف عنوان». وأضاف «الوزارة تحرص كل الحرص على ألا تقع تجاوزات ونتمنى من وسائل الإعلام أداء دورها في التوصل إلى المخالفين».



«قلق السرد»... فلسطين روائياً

«قلق السرد»... فلسطين روائياً
TT

«قلق السرد»... فلسطين روائياً

«قلق السرد»... فلسطين روائياً

صدر في الشارقة عن الدائرة الثقافية كتاب نقدي جديد للروائي والناقد السوري نبيل سليمان، هو «قلق السرد»، وبذلك يبلغ عدد مؤلفات نبيل سليمان الروائية والنقدية ستين كتاباً. وفي مقدمة الكتاب الجديد نقرأ:

«يتعلق قلق السرد بالشكل، وليس فقط بالمحتوى أو المضمون. والرواية - إذن – قد تورثنا القلق بفعل وفضل الشكل، وليس فقط بمادتها الحكائية أو أحداثها أو حمولتها من الأزمات والأحوال النفسية أو من التاريخ. وهنا يتوحد الحديث عن قلق السرد بتوتره، ومن تجلياته: الجمل القصيرة، الإيقاع اللاهث، علامات الاعتراض والمقاطعة. ولا ننس انثيال السرد في هيئة سبيكة لغوية، تخلو من علامات الترقيم، وتتكسّر فيها أية علامات أو مؤشرات أو حواجز تنظم السرد. ومن الأمثلة البديعة لذلك في غُرر الحداثة الروائية الرائدة أذكّر برواية (نجمة أغسطس – 1974) لصنع الله إبراهيم، ورواية (ألف ليلة وليلتان – 1977) لهاني الراهب (1939 – 2000).

يثير العجائبي والغرائبي والخارق، يثير الفانتاستيك من قلق السرد ما يثير. وقد يورث ذلك قلقاً في البناء الروائي، فهل مثل هذا القلق مذمّة بالضرورة؟ وماذا أيضاً عن القلق اللغوي الذي يعانق تعدد اللغات الروائية: هل هو ضرورة أو مذمّة؟».

يحاول هذا الكتاب تشغيل الأسئلة والأفكار السابقة في قراءة مائة وست وأربعين رواية، فيبدأ باستكشاف ما في الجغرافيا الروائية من مولّدات القلق السردي، بعامة، قبل أن يخصص القول في روايات توزعت فضاءاتها وتشظت وتفاعلت من العراق والهند والصين إلى بيروت. ولئن كان ذلك يميل بالقول إلى المحمول السردي، فلعل الفصل التالي يميل، على العكس، بالقول إلى الشكل؛ إذ يتقرى فعل الموسيقى والنحت، فعل الفنون في السرد الروائي. وهذا ما سيتعمق ويتواصل في الفصلين التاليين. ففي فصل «في الفن الروائي»، يمضي تقصّي قلق السرد إلى ما للصوفية في الرواية، وإلى الكتابة المشتركة للرواية، فإلى ما بين الشعر والرواية، فإلى شكل النوفيللا. وفي الفصل الذي يلي يتحدد القول بما بين السيرة والرواية من استبطانٍ لقلق التجنّس بهما، وهذا من قلق السرد في الصميم.

من الكتاب:

«لأن لقلق الهوية الفلسطينية شأناً خاصاً، أفردتُ له فصلاً خاصاً لتجلياته في قلق السرد الروائي الفلسطيني. وبذا، بقي لأهجاس مجتمعاتنا المعاصرة فصل أخير، يتعدد في تعبيراته الروائية قلق السرد بين العبودية والضحك والهزيمة والمياه والمرأة المشبوحة بين عالمين والمفصل الزمني الحاد المتمثل في رأس السنة، كل سنة.

ولعل من المهم أن أشير إلى أن تحديد روايات بعينها لكل فصل، لا يعني أنْ ليس فيها ما يخاطب فصلاً آخر. فهذه رواية (يصحو الحرير) مثلاً تنادي الفصل الأول بفضائها المترامي بين مدن الجزائر ووهران وبشار وندرومة وإستانبول والشام (دمشق) وإسكندرون. لكن شخصية الفنانة التشكيلية حروف الزين، وهي الشخصية المحورية، مالت بالرواية إلى فصل (في الفن الروائي). ومثلها رواية (تصحيح وضع) التي يترامى فضاؤها بين ديترويت والرياض والدمام وأبوظبي ودبي وعدن. فقد مال ما في الرواية من أهجاس المجتمعات... إلى الفصل الأخير (أهجاس المجتمعات الروائية). وكذا الأمر في روايات (ملك اللصوص) و(كتيبة سوداء) و(فاكهة للغربان) حيث رجحت كفّة التاريخ على كفّة الجغرافيا، إن صح التعبير. أما روايتا (سماء القدس السابعة) و(قناع بلون السماء) فما لهما من الامتياز الفني ينادي فصل (في الفن الروائي)، وإن كان قلق الهوية الفلسطينية فيهما قد رجح كفّة فصل (فلسطين روائياً)».