رؤساء الحكومات السابقون لن يسموا بديلاً للحريري

رغم جدية اعتذاره وقرب إعلانه رسمياً

الحريري مستقبلاً الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال زيارته بيروت (دالاتي ونهرا)
الحريري مستقبلاً الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال زيارته بيروت (دالاتي ونهرا)
TT
20

رؤساء الحكومات السابقون لن يسموا بديلاً للحريري

الحريري مستقبلاً الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال زيارته بيروت (دالاتي ونهرا)
الحريري مستقبلاً الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال زيارته بيروت (دالاتي ونهرا)

نقل مصدر سياسي وثيق الصلة برؤساء الحكومات السابقين تمسكهم بتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة ورفضهم، في حال اتخذ قراره بالاعتذار، الدخول في بازار تسمية من يخلفه لتأليفها، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الرهان على اختلافهم حول البديل ليس في محله وأنهم باقون إلى جانب الحريري ولن يقعوا في فخ التسمية لأنه من غير الجائز تقديم التسهيلات لرئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في الوقت الذي يعطّل فيه تشكيل الحكومة ويوصد الأبواب في وجه المبادرة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإنقاذ البلد بتشكيل حكومة مهمة ووقف تدحرجه نحو الانهيار الشامل.
ولفت المصدر إلى أن اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة يبقى من الخيارات الجدية، وقال إن رؤساء الحكومات لن يكونوا طرفاً في تسمية البديل الذي سيخلفه لتأليفها مع أنه كان اقترح اسمي الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام لتولّي أحدهما هذه المهمة، لكن الأخير ليس في وارد القبول، ليس تهرّباً من تحمّله المسؤولية وإنما تقديراً منه لصعوبة التعاون مع عون وباسيل، وهذا ما خلص إليه من خلال التجربة المريرة التي مر بها أثناء توليه رئاسة الحكومة في عهد رئيس الجمهورية ميشال سليمان آنذاك والتي حفلت بكل أشكال التعطيل وحالت دون رفع منسوب الإنتاج الحكومي.
ورأى أن الرئيس ميقاتي باقٍ بلا شروط إلى جانب الحريري الذي قدّم كل التسهيلات لتشكيل الحكومة لكنه اصطدم بحائط التعطيل من عون وباسيل، وأكد أن ميقاتي لم يبدّل موقفه ويرى أن الحريري في حال أتيح له تشكيل الحكومة سيواجه عشرات المشكلات، وأن من يخلفه سيواجه المئات من المشكلات.
ودعا المصدر نفسه إلى عدم الرهان على أن الخلاف بين الحريري وميقاتي مع مرور الوقت حاصل حتماً، وقال إن الموقف نفسه ينسحب على رؤساء الحكومات الذين يقرأون في كتاب واحد بتوفير الدعم للرئيس المكلّف، وإن ما يشاع عن وجود خلاف بين الحريري وميقاتي هو محاولة لدق الإسفين بينهما ولن يكتب لها النجاح.
واعتبر أن رؤساء الحكومات لن يقعوا في الفخ المنصوب من عون بتسمية من يخلف الحريري في تشكيل الحكومة، وقال إنهم لن يقدّموا له هدية مجانية ما هي إلا «مكافأة» له على تعطيله تشكيل الحكومة، وبالتالي لن يسهّلوا المهمة لمن أعاق تشكيلها وأوكل إلى باسيل مهمة رفع سقف شروطه في محاولة مكشوفة لإعادة تعويمه سياسيا.
وأكد أن رؤساء الحكومات ينأون بأنفسهم عن تسمية من يخلف الحريري وقد اتخذوا قراراً يقضي برد هذه الهدية «المسمومة» إلى صاحبها أي عون الذي يمعن في تعطيل تشكيل الحكومة ولم يعد يهمه سوى جلوس باسيل على طاولة المفاوضات ليعيد له الاعتبار بعد أن تضرّر سياسيا من العقوبات الأميركية المفروضة عليه.
ورداً على سؤال أوضح المصدر السياسي أن الحريري لم يحسم أمره حتى الساعة ما إذا كان الطريق أمام اعتذاره بأن يتقدم بتشكيلة وزارية من 24 وزيراً إلى عون، وقال إن هذه النقطة لم تُحسم من قبل رؤساء الحكومات الذين يؤيدون التقدُّم بتشكيلة وزارية معلّلة ومنسجمة لحشر رئيس الجمهورية، وأيضاً من قبل بري الذي يربط تقديمها بالتفاهم على البديل لخلافته لتشكيل الحكومة.
وكشف أن الحريري لا يبدي حماسة للتقدُّم بتشكيلة وزارية تسبق إعلان قراره بالاعتذار عن التكليف، ويعزو السبب إلى أنه حاول مراراً في هذا المجال من دون أن يلقى أي تجاوب من عون، وبالتالي يفضّل ألا يقوم بدور «ساعي البريد» على خط بعبدا لأن جواب عون لن يتبدّل وبات معروفاً لدى الجميع.
وأكد أن من يصر على تعطيل تشكيل الحكومة عليه أن يتحمّل وحيداً المفاعيل السلبية التي ستؤدي حكماً إلى تعطيل «العهد القوي»، علماً بأنه هو من اتخذ قراره بتعطيل عهده استجابة لرغبة باسيل وبات يفتقد إلى دوره في رعاية جمع اللبنانيين والتوفيق بينهم، وهذا ما اصطدم به بعدم التجاوب مع دعوته للحوار.
ويتحدث المصدر السياسي عن طبيعة المهمة التي حضر لأجلها إلى بيروت نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وقال إنه أكد دعمه للجيش اللبناني لرفع المعاناة عن العسكريين من جهة وحث المعنيين للإسراع بتشكيل الحكومة، لأن من دونها لن تكون هناك مساعدات مالية من المجتمع الدولي للبنان من جهة ثانية.
ونفى أن يكون الموفد القطري قد طرح على الذين التقاهم استعداد بلاده لاستضافة المكوّنات السياسية الرئيسية في دوحة 2 على غرار دوحة 1 التي استضافتها في مايو (أيار) 2008 والتي انتهت إلى التوافق على انتخاب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وقال إن عون استمزج رأيه في استضافة قطر للأطراف السياسية في مؤتمر حواري من دون أن يصدر أي تعليق عن وزير الخارجية القطري.
وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن الموفد القطري التقى باسيل بعيداً عن الأضواء الذي أبدى أمامه رغبته في أن تستضيف قطر الأطراف السياسية في مؤتمر حواري على غرار مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد سابقاً في الدوحة، ورأى أن عون وباسيل بدعوتهما لهذا المؤتمر يريدان الالتفاف على المبادرة الفرنسية ومن خلالها إسقاط مبادرة بري المستمدة من روحية المبادرة التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون.
لذلك لم يلقَ عون وباسيل أي جواب من الموفد القطري على دعوتهما هذه، لأنهما يريدان وضع قطر في مواجهة مباشرة مع فرنسا، وهذا ما لا تريده، وإن كان باسيل عبّر عن حزنه في حال اعتذار الحريري، وهو كان في غنى عن اعتذاره بإسقاط شروطه التي تعطّل تأليف الحكومة، لأن مشاعره حياله لا تؤخذ على محمل الجد!



العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
TT
20

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)

أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن تطلعه إلى شراكة أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات التي تواجهها بلاده، داعياً إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن على الصعد الإنسانية والاقتصادية والأمنية.

تصريحات العليمي جاءت خلال استقباله في الرياض سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وذلك بعد أيام من دخول تصنيف الجماعة الحوثية «منظمة إرهابية أجنبية» حيز التنفيذ وفرض عقوبات أميركية جديدة على 7 من كبار قادتها، في مقدمهم المتحدث باسمها وزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام.

وذكر الإعلام الرسمي أن اللقاء، الذي حضره عضو المجلس القيادي الرئاسي عثمان مجلي، بحث العلاقات اليمنية - الأميركية وآفاقها المستقبلية، وسبل تعزيزها على مختلف المستويات.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي أكد الحاجة الملحة إلى نهج عالمي جماعي لدعم الحكومة في بلاده لمواجهة التحديات الاقتصادية، والخدمية، والإنسانية، وتعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، وتأمين مياهها الإقليمية، بصفتها شريكاً وثيقاً لحماية الأمن والسلم الدوليين.

العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)
العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)

وتطرق اللقاء، وفق الوكالة، إلى مستجدات الوضع اليمني، ووجهات النظر إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي المقدمة «خطر ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان».

وأشاد رئيس مجلس الحكم اليمني، خلال اللقاء، بـ«العلاقات الثنائية المتميزة بالولايات المتحدة، وتدخلات واشنطن الإنسانية والإنمائية، ودورها المشهود في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية المهربة للحوثيين».

شراكة أوسع

وطبقاً للمصادر الرسمية اليمنية، فقد أعرب العليمي عن تطلعه إلى شراكة ثنائية أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات، وردع التهديدات المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة.

ومع التنويه بقرار الإدارة الأميركية إعادة تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، جدد العليمي الالتزام اليمني بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي لتنفيذ القرار، والحد من تداعياته الإنسانية المحتملة على الفئات الاجتماعية الضعيفة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أعاد منذ الأيام الأولى من رئاسته الثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، قبل أن يدخل القرار حيز التنفيذ قبل أيام بالتوازي مع فرض عقوبات على 7 من قادة الجماعة.

ومن غير المعروف حتى الآن حجم الضرر الذي يمكن أن يتعرض له الحوثيون جراء هذا التصنيف، خصوصاً في ظل الدعوات الأممية إلى عدم تعريض المدنيين والقطاع الخاص في مناطق سيطرة الجماعة لأي أضرار، فضلاً عن عدم التأثير على العمل الإنساني الذي تقوده الوكالات الأممية.

ودائماً ما يقول مجلس القيادة الرئاسي اليمني إن الوسيلة المثلى لمواجهة الحوثيين وتأمين المياه اليمنية، هي دعم القوات الحكومية الشرعية لفرض سيطرتها على الأرض واستعادة الحديدة وموانئها.

مخاوف أممية

في ظل عدم وجود يقين بشأن مسار السلام المتعثر الذي يقوده المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، لم يُخفِ الأخير، في أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن، مخاوفه من انهيار التهدئة والعودة إلى مسار الحرب، خصوصاً مع أحداث التصعيد الميداني للجماعة الحوثية في جبهات مأرب والجوف وتعز.

وطبقاً لتقارير يمنية، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً حوثياً متسارعاً في جبهات مأرب، ومواجهات مع القوات الحكومية، بالتزامن مع دفع الجماعة المدعومة من إيران بحشود إضافية من مجنديها إلى جبهات المحافظة الغنية بالنفط.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وحذر المبعوث من الإجراءات التصعيدية، وقال: «شهدنا تصاعداً في الخطاب من أطراف الصراع، وهيّأوا أنفسهم علناً للمواجهة العسكرية. ويجب ألا نسمح بحدوث ذلك. الكلمات مهمة. النية مهمة. الإشارات مهمة. يمكن أن تكون للرسائل المختلطة والخطاب التصعيدي عواقب حقيقية؛ مما يعمق انعدام الثقة ويغذي التوترات في وقت يكون فيه خفض التصعيد أمراً بالغ الأهمية».

وعبر غروندبرغ عن قلقه إزاء القصف، والهجمات بالطائرات من دون طيار، ومحاولات التسلل، وحملات التعبئة، التي حدثت مؤخراً في مأرب، وكذلك في مناطق أخرى مثل الجوف وشبوة وتعز. في إشارة إلى تصعيد الحوثيين.

وقال المبعوث: «أكرر دعوتي الطرفين إلى الامتناع عن المواقف العسكرية والتدابير الانتقامية التي قد تخاطر بإغراق اليمن مرة أخرى في صراع واسع النطاق حيث سيدفع المدنيون الثمن مرة أخرى».