خبراء يحذرون من تراخي إنجلترا في مواجهة الوباء

عدّوا «مقامرة» جونسون «خطيرة وسابقة لأوانها»

يثير التخفيف المرتقب لجميع قيود «كورونا» جدلاً في بريطانيا (رويترز)
يثير التخفيف المرتقب لجميع قيود «كورونا» جدلاً في بريطانيا (رويترز)
TT

خبراء يحذرون من تراخي إنجلترا في مواجهة الوباء

يثير التخفيف المرتقب لجميع قيود «كورونا» جدلاً في بريطانيا (رويترز)
يثير التخفيف المرتقب لجميع قيود «كورونا» جدلاً في بريطانيا (رويترز)

يعتزم رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، رفع القيود التي أملاها وباء فيروس «كورونا»، وفتح اقتصاد إنجلترا من جديد في 19 يوليو (تموز) الحالي، إلا إن هذا أثار قلق بعض العلماء الذين اتّبع نصائحهم حتى الآن.
فرغم تحقيق أحد أعلى معدلات التطعيم في العالم، فإن بريطانيا تواجه موجة جديدة من «كوفيد19». وسيمثل قرار جونسون مقامرة، فهو يهدف بدلاً من إغلاق البلاد إلى التعايش مع الفيروس فيما يعدّ أول اختبار من نوعه في العالم لقدرة اللقاحات على حماية الناس من المتحور «دلتا».
وقد أرجأ جونسون ما يطلق عليه «يوم الحرية» 4 أسابيع حتى الآن للسماح بتطعيم عدد أكبر من الناس، بعد أن حذر من أن البلاد قد تشهد آلافاً أخرى من الوفيات بفعل سرعة انتشار المتحور سريع العدوى، كما نقلت وكالة «رويترز». إلا إنه بعدما تجاوزت نسبة من حصلوا على الجرعة الأولى من البالغين 86 في المائة وتطعيم نحو ثلثي البالغين بالجرعتين، حدد جونسون يوم 19 يوليو الحالي موعداً لإنهاء العمل بالقيود.
وقالت آن كوري، خبيرة علم الأوبئة في «إمبريال كوليدج»، والتي كانت وراء أحد النماذج التي استفاد منها جونسون في قراره الأولي إرجاء «يوم الحرية»، إن من السابق لأوانه إعلان أن بمقدور البلاد التعايش مع ازدياد الحالات. وقالت لـ«رويترز» إن تأجيل رفع القيود مرة أخرى ستكون له فائدته. وأضافت: «أعتقد أن التأجيل كسب للوقت، ولدينا خطوات على الطريق قد تفيد في تقليل انتشار العدوى»، مشيرة إلى الجرعات التنشيطية واحتمال تطعيم الأطفال.
وكتب أكثر من 100 عالم رسالة إلى دورية «لانسيت» الطبية وصفوا فيها خطط جونسون لرفع القيود كلها بأنها «خطيرة وسابقة لأوانها»، وقالوا إن الاستراتيجية القائمة على التعايش مع مستويات عالية من العدوى «غير أخلاقية ومنافية للعقل».
لكن حكومة جونسون تقول إن عليها أن تنظر إلى ما هو أبعد من مجرد المنظور الوبائي. وأشار وزير الصحة الجديد، ساجد جاويد، إلى مشكلات أخرى صحية وتعليمية واقتصادية تراكمت خلال الوباء بوصفها الحافز وراء ضرورة العودة للحياة العادية، حتى إذا بلغت الإصابات 100 ألف حالة يومياً.
وبدأ نقاش حاد بين من يعتقدون أن العطلة الدراسية الصيفية تمثل أفضل أمل لرفع القيود هذا العام، وآخرين يرون أن جونسون يرتكب خطأً آخر بعدما اتهموه بالتسبب في أحد أعلى معدلات الوفيات في العالم بانتظاره فترة طويلة قبل إصدار أوامر الإغلاق السابقة.
وفي حالة المتحور «دلتا» شديد العدوى، يبدو أن اللقاحات نجحت في تقليل الوفيات والإصابات الشديدة، دون أن تنجح في وقف انتشار العدوى. ونتيجة لذلك، شهدت بريطانيا زيادة حادة في الإصابات هذا الصيف، لم تقابلها زيادة بالسرعة ذاتها في الوفيات.
ومع ذلك، ثمة علامات تحذيرية. فبريطانيا تشهد حالياً دخول نحو 350 حالة المستشفيات يومياً. ورغم أن هذا عدد قليل لا يقارن بالمعدل الذي شهدته في الموجات السابقة، فإنه يمثل زيادة بنحو 45 في المائة خلال الأيام السبعة الماضية.
وفي إسرائيل، التي تعدّ من أسرع دول العالم في استخدام اللقاحات وأول دولة تخفف القيود، ارتفعت الإصابات مؤخراً؛ الأمر الذي دفع بالحكومة للتفكير في إعادة فرض بعض القيود رغم انخفاض معدلات الإصابات الشديدة والوفيات. وقال تيم سبكتور، خبير علم الأوبئة في «كينغز كوليدج - لندن»، الذي يدير المشروع البحثي «تطبيق زوي لدراسة أعراض (كوفيد)»، إنه يرحب بقرار الحكومة الاعتراف بأن على الناس أن تتعلم كيف تتعايش مع الفيروس.
لكنه شكك في خطوات مثل «إنهاء فرض استخدام الكمامات الذي لا يكلف الاقتصاد شيئاً، لكنه يسهم في حماية الناس من آثار (كوفيد) بعيدة المدى». ومن المقرر أن تطرح الحكومة البريطانية نماذج محدثة من جامعات عدة يوم 12 يوليو الحالي، وهو الموعد المتوقع أن يعلن فيه جونسون قراره النهائي بشأن رفع العقوبات بعد ذلك بأسبوع.
وأظهرت دراسة كبيرة عن انتشار وباء «كوفيد19»، صدرت أمس، أن الإصابات في إنجلترا زادت إلى 4 أمثالها في شهر واحد منذ أوائل يونيو (حزيران) الماضي. وأظهرت الدراسة، وهي من كبرى الدراسات التي أجريت في بريطانيا إذ شملت فحوص 47 ألف شخص في الفترة من 24 يونيو إلى 5 يوليو، أن نسبة الانتشار على مستوى البلاد بلغت 0.59 في المائة؛ أي واحداً من كل 170 شخصاً، بالمقارنة مع 0.15 في المائة في الفترة من أواخر مايو (أيار) إلى أوائل يونيو الماضيين.
وقال ستيفن رايلي، أستاذ الأمراض المُعدية في «إمبريال كوليدج - لندن» للصحافيين: «من الصعب جداً الدفاع عن فكرة فتح الاقتصاد في وقت مبكر استناداً إلى نوع البيانات التي نحصل عليها». وأضاف أن الحكومة اضطرت إلى أن تأخذ في حسبانها عوامل أخرى غير متعلقة بالوباء عند اتخاذ القرار.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.