أظهر تصميم بسيط، عبارة عن نقش محفور على عظمة غزال، يأخذ شكل خطوط متعرجة تعرف باسم «نمط شيفرون»، أن الإنسان البدائي «إنسان نياندرتال» كان له تقاليده الفنية الخاصة قبل وصول الإنسان الحديث إلى المشهد.
والنقش الذي اكتشف في كهف ألماني، حيث عاش إنسان نياندرتال منذ عشرات الآلاف من السنين، ليس له فائدة واضحة سوى أنه يلقي ضوءًا جديدًا على قدرة الإنسان البدائي على الإبداع.
وتُنسب الغالبية العظمى من الأعمال الفنية التي تعود إلى العصر الحجري المكتشفة في أوروبا إلى الإنسان العاقل، ولكن باستخدام التأريخ بالكربون المشع، قرر علماء الآثار الألمان، أن القطعة الأثرية التي تم اكتشافها مؤخرًا لا تقل عن 51000 عام، أي قبل وصول الإنسان العاقل إلى وسط أوروبا بنحو 10000 عام، وفقا للبحث المنشور في العدد الأخير من دورية «نيتشر إيكولوجي آند إيفلويشين».
وتم العثور على الحفرية المنحوتة في موقع أثري معروف يسمى أينهورنهول - أو «كهف يونيكورن»، ويشير النحت إلى أن إنسان نياندرتال كان من الممكن أن يكون قد أثر على الإنسان العاقل بدلاً من العكس.
ويبلغ حجم العظم المستخدم في النحت، والمأخوذ من قدم غزال عملاق منقرض، (حوالي 5.5 سم طول وعرض 4 سم وسمك 3 سم )، ويأخذ النحت شكل ستة خطوط متقاطعة قطرية منحوتة عمداً، وتعرف باسم «تصميم شيفرون».
وتشير الدراسة إلى أن سلسلة من التجارب التي حاولت إعادة تكوين هذا النحت باستخدام عظام البقر، تُظهر أنه ربما تعرضت العظام للغليان في الماء مرة أو مرتين قبل نحتها بالصوان، ويهدم ذلك أي تصور عن أن مصادفة تكون قد أوجدت هذا النحت.
ويقول ديرك ليدر، الباحث بمكتب الآثار في ولاية ساكسونيا السفلى، وأحد المؤلفين المشاركين بالدراسة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «كان على إنسان نياندرتال أن يصطاد الغزلان العملاقة أولاً، ثم يتم طهي العظام قبل أن يتم نقشها».
ويوضح أن «العظم الطازج كان يتم نقشه باستخدام الأدوات الحجرية عبر خطوتين، الأولى يتم خلالها قطع العظم بأداة حجرية ذات سطح رأسي للشق، ثم تم إنشاء المستوى الأفقي عن طريق الكشط، وقدرنا أن عملية النحت بأكملها ستستغرق حوالي 90 دقيقة، وهذه العملية المعقدة للإنتاج، والتي تؤدي إلى إنشاء الخطوط وترتيبها المنتظم، وندرة الغزلان العملاقة شمال جبال الألب، تدعم فكرة الفعل المتعمد والمعنى الرمزي لهذا النحت».
ويضيف أنه «بشكل عام، تعتبر العظام مادة جيدة للعمل بها، فهي ناعمة بما يكفي لتقويسها ونحتها ونقشها (عند طهيها) ، كما أنها صلبة بدرجة كافية للبقاء على قيد الحياة لفترة طويلة، وهذا ينطبق على جميع عظام الثدييات».
وسبق أن ظهرت اكتشافات من الفترة المنسوبة نفسها إلى إنسان نياندرتال تشمل قطع الصوان وصخورا وأسنانا تم تمييزها عن قصد بعلامات الخطوط المتقاطعة أو المتعرجة، ومع ذلك، فإن عظمة الغزال المكتشفة تبرز على أنها واحدة من أكثر أشكال التعبير الثقافي تعقيدًا في إنسان نياندرتال المعروفة حتى الآن، كما يؤكد ليدر.
ويقول إنه «على عكس فن الإنسان العاقل، فإن الأشياء المميزة المختلفة المنسوبة إلى إنسان نياندرتال لا يمكن مقارنتها حقًا مع بعضها البعض، ربما لأن سكانهم يعيشون في مجموعات أصغر وأكثر انتشاراً، ويبدو أن ذلك يدعم فكرة التواصل بين السكان بهذه الأشياء، ويعني أن هذه الرموز لم تنتقل إلى الجيل القادم أو اختفت للتو».
نحت على عظام غزال يُنصف الإنسان البدائي
نحت على عظام غزال يُنصف الإنسان البدائي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة