بعد أحدث تقدم لهم على مستوى أفغانستان، في الوقت الذي تسحب فيه واشنطن ما تبقى من جنودها، أعلن وزير الدفاع الأفغاني باسم الله محمدي، الأربعاء، أن «الحرب تحتدم» مع «طالبان» بعدما شنّ المتمردون أول هجوم كبير لهم على عاصمة إحدى الولايات. وقال محمدي، بعد ساعات على هجوم «طالبان» على مدينة قلعة نو، عاصمة ولاية بادغيس: «نقرّ بأن الحرب تحتدم، ونحن في وضع عسكري حساس جداً»، مضيفاً في بيان: «أريد أن أطمئن الجميع بأن قواتنا الوطنية، بدعم من قوات مقاومة محلية، ستستخدم جميع قوتها ومواردها للدفاع عن وطننا وشعبنا». وقال مسؤولون إقليميون في شمال أفغانستان، أمس (الأربعاء)، إنهم استعادوا السيطرة على مبانٍ حكومية في العاصمة الإقليمية، بعد أن اقتحمها الليلة الماضية مقاتلو «طالبان» الذين سيطروا على مقرّ الشرطة. وذكر المسؤولون أن ضربات جوية تُنفذ، وأرسلت قوات خاصة للتصدي لمقاتلي «طالبان». وحققت «طالبان» مكاسب كبيرة، خاصة في الأقاليم الشمالية التي ظلت عاجزة عن الوصول إليها لفترة طويلة. وقال حسام الدين شمس، حاكم إقليم بادغيس لـ«رويترز»، إن «طالبان» هاجمت مدينة قلعة نو من 3 اتجاهات في الصباح، وإن قوات الأمن الأفغانية تتصدى لها. وأضاف: «دخلوا بعض مناطق المدينة، لكن في وقت لاحق واجه العدو مقاومة قوية».
وقال مسؤول في وزارة الدفاع، اشترط عدم نشر اسمه، إن المتشددين سيطروا على المكتب الإقليمي لمديرية الأمن الوطنية ومقر الشرطة، وكانوا يحاولون السيطرة على مكتب الحاكم، قبل أن تجبرهم القوات الخاصة على التراجع. وقال المسؤول: «كانوا داخل المدينة، وبعد فترة قصيرة سقطت المدينة». وذكر فؤاد أمان نائب المتحدث باسم وزارة الدفاع أن القوات الحكومية تمكنت من استعادة السيطرة على مقر الشرطة ومكتب مديرية الأمن الوطنية، ومن المتوقع أن تخلي المدينة من مقاتلي «طالبان» في الساعات القليلة المقبلة.
وقال مصدر أمني من طاجيكستان لـ«رويترز» إن نحو 300 جندي أفغاني كانوا قد عبروا الحدود إلى طاجيكستان أثناء تراجعهم أمام تقدم مقاتلي «طالبان» نُقلوا جواً إلى بلادهم في الساعات الأولى من صباح اليوم (الأربعاء). وقال مصدر أمني من طاجيكستان إن حكومة كابل أرسلت عدة طائرات إلى مطار كولوب، وإنها أقلعت الليلة الماضية وعلى متنها نحو 280 جندياً. وأبدت طاجيكستان قلقها بشأن عبور الحدود، وقالت إنها ستحشد 20 ألفاً من قواتها لتعزيز حماية الحدود مع جارتها الجنوبية. وحصلت كذلك على تطمينات من روسيا التي تستضيف طاجيكستان أكبر قاعدة عسكرية لها بالخارج. وأبلغت إيران ممثلين عن «حركة طالبان» والحكومة الأفغانية، أمس (الأربعاء)، بأنها على استعداد للمساعدة في حل الأزمة بأفغانستان، وحثّت الشعب والسياسيين على اتخاذ «قرارات صعبة» حول مستقبل البلاد.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي تستضيف بلاده اجتماعاً بين ممثلي الحكومة الأفغانية ولجنة سياسية رفيعة المستوى من «طالبان»: «الالتزام بالحلول السياسية هو الخيار الأفضل».ولم ينفِ المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي أن القوات الأميركية لم تبلغ القوات الأفغانية بالساعة المحددة لمغادرتها قاعدة باغرام، يوم الجمعة الماضي. لكنه أكد أنه تم إبلاغهم بالموعد التقريبي، وأن ضباط ارتباط أفغاناً قاموا بزيارة القاعدة قبل يومين من تسلمها، واطّلعوا على وتيرة إخلاء القاعدة، «تماماً كما حصل خلال تسليم 6 قواعد أخرى». توضيحات كيربي جاءت في أعقاب سيل من أسئلة الصحافيين عن امتعاض المسؤولين الأفغان، بمن فيهم القائد الأفغاني الجديد للقاعدة، من عدم إبلاغهم بالموعد مسبقاً. وبرّر كيربي ذلك بالقول إنه لم يتم الكشف عن الساعة المحددة للانسحاب لأسباب أمنية عملانية، مضيفاً: «بشكل عام، لقد اعتبرنا أنه من الأفضل إبقاء هذا التفصيل ضمن دائرة ضيقة قدر الإمكان». وهو ما عرّضه لأسئلة أخرى عمّ إذا كانت القوات الأميركية لا تثق بالقوات الأفغانية. وردّ كيربي بالقول: «لا يمكنني أن أعلق على كيفية تفسير الأفغان لهذا القرار، هذا الأمر لا علاقة له بما إذا كنا نثق بشركائنا الأفغان أم لا، لكنه يعني بالنسبة لنا أننا مضطرون لأن نأخذ في الحسبان أن (حركة طالبان) يمكن أن تستغل وتتحدى هذا الانسحاب». وجدّد كيربي التأكيد على ضرورة أن يستمر انسحاب القوات الأميركية بطريقة آمنة ومنظمة، مشدداً على الخطر الذي لا تزال تمثله «طالبان» على القوات الأميركية. وفيما رفض التعليق على إعلان القيادة الأميركية الوسطى أن القوات الأميركية أنجزت نحو 90 في المائة من عملية الانسحاب من هذا البلد، أشار إلى أن القوات الأميركية قامت بسحب معظم المعدات العسكرية الكبيرة والمهمة، وأنها قامت بتسليم آليات ومركبات ومعدات أخرى لا تشكل خطراً أمنياً في حال سقطت في أيدي الأعداء.
ووجّه كيربي اللوم للقوات الأفغانية بأنها لم تقم بتأمين القاعدة فوراً لمنع بعض اللصوص من دخولها، ما أثار حالة من الهرج قبل أن تتمكن القوات الأفغانية من السيطرة على الوضع لاحقاً. وعكست تعليقات المتحدث باسم البنتاغون الشكوك التي تحيط بعملية الانسحاب الأميركي وتأثيراتها على مستقبل أفغانستان، في الوقت الذي تواصل فيه «طالبان» سيطرتها على مزيد من الأقاليم والمدن الأفغانية. ومع تعثر المفاوضات ومراوحتها بين الحكومة الأفغانية و«حركة طالبان»، استولى متمردوها في الأسابيع الأخيرة على ما يقرب من ثلث المناطق الريفية، وحاصروا عدة عواصم إقليمية، مستغلين وتيرة الانسحاب الأميركي السريعة التي شارفت على الانتهاء، على الرغم من تأكيدات المتحدث باسم البنتاغون أن الانسحاب سيكتمل في نهاية شهر أغسطس (آب) المقبل.
وأدى قرار الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل (نيسان) الماضي بتنفيذ الانسحاب العسكري الأميركي، دون أي شروط مسبقة بشأن التقدم في عملية السلام، إلى نزع واحدة من أكبر أوراق الضغط لإقناع «طالبان» بتقديم تنازلات. ومع تسارع عملية الانسحاب، لا يزال هناك عدة مئات فقط من القوات الأميركية في أفغانستان، يتمركز معظمهم داخل السفارة الأميركية وحولها في العاصمة كابل، بعد إغلاق قاعدة باغرام الجوية، التي كانت محور الوجود العسكري الأميركي خلال 20 عاماً في هذا البلد.
«طالبان» تشن هجوماً على عاصمة إقليم في شمال أفغانستان
«طالبان» تشن هجوماً على عاصمة إقليم في شمال أفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة