«صورة مع أنور وجدي»... توثيق أدبي لسينمائي استثنائي

كتاب يقدم سيرة الفنان المصري الراحل في قالب جديد

أنور وجدي يقرأ كف ليلى فوزي
أنور وجدي يقرأ كف ليلى فوزي
TT

«صورة مع أنور وجدي»... توثيق أدبي لسينمائي استثنائي

أنور وجدي يقرأ كف ليلى فوزي
أنور وجدي يقرأ كف ليلى فوزي

عن رحلة الممثل المصري الراحل أنور وجدي الفنية ومعاناته في بداية مشواره مع السينما، مروراً بقصتي زواجه من الفنانتين ليلى مراد وليلى فوزي، وصراعاته التي خاضها في سبيل الصعود إلى قمة نجوميته، ثم تفاصيل إصابته بفشل كلوي، وآلامه التي تعرض لها حتى وفاته، يدور كتاب «صورة مع أنور وجدي» الذي يمزج فيه مؤلفه الدكتور أحمد عبد المنعم رمضان، بين التوثيق والسرد القصصي، وأصدره في القاهرة عن دار «آفاق للنشر والتوزيع» المصرية، الذي اعتمد في تأليفه على شكل الفيلم السينمائي، وقسمه إلى عدد من المشاهد يحكي خلالها تفاصيل حياة أنور وجدي ويرسم الشخصيات الثانوية والرئيسية التي مرت بمسيرته الحافلة.
وأرجع رمضان سبب تحمسه لتأليف الكتاب إلى «حبه الشديد لأنور وجدي»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «أدهشتني قدرته كصانع سينما استثنائي، كان يؤلف وينتج ويخرج ويمثل ويصمم الدعاية، ويكتشف الوجوه الجديدة، يفعل كل هذا بكفاءة جعلت من أفلامه قطعاً خالدة، وقد أثارتني الحياة الصاخبة التي عاشها بروح مغامرة، كانت مليئة بالحوادث المثيرة والدراما ونجوم السينما والمسرح والغناء والصحافة والسياسة أيضاً».
ويقول المؤلف إن أنور وجدي عاش زمناً انهار فجأة، وتشكل واقع مختلف بنجوم جدد، وساسة وحكام شباب متحمسين، ومع ذلك لا يوجد تسجيل مفصل لحياته، بتفاصيلها المدهشة التي أسرته فانجذب إليها، وحولها لكتاب قسمه إلى ثلاثة عشر مشهداً مستعيراً طريقة إخراج الأفلام. وتابع: «فكرت في مرحلة ما أن أحول الأمر كله إلى رواية، كل العناصر متوفرة... شخصيات وأماكن وأحداث عدة ومتداخلة، إلا أنني فضلت هذا الشكل، وكان صورة لعصر كامل، حيث تختفي نجوم، وتتلألأ أخرى في كل موقع، بينما يقف أنور وجدي في قلب الصورة، يداهمه المرض، لكنه لا يستسلم، ويقاوم اضطراب حياته الشخصية، وخسارته لنجمته المفضلة، وحركة الزمن، ويحجز مكانه في عصر شديد الاختلاف صار فيه هو وأفلامه وبطلاته وغرامياته وزيجاته ومرضه يتصدرون الصحف والمجلات والشاشات».
ولفت المؤلف إلى أن كتابه الوثائقي اعتمد على حكايات وأحاديث عن ليلى مراد، ومحمد كريم، ولبلبة، وفيروز، وليلى فوزي، وسهير البابلي، وكمال الشناوي، وعبد الوارث عسر، وألفريد فرج، وسعاد مكاوي، ومحمد عوض بواب بناية الإيموبيليا التي كان يسكنها أنور وجدي في وسط القاهرة، فضلاً عما روته نادية راشد، وسميرة أحمد، وبعض المؤرخين عن السينما في مصر، وما شاهده من تترات الأفلام التي أنتجها أنور وجدي وقام ببطولتها.
وتضمن الكتاب العديد من الصور الفوتوغرافية التي ترصد لحظات عايشها أنور وجدي في الاستديوهات وهو يمثل ويخرج ويتابع التصوير مع مساعديه، وقد وضع في مقدمة الكتاب، رسالة وثائقية وجهها أنور وجدي إلى التاريخ، نشرتها مجلة «الصباح» في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1951، كتب فيها عما يود أن يذكره التاريخ عنه.
ويحكي المؤلف في كتابه حكاية أنور وجدي مع زوجته ليلى مراد، وقصة زواجه بها، ثم إسلامها وطلاقه منها، وحياته العاطفية التي لم تكن على ما يرام، خصوصاً بعد طرده من بيت أبيه في حي الضاهر، (وسط القاهرة)، حيث كان يريد والده أن يتلقى أنور تعليماً راقياً، أما أنور فكان مغرماً بالتمثيل ومغازلة اليهوديات، فلم تكن ليلى مراد التي أعلنت إسلامها بعد زواجها منه أول يهودية في حياته، ولم تكن محاولته لاجتذاب كاميليا المنسوبة لأصول يهودية هي محاولته الوحيدة، فأولى مغامراته العاطفية كانت في الرابعة عشرة من عمره، وانتهت بعدما انهال والد الفتاة وأخواها عليه بالضرب.
وأضاف الكاتب، بعدها بعدة أعوام، جمعته علاقة بيهودية أخرى، كانت تعمل بشباك تذاكر إحدى دور السينما، استوقفته ذات يوم، وطلبت أن يصطحبها إلى عملها كحماية لها في مقابل تذكرة مجانية، لكن العلاقة تطورت إلى حب، وكانت الفتاة ورحلته اليومية إلى السينما أساس تعلقه بعالم الشاشة المبهر، وقد ظل ولع أنور باليهوديات، فارتبط بماريا بعد فشل زيجته الأولى من المصرية إلهام حسين، ثم تزوج من ليلى مراد، وغازل ليلان كوهين الشهيرة بكاميليا، ثم تحول اهتمامه إلى التركيات، وأحب الممثلة ليلى فوزي، وطلبها للزواج، إلا أن والدها رفضه، وقام بتزويجها من الفنان عزيز عثمان، لكن يبدو أن أنور وجدي كان مصراً على الزواج منها حيث انتهز فرصة انفصالها عام 1954، وطلب منها أن تسافر معه، إلى فيينا، ثم إلى فرنسا، وهناك قاما بعقد قرانهما في السفارة المصرية، وعندما عادا إلى مصر اتفق معها على إنتاج فيلم لها يكون آخر أعمالها، وفي منتصف عام 1955 سافر للسويد لزراعة كلى جديدة، إلا أن العملية فشلت وتوفي على أثرها.


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».