توافق بين هيئة التنسيق والائتلاف بشأن مصير الأسد

خلف داهود: القرار النهائي يحدده المكتب التنفيذي

توافق بين هيئة التنسيق والائتلاف بشأن مصير الأسد
TT

توافق بين هيئة التنسيق والائتلاف بشأن مصير الأسد

توافق بين هيئة التنسيق والائتلاف بشأن مصير الأسد

يؤكّد كل من ممثلي الائتلاف الوطني لقوى الثورة وهيئة التنسيق الوطنية أنّ خارطة الطريق التوافقية التي كان قد بدأها الطرفان لتوحيد صفوف المعارضة تسير بالاتجاه الصحيح، وقد يكون ما أعلنه أخيرا رئيس الائتلاف خالد خوجة حول عدم اشتراط رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لبدء المفاوضات مع النظام يصب نحو هذا الهدف؛ إذ في حين يؤكّد الائتلاف أن تصريح خوجة الأخير ليس إلا تأكيدا على موقفه السابق ترى فيه هيئة التنسيق تقاربا مع موقفها الذي تعتبر فيه أنّ المفاوضات هي التي من شأنها تحديد مصير الأسد. في المقابل ترى مصادر في المعارضة أنّه لم يعد هناك خلاف جذري بين طرفي المعارضة الأساسيين، مشيرة في الوقت عينه إلى أن الانطباع العام اليوم هو رفض المجتمع الدولي أن يكون الأسد جزءا من المرحلة الانتقالية بعد المفاوضات.
وفيما لا يزال يعمل كل من الطرفين على دراسة مسودة وثيقة المبادئ الأساسية للتسوية السياسية في سوريا، يشير نائب رئيس الائتلاف وعضو لجنة الحوار مع الهيئة هشام مروة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ الائتلاف بانتظار جواب الهيئة حول الوثيقة، ولا سيما البند المتعلّق بهيئة الحكم الانتقالية، مؤكدا في الوقت عينه على إيجابية المباحثات بين الطرفين التي ستتسع دائرتها لتشمل أطرافا معارضة أخرى بهدف إقرار وثيقة مشتركة تشكّل خارطة طريق لأي حل سياسي مرتقب ولتكون ورقة قوّة نقدمها للمجتمع الدولي.
من جهته، يؤكّد خلف داهود، عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق وعضو لجنة الحوار مع الائتلاف، أنّ ما أنجز خلال لقاء وفدي الهيئة والائتلاف في لقائهما في باريس الأسبوع الماضي، لم ينجح الطرفان في إنجازه خلال السنوات الأربع الماضية. وأشار داهود، أحد أعضاء لجنة الحوار مع الائتلاف، لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ أهمية هذا اللقاء كانت الحرص على وحدة المعارضة والتوافق على ضرورة العمل للوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية، وأنّ أي حلّ سياسي يجب أن يكون مستندا على مقررات مؤتمر جنيف، مضيفا: «عازمون على بناء خطوات إيجابية جدا والمضي قدما لتوحيد المعارضة وجهودها لتقديم مسودة وثيقة شاملة للمجتمع الدولي».
ونفى الداهود المعلومات التي أشارت إلى انقسام أو خلافات في أوساط هيئة التنسيق، مشيرا إلى أنّه قد تكون هناك بعض الاختلافات في وجهات النظر لكن القرار الأخير في أي موضوع بشكل عام وبشأن الوثيقة بشكل خاص يخضع لقرار المكتب التنفيذي.
واعتبر أنّ لقاء باريس وما سبقه وما يليه من تواصل مستمر مع الائتلاف، يعتبر إنجازا كبيرا باتجاه وحدة برنامج المعارضة وكان كفيلا بكسر أسطورة عدم إمكانية الالتقاء ووحدة المعارضة التي راهن عليها النظام وحلفاؤه، إضافة إلى الاعتراف الدولي بهيئة التنسيق والترحيب باللقاء من قبل عدد من الدول ولا سيما أميركا وفرنسا.
وفيما أكّد الداهود أنّه لن تكون أي خلافات قد تعود بالوضع بين الهيئة والائتلاف إلى ما كانت عليه قبل الحوار الأخير، شدّد على أنّ ما أعلنه رئيس الائتلاف أخيرا بشأن عدم اشتراط رحيل الأسد لبدء التفاوض لا يختلف عن وجهة نظر الهيئة التي تعتبر أنّ هذا الأمر رهن نتائج المفاوضات بين المعارضة والنظام مع التمسك بمقررات مؤتمر جنيف والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن.
وكان قد صدر بيان مشترك من الهيئة والائتلاف أشارا فيه إلى أنّه استكمالا لحوار القاهرة بتاريخ 23 ديسمبر (كانون الأول) 2014، وفي ظل الحاجة الماسة لقوى المعارضة لتوحيد كلمتها وجهودها لمواجهة استمرار أعمال القتل والعنف والتدمير على كامل الساحة السورية، فإن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي يتابعان المرحلة الإيجابية والبناءة في العلاقة بينهما، ويؤكدان على ضرورة التواصل مع كل فصائل المعارضة الديمقراطية الأخرى.
واتفق الطرفان، في حوار جمع وفديهما في باريس في الفترة من 22 إلى 24 فبراير (شباط) 2015، على خارطة طريق للحل السياسي، تشمل مسودة وثيقة المبادئ الأساسية للتسوية السياسية في سوريا، انطلاقا من الوثائق السياسية لديهما، على أن تعرض على مرجعيتي الطرفين لغرض المناقشة والاعتماد، وتنص على أن مرجعية العملية السياسية هي: بيان مجموعة العمل من أجل سوريا في 30 يونيو (حزيران) 2012 المعروف بـ«بيان جنيف» بكل بنوده، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ولا سيما قرارات مجلس الأمن (2042، 2043، 2059 الصادرة في 2012، و2118).
وأكّد البيان أن الهدف الأساسي هو قيام نظام مدني ديمقراطي أساسه التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية، وضمان حقوق جميع السوريين وواجباتهم على أساس المواطنة المتساوية، كما أن التوافق الإقليمي والدولي ضرورة أساسية لنجاح العملية التفاوضية.
واتفق الطرفان على أن يستمرا في جهودهما لعقد حوارات مع قوى المعارضة السياسية والثورية لغرض التوصل إلى رؤية وخطة عمل مشتركة بين كل القوى حول التسوية السياسية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.