المعارضة التونسية تدعو الرئيس سعيّد إلى ترؤس مجلس الوزراء

الرئيس قيس سعيّد مدعو إلى ترؤس جلسة لمجلس الوزراء وسط خلاف مع رئيس الحكومة هشام المشيشي (رويترز)
الرئيس قيس سعيّد مدعو إلى ترؤس جلسة لمجلس الوزراء وسط خلاف مع رئيس الحكومة هشام المشيشي (رويترز)
TT

المعارضة التونسية تدعو الرئيس سعيّد إلى ترؤس مجلس الوزراء

الرئيس قيس سعيّد مدعو إلى ترؤس جلسة لمجلس الوزراء وسط خلاف مع رئيس الحكومة هشام المشيشي (رويترز)
الرئيس قيس سعيّد مدعو إلى ترؤس جلسة لمجلس الوزراء وسط خلاف مع رئيس الحكومة هشام المشيشي (رويترز)

دعت المعارضة التونسية الرئيس قيس سعيّد إلى الأخذ بزمام الأمور، وإضفاء مزيد من الجدية على القرارات الحكومية، خاصة ما تعلق منها بالملفات الصحية والاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يتناسق مع الدعوة الرئاسية إلى مراجعة النظام السياسي وتعديل القانون الانتخابي.
وأعلنت الأحزاب الممثلة لـ«الكتلة الديمقراطية» في البرلمان (مكونة من حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب، وتضم 38 نائباً) عن دعمها للتوجهات الرئاسية في الخلاف المعلن بين رأسي السلطة التنفيذية، ممثلة في رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة هشام المشيشي المدعوم من قبل رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
وعادة ما يشرف رئيس الحكومة على اجتماع مجلس الوزراء الذي يصادق على القوانين والأوامر الحكومية قبل عرضها على البرلمان، غير أن الفصل (93) من الدستور التونسي أتاح لرئيس الجمهورية إمكانية ترؤس المجالس الوزارية. ولم يمارس قيس سعيّد هذه الإمكانية منذ توليه الرئاسة يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وفي هذا الشأن، دعا غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي، رئيس الجمهورية إلى ترؤس جلسة لمجلس الوزراء تُخصص لدرس الوضع الوبائي في تونس، مع مشاركة اللجنة العلمية لمجابهة وباء «كورونا»، حتى تكون القرارات الحكومية المنبثقة عن المجلس «ذات جدوى»، على حد تعبيره.
وأيد الشواشي التقييم الذي قدمه قيس سعيّد حول الوضع الوبائي الخطير، حيث عد أن الإجراءات المتخذة لاحتواء الوباء ومنع انتشار الفيروس «لم تكن مجدية، وغلب السياسي فيها على الجانب العلمي». وكان رئيس الجمهورية قد ناقش، خلال اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية تونسية، مجموعة من المقترحات، من بينها تقسيم أو ترتيب المناطق الموبوءة ترتيباً تنازلياً، والتركيز على المناطق الأكثر تضرراً، لوضع حد لنسق تفشي العدوى، وذلك وفق المقترحات التي يتقدم بها المختصون.
ووجّه سعيّد انتقاداته إلى خصومه السياسيين (الحكومة والبرلمان)، قائلاً إن «المسؤولية الوطنية لا تقوم على الحسابات السياسية أو التنافس أو المبارزة، بل ترتكز على توحيد الجهود والإجراءات التي يتعين اتخاذها في الفترة المقبلة».
وحتى يبعد عن الأذهان شبح المنافسة السياسية، شدد رئيس الجمهورية على أن الاجتماع الطارئ الذي عقده لا ينافس أي جهة أخرى، بل اقتضته المسؤولية الوطنية التي يجب أن «تعلو على الاعتبارات السياسية أو الحزبية الضيقة كافة»، مؤكداً أن البلاد في حالة حرب، وهو ما يستدعي تضافر كل الجهود، وتشريك أصحاب النوايا الصادقة في حل الأزمات.
وعلى صعيد آخر، قال عبد الكريم، النائب البرلماني عن كتلة الحزب الدستوري الحر المعارضة، إن الفرقة المركزية للحرس الوطني بمنطقة العوينة (بالعاصمة التونسية) قد وجهت استدعاءات إلى عبير موسي رئيسة الحزب، وعدد من أعضاء كتلة الدستوري الحر، للاستماع إلى أقوالهم بشأن الشكوى القضائية التي قدمها ضدهم راشد الغنوشي رئيس البرلمان رئيس حركة النهضة، على خلفية اتهامهم بتعطيل أعمال الجلسة العامة البرلمانية. وأكد كريفة أن نواب كتلة الدستوري الحر، بما في ذلك رئيسة الحزب عبير موسي، لن يمثلوا أمام فرقة الحرس الوطني بالعوينة لاعتبارات قانونية عدة، من بينها أن اثنين من الأعضاء من سلك المحاماة، وهو ما يتطلب إجراءات بالتنسيق مع نقابة المحامين.
ومن جهة أخرى، دخل موظفو البنوك والمؤسسات المالية التونسية، أمس، في إضراب عن العمل لمدة يومين، وذلك بعد فشل المفاوضات بشأن زيادات في الأجور، وفق ما أعلنت عنه الجامعة العامة للبنوك والمؤسسات المالية (تنظيم نقابي).
ويطالب موظفو البنوك وشركات التأمين بزيادة في الأجور نسبتها 8 في المائة من الراتب الشهري، وذلك منذ الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو ما تتمخض عنه زيادة تتراوح بين 230 ديناراً تونسياً (84 دولاراً) و337 ديناراً (123 دولاراً)، لكن هذا الاقتراح جوبه بالرفض، وهو ما أدى إلى إعلان إضراب عن العمل لمدة يومين.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.