«كان» يعود بعد غياب... واعداً بحذر

المهرجان يُفتتح اليوم بأسئلة كبيرة وعروض كثيرة

فيلم «جزيرة بيرغمان» (الفرنسي)
فيلم «جزيرة بيرغمان» (الفرنسي)
TT

«كان» يعود بعد غياب... واعداً بحذر

فيلم «جزيرة بيرغمان» (الفرنسي)
فيلم «جزيرة بيرغمان» (الفرنسي)

تبدأ اليوم (الثلاثاء) أعمال ونشاطات مهرجان «كان» السينمائي في دورته الرابعة والسبعين. تخلف هذه الدورة الواقعية، دورة حُذفت بسبب تفشي الوباء في ربيع وصيف العام الماضي. كانت الدورة الغائبة (73) قد أُرجئت من الشهر الخامس إلى منتصف الصيف، من ثمّ أُلغيت تماماً. واكتفى المهرجان حينها بتوزيع عدد من أفلامه على مهرجانات متعاونة مثل مرسيليا وسان سابستيان وتورونتو.
الدورة الجديدة صفحة جديدة أو هكذا يؤمل لها. تُقام بدورها في خارج وقتها التقليدي في شهر مايو (أيار) للسبب ذاته الذي كان أدّى لإلغائها السنة الماضية. لكنها دورة حافلة بلا ريب.
هذا لا يعني أنّ هاجس «كوفيد - 19» بعيد عن البال. وللتأكد من عروض «صحية» أقدمت إدارة المهرجان على فرض قرارات عدّة بخصوص السلامة المتوخّاة، من بينها توزيع المقاعد وأهمّها أنّ من تلقى اللقاح مسبقاً، يستطيع الدخول بإبراز بطاقته، أما من لم يتلقاه فعليه زيارة العيادة القريبة لإجراء اختبار PCR كل 48 ساعة أو كل 72 ساعة.
بحسبة بسيطة سيؤم الموجودين الذين رفضوا أخذ اللقاح، العيادة من 4 إلى ست مرات خلال فترة المهرجان الممتدة من 6 وحتى 17 من الشهر الحالي. حين صدرت هذه القرارات المفيدة، لم تكن أحدث نسخة من «فيلم» كورونا باتت واقعاً. النسخة المقصودة هي المتحوّر دلتا، الذي صرّح وزير الصحة الفرنسي قبل أيام قليلة بأنّ نحو 30 في المائة من الإصابات الجديدة، هي من نوع دلتا وأنّ التلقيح قد لا يمنع الإصابة به.
24 فيلماً في المسابقة كثير منها لمخرجين جدد ولو أنَ معظمهم حقق أفلاماً عديدة من قبل، دارت على شاشات مهرجانات عدّة من دون أن تمنح مخرجيها الشهرة التي منحتها للبعض الآخر. من هذا البعض الآخر، الإيطالي ناني موريتي الذي حقق فيلمه الجديد «ثلاث حكايات»، قبل أكثر من عام، وكان من المنتظر عرضه في «كان» المُلغى، لكنه آثر انتظار «كان» الجديد عوض أن يعرضه في مهرجانات أخرى.
وس أندرسن هو اسم معروف آخر، يخص الدورة الحالية بفيلم «المرسال الفرنسي» The French Dispatch. التشادي محمد - صالح هارون عنوانه «لينغويني» Linguini (ذلك النوع من الباستا الذي يأتي على شكل قطع صغيرة). ومن المعروفين أيضاً الفرنسي فرنسوا أوزون، الذي لا يتوقف عن العمل، ولديه هنا «كل شيء سار على نحو جيد» (Everything Went fine). الفرنسي الآخر ليوس كاراكس يوفر فيلم الافتتاح «أنيت» (Annette).
هناك فرنسيان آخران معروفاً جيداً في المحافل وسبق لهما أن أمّا المهرجان أكثر من مرّة هما، جاك أوديار وبرونو دومو. يعرض الأول «باريس المقاطعة 13» والثاني فيلم عنوانه «في صباح يوم نصف واضح». هذا هو العنوان الإنجليزي للفيلم أما للتسمية الفرنسية فقد اختار دومو «فرنسا».
الإيراني أصغر فارهادي يعود إلى «كان» بفيلم «بطل» (A Hero)، وكذلك يفعل كل من الأميركي شون بن، موفّراً «يوم العَلَم» (Flag Day)، والهولندي بول ڤرهوڤن الذي يعرض «بنيديتا» (Benedetta) مع الجديدة فرجيني إيفيرا في العنوان.

- معروفون وشبه معروفين
لافت دخول الفيلم المغربي «إيقاعات كازابلانكا» (Casablanca Beats) المسابقة، لنبيل عيّوش. سنجد أفلاماً عربية أخرى في تظاهرات مصاحبة (بينها «نظرة ما»)، نحيط بها على نحو أفضل في تقارير مقبلة. كذلك هناك اشتراكات إسرائيلية عدّة موزّعة في هذه الأقسام وأحدها في المسابقة الرسمية.
إنه فيلم «نافاد لا بد»، الذي نال قبل عامين ذهبية برلين عن فيلمه «مترادفات» Synonyms يعرض في مسابقة «كان» كذلك فيلمه الجديد «رُكبة أحد» (Ahed’s Knee) المنتظر له أن يُثير جدالاً فنياً - سياسياً جديداً لتطرّقه، كما في فيلمه السابق، لقضايا المؤسسة الإسرائيلية بالنقد.
تنضم الفرنسية ميا هانسن - لڤ إلى مهرجان «كان» مجدداً، بعدما كانت قد عرضت سنة 2016. فيلمها «أشياء ستقع» (Things to Come) في مسابقة «نظرة ما» الموازية. يفصح عنوان فيلمها الجديد، «جزيرة برغمن» عن موضوعه. ليس تسجيلياً، كما ردّد البعض، على أساس أنّ أحداثه تقع في جزيرة فارو التي لجأ إليها المخرج السويدي الأشهر، بل دراما تتعامل وأميركيين (تيم روث وميا وازكوڤسكا) لجأ إلى منزل هناك، ليكتب كل منهما سيناريو مشروعه المقبل.
من المنضمّين مجدداً إلى «كان» الياباني ريوزوكي هاماغوتشي. كان عرض في المسابقة قبل ثلاثة أعوام «أساكو واحد واثنان» (Asako I & II)، ويعود إلى العرين الفرنسي بفيلمه الجديد «قُد سيّارتي» (Drive My Car).
الفنلندي يوهو كواسمنن كان بدوره أمّ مهرجان «كان» مرّتين من قبل (2010 بفيلم «بائعو الرسومات» و2016 بفيلم «أسعد يوم في حياة أولي ماكي») وهو يعود الآن بفيلمه الجديد «المقصورة 6» (Compartent N. 6).

- الباقون
باقي أفلام المسابقة تتوزع ما بين الفيلم المجري «قصة زوجتي» لإلديكو إنييدي التي رُشخ فيلمها الجيد السابق «عن الجسد والروح» (On Body and Soul)، إلى أوسكار أفضل فيلم أجنبي سنة 2018، بعدما كان فاز بذهبية برلين سنة 2017).
من الولايات المتحدة، وبالإضافة إلى فيلم «يوم العَلَم» لشون بن هناك «رد روكيت» (Red Rocket) لشون بايكر.
من بلجيكا حضور للمخرج يواكيم لافوسي في دراما بعنوان «غير المستقرين» والنرويجي يواكيم ترايير «أسوأ شخص في العالم». الفرنسية جوليا دوكورنو تعرض «تيتان». الروسي كيريل سيربرنيكوڤ كان عرض مرتين سابقتين في «كان» الأولى سنة 2016 حين قدّم «الطالب» في «نظرة ما» والثانية بعد عامين عندما دخل المسابقة عن فيلمه «ليتو». هذا العام يعود بفيلم «إنفلونزا بتروڤ».
من أستراليا نجد «نيترام» لجوستين كورزَل الذي عرض قبل ثلاثة أعوام نسخته الخاصّة من فيلم «ماكبث» مع مايكل فاسبيندر في دور البطولة. ومن تايلاند يوفّر المخرج أبتشابونغ ويراسسثأكون، الذي لا يستطيع أحد حفظ اسمه غيباً، لكنّ بعض أفلامه تبقى في البال بما فيها «العم بونمي الذي يتذكر حيواته السابقة»، الذي نال سعفة «كان» سنة 2010. قدّم هنا «ذاكرة» (memoria) (وحيد المسابقة، غالباً، بالأبيض والأسود). أخيراً، فيلم فرنسي سادس عنوانه «الكسر» La Fracture للمخرجة كاثرين كورسيني.

- مهرجانات أخرى
تأتي دورة «كان» هذه السنة كجزء من موسم المهرجانات المهمّة والكبيرة. في السابق كان يكمن على مسافة «آمنة» من برلين (الشهر الثاني) ومن فينيسيا (الشهر التاسع). الآن هو جزء من حفلات الصيف السينمائية وينتهي قبل 48 يوماً فقط من بداية المهرجان الإيطالي (من أول سبتمبر (أيلول) إلى 11 منه). وإذا كان هناك من منافسة بين المهرجانين فإنّ العام الحالي سيطلقها بقوّة. مهرجان يواصل الثقة بأنّه الأول حول العالم من حيث الأهمية (وهو في معايير عدّة كذلك) وآخر مال الميزان صوبه وطفح منذ خمس سنوات بحيث بات العديد من السينمائيين (مخرجين ومنتجين) يفضّلون التعامل معه.
لكن بداية موسم المهرجانات هذا العام لا تبدأ مع «كان» بل في مانهاتن نيويورك. هناك عرض مهرجان تربيكا في مناسبته العشرين 325 فيلماً، معظمها برميير عالمي أو برميير أميركي. وجين روزنثال تخبرنا قبل يومين من الافتتاح الذي تم في 9 يونيو (حزيران)، لعروض استمرّت حتى العشرين منه، أنّه «لم يكن صعباً إيجاد أفلام للعرض. كان صعباً الاكتفاء بما اخترنا عرضه من بين أكثر من 1350 فيلماً وصلنا». وأضافت: «عندما أسسنا جذوره في سنة 2002، كنا مدركين أنّ العالم مليء بالمهرجانات. نيويورك وحدها تحتوي على عشرات المهرجانات بما فيها ثلاثة أو أربعة رئيسية. لكننا انطلقنا لنتميّز بجهد تأكيد على أنّ الثقافة والسينما والحياة بأسرها عليها أن تستمر وتستطيع أن تستمر رغم إرهاب سبتمبر 2001».
بدورها، تقول كارا كوزومانو، رئيسة المهرجان ونائب رئيس البرمجة، إنّ المهرجان اختار مجموعة كبيرة ومتباينة من الأفلام لجمهور عريض: «كنا نعلم أنّ الجمهور توّاق، بعد انتشار الوباء وكل ما صاحبه من مشكلات وعقبات تواصل وممارسة الحياة الطبيعية للعودة إلى المهرجان. على ذلك كان علينا أن نتّخذ الاحتياطات وأن نتجاوز العقبات الكثيرة التي واجهتنا في سبيل إنجاز دورة ناجحة».
أحد هذه الأفلام هو الفيلم العربي الوحيد بين هذه المئات وهو «سعاد» لآيتن أمين (مصر). حظوظ الأفلام العربية في مهرجانات الولايات المتحدة، موزّعة في مهرجانات أخرى مثل سان فرنسيسكو وصندانس وبالم سبرينغز وسانتا باربرا. وفي كندا تورونتو.
بعد «كان» ينطلق المهرجان التشيكي كارلوفي فاري وفي أغسطس (آب) ساراييفو وإدنبرة وسيدني من ثمّ لوكارنو السويسري. وبعد «فينيسيا» في سبتمبر المقبل، تتوالى مهرجانات تورونتو ولندن وسان سابستيان وتليورايد (الولايات المتحدة) وهلسنكي (فنلندا) وزيوريخ (سويسرا). ويأتي أكتوبر (تشرين الأول)، بمهرجانات رئيسية وشبه رئيسية عدّة، أكبرها، بوسان (كوريا) وطوكيو.
خلال وبعد ذلك، تتناهى المهرجانات العربية: أيام قرطاج السينمائية (تونس)، و«الجونة» (مصر)، ومرّاكش (المغرب)، والقاهرة (مصر)، ومهرجان البحر الأحمر (السعودية).
لا ننسى أنّ العالم بات تحت رحمة «كورونا» ومترادفاته وما يسري اليوم من استعدادات في كل هذه المهرجانات قد يتوقف إذا ما وجد العالم نفسه أمام انتشار جديد للوباء.


مقالات ذات صلة

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

يوميات الشرق من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية  والسياسية.

محمد رُضا (ڤينيسيا)
يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».