«تراؤف»... جمعية خيرية لرعاية الأيتام في السعودية بخدمات تنموية

مكّنت الجمعية الكثيرين في مجتمعها المحلي من خلال تنمية مواهبهم ومهاراتهم (الشرق الأوسط)
مكّنت الجمعية الكثيرين في مجتمعها المحلي من خلال تنمية مواهبهم ومهاراتهم (الشرق الأوسط)
TT

«تراؤف»... جمعية خيرية لرعاية الأيتام في السعودية بخدمات تنموية

مكّنت الجمعية الكثيرين في مجتمعها المحلي من خلال تنمية مواهبهم ومهاراتهم (الشرق الأوسط)
مكّنت الجمعية الكثيرين في مجتمعها المحلي من خلال تنمية مواهبهم ومهاراتهم (الشرق الأوسط)

جمعية خيرية سعودية لرعاية الأيتام، تعد أنموذجاً عالمياً في مجال رعاية الأيتام، إذ تتجاوز الدعم المادي إلى خدمات تنموية للمستفيدين داخل الجمعية من اليتامى من الجنسين، إلى بيئة عمل تشبه عمل القطاع الخاص في مجالات متنوعة منها الإعلام والإنتاج.
وكانت جمعية رعاية الأيتام في مدينة حفر الباطن «تراؤف»، قد حصلت على جائزة المؤسسات المتميزة في مجال رعاية الأيتام الدولية لعام 2020 في دورتها الثالثة، وهي من أهم الجوائز الدولية المتخصصة في مجال رعاية الأيتام، وتهدف إلى تجويد الخدمات المقدمة لهم وتطوير العمل المؤسسي في المجال ذاته.
خدمة «بناء الإنسان اليتيم»، شعار ترمي إليه الجمعية لصناعة قصص النجاح من اليتم، إذ تركز على تقديم خدمات تنموية تعزز الجوانب المهارية والمعرفية والتربوية والتعليمية، بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعية والصحية التي يحتاج إليها بشكل أساسي.
ويبلغ عدد الخدمات التي تقدمها جمعية «تراؤف»، 86 خدمة، تتنوع ما بين اجتماعية وتنموية وتربوية وتعليمية وصحية، تحيط بالمستفيد لتضمن البناء المميز على جميع المستويات، كما يتردد الطلاب والطالبات في جميع مراحل التعليم العام والجامعي على أندية جمعية «تراؤف»، التي توفر لهم وسائل النقل وجميع المرافق المجهزة بأحدث الإمكانات التي تُساعد على صقل مواهبهم في شتى المجالات، ويظهر أثرها بالمجتمع من خلال تمكين المستفيدين وأسرهم، كما أنشأت «تراؤف» قسماً كاملاً يُعنى بتمكين الأمهات في مجالات مختلفة إيماناً منها بأنها أساس الأسرة، وبتمكينها اكتفاء ونماء لها.
من جانبه، أشار يوسف الجوعي، مدير عام «تراؤف»، إلى أن الجمعية تعتني بالعمل ضمن أفضل الممارسات المؤسسية، التي تتجلى في تطبيق مواصفات جوائز التميز المحلية والدولية. وأضاف، خلال حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، أن الجمعية تعقد بشكل شهري جلسات الأداء المؤسسي، التي تأتي ضمن جلسات المراجعة الشهرية للأداء المؤسسي، حيث تُستعرض نتائج أداء جميع إدارات وأقسام ووحدات الجمعية بما يشمل الأداء الاستراتيجي والتشغيلي.
وأوضح الجوعي قائلاً: «يشكل أبناء وبنات الذين تخرجوا في فصولها الدراسية لينتقلوا إلى قيادة إداراتها وأقسامها، 48 في المائة من مجموع العاملين فيها. كما مكّنت (تراؤف) الكثير من الأمهات والأبناء في المجتمع من خلال تنمية مواهبهم ومهاراتهم ثم توفير الدعم الكامل لهم، لتشهد حفر الباطن على أثر كل تلك المخرجات الناجحة التي انطلقت محلقة بطموحاتها في خدمة مجتمعها وجمعيتها».
وتعد أروقة «تراؤف» شرياناً حياً في المجالين التعليمي والمهاري بوجود قاعات متنوعة بجانب الفصول التعليمية والمتخصصة في شتى المجالات، كقاعات التدريب وقاعات لتنمية المواهب كالرسم والخط والأشغال الفنية والذكاء الاصطناعي والمونتاج والتصميم والإنفوغرافيك واستديوهات التصوير والتسجيل الصوتي ومكتبات وقاعات للقراءة والحاسب الآلي والترفيه وقاعات عروض سينمائية هادفة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».